خلال أيام يتوقع أن يصوّت البرلمان التركي على مشروع تعديل دستوري للانتقال بالبلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي
خلال أيام يتوقع أن يصوّت البرلمان التركي على مشروع تعديل دستوري للانتقال بالبلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.
وقد أصبح ممكناً الانتقال إلى هذه المرحلة نتيجة تأييد حزب الحركة القومية بزعامة دولت باهتشلي للتعديل الدستوري. وهذا كان مفاجئاً للغاية على اعتبار أنه كان يعارض أن تتمركز السلطة بيد شخص واحد. وربما كان العداء للأكراد ووعود انتخابية من أبرز عوامل تحوّل موقف باهتشلي.
يطال تعديل الدستور 21 مادة في الدستور الحالي ومن أبرز بنوده:
يلغي الدستور موقع رئيس الحكومة وتنتقل كل الصلاحيات إلى رئيس الجمهورية.
يعين رئيس الجمهورية الوزراء ويقيلهم وتتم مساءلتهم أمامه.
يمكن لرئيس الجمهورية أن يكون حزبياً وتطبق هذه المادة على الرئيس منذ لحظة إقرار الدستور. أي أن رئيس الجمهورية اليوم يمكن أن يعود إلى رئاسة حزب العدالة والتنمية إذا أراد.
ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد خمس سنوات أخرى بدءاً من عام 2019، أي تاريخ نهاية ولاية الرئيس الحالي. ويمكن للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان أن يترشح حينها على النظام الجديد كما لو أنه يترشح للمرة الأولى من دون أن تحسب ولايته الحالية. أي بإمكانه الترشح وتجديد الترشيح عام 2024 ليكون أمامه احتمال البقاء رئيساً للجمهورية حتى عام 2029. فتكون ولايته العامة منذ عام 2002، إذا تحقق هذا السيناريو، في حكم تركيا عملياً 27 عاماً!.
وبيد رئيس الجمهورية صلاحيات تعيين معظم الموظفين الكبار ومنهم رؤساء الجامعات في الدولة وفي المؤسسات القضائية. ومن الصلاحيات حق فسخ البرلمان عند نشوب أزمة بينه وبين الرئيس. كما أن البرلمان له الحق في حل نفسه بنسبة معينة من الأصوات. كما للرئيس لا البرلمان حق إعلان حالة الطوارئ.
لا يجمع الدستور بين الوزارة والنيابية وعلى من يتولى الوزارة من النواب أن يستقيل من دون إجراء انتخابات نيابية فرعية بل تعيين من كان خلفه مباشرة من النواب الراسبين في الدائرة.
تقليل عدد الأعضاء العسكريين في مجلس الأمن القومي واقتصاره على رئيس الأركان وقادة القوات البرية والبحرية والجوية واستبعاد القائد العام للدرك من عضويته.
يرفع عدد النواب إلى 600 (الآن هو 550 نائباً) مع تخفيض سن الاقتراع إلى 18 عاماً (الآن 21 عاماً).
ومن شروط ترشح أي شخص للرئاسة أن يكون حائزاً على تعليم عال من دون أن يحدد إجازة جامعية وهو ما يجد حلاً للنقاش الذي دار حول ما إذا كان أردوغان نفسه يحمل شهادة جامعية أم مجرد شهادة من معهد عال.
من هذه التعديلات فإن تركيا بالفعل أمام مضمون جديد لدستور جديد يختلف عن كل سابقيه من الدساتير منذ أكثر من مئة عام.
ذلك أن هذه التعديلات تنسف النظام البرلماني القائم منذ عام 1923، وتحصر السلطات بيد رئيس الجمهورية الذي هو الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان. وهو تعديل كان أردوغان يطالب به منذ أن انتخب رئيساً للجمهورية في عام 2014 انطلاقاً من أن الرئيس المنتخب من الشعب لا يمكن أن تكون صلاحياته محدودة. وفي الواقع أن أردوغان منذ انتخابه رئيساً للجمهورية وهو يمارس سياسة أمر واقع بحيث كان يتحكم بمفاصل القرار الذي يفترض أن يكون لرئيس الحكومة.
وتغيير النظام السياسي لن يكون شكلياً إذ إن الصلاحيات المعطاة لرئيس الجمهورية ولا سيما أن يكون حزبياً وهو الذي يشكل الحكومة سيقلص كثيراً في ظل الاصطفافات السياسية والاجتماعية من مساحة إمكانية مشاركة الفئات المعارضة ولا سيما الأكراد والعلمانيين في القرار السياسي والشعور بالتهميش ما يمكن أن يولّد مشكلات لا يمكن توقع حجمها ونتائجها.
يتطلب تعديل الدستور نيل موافقة 330 نائباً من أعضاء البرلمان حيث يملك حزب العدالة والتنمية 317 نائباً وحزب الحركة القومية 40 نائباً. أي أنه يضمن النجاح إلا إذا تمرد البعض من نواب الحزبين وحال دون أن ينال الاقتراح 330 نائباً. وفي حال مرور التعديل في البرلمان سيحال إلى استفتاء شعبي في الربيع المقبل على الأرجح حيث تؤكد الاستطلاعات أنه سينال تأييد غالبية في التصويت لتدخل تركيا مرحلة جديدة مبهمة التداعيات شكلاً ومضموناً.
نقلا عن / الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة