مكان الأثرياء والبذخ.. انتقادات تواجه مقر المركز الثقافي الجديد في نيويورك
المركز يهدف لأن يكون "القلب النابض للثقافة" بمجمع هادسن ياردز، الذي أثار انتقادات كثيرة بمكاتبه ومتاجره الراقية باعتباره مكانا للأثرياء
تستعد مدينة نيويورك الأمريكية، الجمعة، لافتتاح مجمّع متعدد الاستخدامات يُضاف إلى ما تقدمه المدينة في مجال الثقافة، ويطمح لجذب الفنانين بمنطقة هادسن ياردز الراقية، وسط انتقادات من الوسط الثقافي لما يرمز إليه المبنى من بذخ.
وتهدف مؤسسة "شيد" المستقبلية الملامح لأن تكون "القلب النابض للثقافة" في مجمّع هادسن ياردز، الذي أثار انتقادات كثيرة بمكاتبه ومتاجره الراقية ومطاعمه المكلفة باعتباره مكاناً مخصصة للأثرياء.
ويدشّن المركز الفني الذي يشبه بتصميمه علبة ضخمة تلفّها بطانية برّاقة منتفخة هذا الأسبوع بسلسلة من الفعاليات أولها عرض موسيقي من إخراج السينمائي البريطاني الشهير ستيف ماكوين تليه مجموعة من الحفلات، من بينها واحد للفنانة الآيسلندية بيورك خلال مايو/أيار المقبل.
وسعى القائمون على المركز إلى إعطاء صورة تدحض الانتقادات الموجّهة إلى مجمّع هادسن ياردز الباذخ، إذ يصل سعر بعض الشقق إلى 30 مليون دولار.
وقال المدير الفني المؤسس لهذا الصرح الثقافي، أليكس بوتس: "نسعى إلى إقامة صرح يكون فيه الإنصاف أعلى مستوى من السابق".
وأضاف المدير الاسكتلندي الأصل الذي سبق له تولي الإدارة الفنية لمهرجان مانشستر الدولي ومؤسسة ثقافية أخرى في نيويورك، أنَّ كلّ تذاكر المعارض ستباع بسعر 10 دولارات وستكون مجانية للأطفال، في حين سيتسنى لـ10% من الجمهور دفع 10 دولارات لحضور الحفلات، بما فيها تلك التي يحييها كبار الفنانين مثل حفلة بيورك.
وتابع بوتس خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء: "لا نوسّع النفاذ فحسب بل ننشئ أيضاً ملتقى لأشخاص من خلفيات مختلفة".
وتتضمّن هذه العمارة الممتدة على 8 طوابق صالتين شاسعتين للعرض لا أعمدة فيها، ومسرحاً يتّسع لـ500 مقعد يمكن تقسيمه إلى جزأين، فضلاً عن مختبر ابتكار ومكاناً للتمرينات وقاعة للعروض الكبيرة مسقوفة لكن يمكن فتحها للفعاليات المنظمة في الهواء الطلق.
ومؤسسة "شيد" هي ثمرة أفكار رئيسها دان دوكتوروف، وهو رجل أعمال تولّى منصب نائب رئيس بلدية نيويورك في عهد مايكل بلومبرج. وتعهّد قبل 23 سنة بترميم الشق الشرقي للمدينة في إطار خطة طموحة وفي مسعى إلى كسب رهان استضافة دورة الألعاب الأولمبية.
وتستذكر كبيرة المهندسين المعماريين في المشروع، إليزابيث ديلر، كيف كانت هذه الفكرة محاطة بسلسلة من علامات الاستفهام سنة 2008 وكان الغموض يلّف هذا المشروع الذي حمل وقتها تعريف "منشأة ثقافية". وكان يبدو أنه "غير قابل للتحقيق" بعدما بلغ الركود أعلى مستوياته في المدينة.
وقالت: "لا يخفى على أحد أن المشاريع الفنية هي أول ما يجري التخلي عنه وقت الأزمات الاقتصادية".
لكن حلم دوكتوروف حصل على دفعة قوية من إدارة بلومبرج الذي شكل تمويله الأعمال الفنية أساس فترة ولايته في مدينة تسعى إلى ترميم صورتها العالمية إلى سابق عهدها قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر، بعد تخصيصها مبلغاً مبدئياً مقداره 75 مليون دولار.
وفي العام 2017، قدَّم الملياردير 75 مليون دولار أخرى وهذه المرة من أمواله الخاصة ما أكسبه حقوق تسمية المبنى.
وقال ديلر عمّا يسميه البعض الهيكل الثقافي الأكبر في المدينة منذ مجمع لينكولن سنتر الذي افتتح في الستينات: "كانت هذه فرصة لإعادة إعمار من الصفر.. بدء الإنشاء إذا صح التعبير".
وغطت كل التبرعات التكاليف الأولية للمبنى والتي وصلت إلى مجموع 500 مليون دولار، وأرجع دوكتوروف الفضل الأكبر في ذلك إلى برنامج "شيد" الذي أراد أن يكون (المجمع) "مختلفاً" في مدينة تنتشر فيها أصلا المؤسسات الثقافية.
وقال إن المجمع لديه القدرة على "التغير بمرور الوقت وإبقاء نيويورك في المقدمة"، موضحا أن تلك البراعة الثقافية "ضرورية لمكانة نيويورك التنافسية".
وجزء من ذلك يعني البحث من داخل المكان، كما قالت تمارا مكاو، رئيسة البرمجة المدنية التي قادت برنامج "شيدز أوبن كال" لدعم الفنانين الناشئين في المدينة الذين قد لا يملكون الموارد الاقتصادية للاستمرار، بمن فيهم سكان المساكن الاجتماعية.
وأضافت: "تركيبة مدينة نيويورك هي ما يدفعنا إلى التأكد من أن هذه المساحة للجميع. وهذا ينعكس في العاملين هنا وما هو البرنامج ومن يشرف عليه".