خبراء عن بحيرة تشاد: «بؤرة إرهاب» لن تتأثر بضربة النيجر لـ«بوكوحرام»

لحظة مهمة عاشها مسار مكافحة الإرهاب في أفريقيا، إثر مقتل زعيم بجماعة بوكوحرام، لكنها لا تعني بأي حال نهاية التهديد أو تراجعه.
واعتبر خبراء سياسيون فرنسيون وأفارقة أن مقتل زعيم بارز بجماعة بوكوحرام على يد الجيش في النيجر أمس لا يعني بالضرورة تراجع خطر التنظيمات الإرهابية في حوض بحيرة تشاد، حيث يواصل فرع تنظيم داعش في غرب أفريقيا توسيع نفوذه منذ أبريل/نيسان الماضي.
"داعش" يستفيد من الانقسامات داخل التحالف الإقليمي المكلَّف بمكافحة الإرهاب، لتوسيع نفوذه وتكثيف التهديدات بهذه المنطقة.
ويرى الخبراء أن المنطقة تواجه مرحلة دقيقة تتسم بتصاعد الهجمات وضعف التنسيق العسكري بين الدول المعنية، وهو ما يضع الأمن الإقليمي أمام اختبارات صعبة.
ومنذ أبريل/نيسان الماضي، تشهد منطقة بحيرة تشاد تصاعدًا غير مسبوق في الهجمات الإرهابية، يقف خلفه بالأساس "داعش – ولاية غرب أفريقيا" (ISWAP)، الذي تمكن من السيطرة على مواقع استراتيجية كانت سابقًا تحت نفوذ جماعة بوكوحرام.
هذا التحول الميداني منح التنظيم قدرة أكبر على الحركة والتجنيد، ما ضاعف من وتيرة العمليات المسلحة ضد المدنيين وقوات الأمن في المنطقة.
ورغم إعلان الجيش النيجري عن قتل أحد أبرز قادة بوكوحرام، فإن ذلك لا يلغي واقع الانقسام الذي أصاب الحركة منذ مقتل زعيمها أبو بكر شيكاو عام 2021، حيث انضوى جزء كبير من عناصرها تحت لواء "داعش – ولاية غرب أفريقيا"، فيما بقيت مجموعات أخرى تعمل بشكل متفرق وضعيف، وهو ما عزز هيمنة داعش على المشهد، وفق مراقبين.
انتكاسات متتالية
على الجانب الآخر، تواجه الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب انتكاسات متتالية. فرغم وجود قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات (MNJTF)، التي تضم نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، فإن فاعليتها تراجعت بشكل واضح، خصوصًا بعد إعلان النيجر تعليق مشاركتها فيها.
هذا الانسحاب العملي يعكس تصدعات سياسية وعسكرية تهدد وحدة التحالف، ويفتح المجال أمام الجماعات المتشددة لتعزيز نفوذها.
من جانبه، قال الدكتور جان-ماري بوكي، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والمتخصص في النزاعات الأفريقية، لـ"العين الإخبارية"، إن "ما نشهده في حوض بحيرة تشاد اليوم هو نتيجة مباشرة للتنافس بين بوكوحرام وداعش"، موضحًا أن "مقتل أحد قادة بوكوحرام لا يغير المعادلة الميدانية، بل على العكس، قد يسرّع من ابتلاع داعش لبقايا التنظيم، ويزيد من خطورة الوضع".
وأضاف أن "التحالف الإقليمي يواجه تحديًا وجوديًا، يتمثل في أنه من دون تنسيق عسكري وسياسي حقيقي، لن يكون قادرًا على احتواء هذا التهديد المتصاعد".
ولتحقيق اختراق حقيقي، قال الباحث: "لا بد أن يتم ربط الضربة الأخيرة بتكتيكات استباقية تشمل الاستراتيجيات الميدانية وسياسات تنمية محلية، فالاعتماد على إجراءات أمنية عابرة فقط يترك الفراغات التي تستغلها الجماعات الإرهابية".
وتُشير تطورات مايو/أيار ويونيو/حزيران 2025 إلى استمرار السيطرة الجزئية للإرهابيين على جزر بحيرة تشاد، التي يستخدمونها كقواعد لوجستية ومنصات انطلاق، بالإضافة إلى الزراعة والتجارة غير الشرعية، ما يُعقّد أي جهود لتطهير المنطقة بالكامل، حسب تقارير رسمية للاتحاد الأفريقي ومنتدى حكام أقاليم بحيرة تشاد.
"مأزق استراتيجي"
بدوره، قال الدكتور الحسن واد سيسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة داكار والمتخصص في شؤون الأمن والساحل، لـ"العين الإخبارية"، إن الوضع الحالي يعكس "مأزقًا استراتيجيًا"، موضحًا أن "التنسيق الفعلي بين الدول الأربع (نيجيريا، النيجر، تشاد، الكاميرون) بات على المحك، كما أن الأزمة ليست فقط إرهابًا هادمًا، بل إخفاقًا في التصدي الجماعي، إذ لا يمكن لطرف أن يواجه الإرهاب بمفرده؛ بل المطلوب استراتيجية مشتركة قوية".
وأضاف أن "الإرهاب العابر للحدود لا يمكن محاربته بجهود وطنية معزولة، بل يتطلب تنسيقًا أكبر من أي وقت مضى، ومن دون ذلك، فإن داعش سيستغل هذا الانقسام لتعزيز سيطرته، ما يهدد ليس فقط استقرار بحيرة تشاد، بل أمن الساحل الأفريقي بأكمله".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTIyIA== جزيرة ام اند امز