الشورى نهج الشيخ زايد.. ومجالس الحكام قبلة المواطنين في الإمارات
الدستور الإماراتي حرض على تأكيد أهمية المشاركة السياسية في إرساء قواعد الحكم الاتحادي على أسس سليمة تتماشى مع واقع الإمارات.
احتفت صحيفة "الخليج" الإماراتية بالقيم التي أرساها القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وجعلها أساس دولة الإمارات العربية المتحدة ونهجاً سار عليه وحكام الإمارات الـ7، وذلك احتفاء بالعيد الوطني الإماراتي الـ٤٧ لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
احتياجات المواطنين
الشورى نهج ارتضاه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منذ اللحظات الأولى التي تسلم فيها مقاليد الحكم وطبقه في إدارة البلاد، ووضع نصب عينيه تلمس احتياجات المواطنين وكانت إحدى أهم الركائز الأساسية التي اهتم بها، وكان يتابع باهتمام أعمال المجلس الوطني الاتحادي، والذي كان يرى فيه وجه الأمة ويسمع من خلاله نبضها، ويتعرف على فكر ورأي أبناء وطنه، ويقف على وجهات نظرهم، والآراء التي تدور في فكرهم وعلى لسانهم.
وترسخت على مدى 3 عقود منذ عام 1971 وحتى 2018 علاقة تعاون وشراكة بين القيادة والمجلس الوطني الاتحادي، وبقدرة أبناء الإمارات على تحمل مسؤوليات العمل الوطني في إطار من التشاور والتواصل المستمر بين أفراد الشعب وممثليهم في المجلس من جهة وبين السلطة التنفيذية من جهة أخرى.
وأكد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على ذلك حيث قال في خطابه في المجلس الوطني الاتحادي بتاريخ 12 نوفمبر 1972: «إن أعضاء المجلس الوطني الاتحادي كلهم من أبناء الشعب ويستطيعون أن يعبروا بكل حرية عن آرائهم»، كما أكد مراراً عديدة على أن واجب أعضاء المجلس أن يعبروا بصدق عن احتياجات المواطنين.
نموذج خاص
وبفضل دعم القيادة الحكيمة للمجلس وحرص المواطنين على المشاركة في عملية صنع القرار استطاعت هذه المسيرة أن تعطي نموذجا خاصا في الممارسة الديمقراطية حيث تميزت مسيرة المشاركة والعمل البرلماني في دولة الإمارات بالوعي كونها نابعة من ظروف واحتياجات دولة الإمارات، الأمر الذي تجسد بوضوح بمدى حجم الإنجاز الذي تحقق على صعيد ممارسة المجلس لاختصاصاته وبما يعكس توجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لتحقيق «رؤية الإمارات 2021» التي تتضمن أهدافا طموحة في مجالات التنمية الاجتماعية والتوطين والتعليم والصحة والاقتصاد والإسكان ومختلف الخدمات ومقومات الحياة الحديثة، وكان للمجلس دور متميز بكل تعاون وتكامل وتوافق مع السلطات الأخرى لاسيما السلطة التنفيذية بإسناد وإرشاد لكل ما من شأنه تحقيق مصلحة الوطن وتطلعات أبنائه.
وحرص الدستور الإماراتي على تأكيد أهمية المشاركة السياسية في إرساء قواعد الحكم الاتحادي على أسس سليمة، تتماشى مع واقع الإمارات وإمكانياتها، وقد تبلورت هذه القيم جميعها في الواقع الإماراتي.
ويحرص المجلس باستمرار على تطوير أدوات تواصله مع المواطنين في مواقعهم من خلال الزيارات الميدانية لأعضاء المجلس ولجانه التي شملت مقار بعض الوزارات والمؤسسات الاتحادية في مختلف أرجاء الدولة ومواصلة عقد الحلقات النقاشية ودعوة ممثلي مختلف المؤسسات الحكومية والمجتمعية وجمعيات النفع العام وأصحاب الرأي وذوي الخبرة والاختصاص للاستنارة بأفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم.
وشكل خطاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في افتتاح أول فصل تشريعي، محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس، وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به لتحقيق المشاركة الأساسية في عملية البناء، وفي بناء مستقبل مشرق وزاهر من خلال تحقيق آمال شعب الإمارات نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية، حيث خاطب المغفور له أعضاء المجلس بقوله: «إخواني الأعضاء المحترمون في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر، فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها وبوطنها وبتراثها تتطلع إليكم واثقة بأنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية».
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يحرص على الاستماع لما يبديه الأعضاء من ملاحظات، ونقل هموم المواطنين ويصدر القرارات المناسبة في حينها، أو يحيل المواضيع للجهات المختصة لمتابعتها ومن أبرزها الأمر السامي بإنشاء جامعة الإمارات، وبرنامج الشيخ زايد للإسكان وصندوق الزواج ليجسد حرص القائد وتفاعله مع هموم واحتياجات المواطنين.
مرحلة جديدة
وبهدف تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وفي ممارسة اختصاصاته الدستورية في مناقشة مختلف القضايا التي لها علاقة بالوطن والمواطنين وتعزيز نهج الشورى ومشاركة المواطنين في صنع القرار، جاء إطلاق برنامج التمكين للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في ديسمبر من عام 2005، ويستهدف البرنامج تمكين أبناء وبنات الإمارات في شتى مواقع العمل للمساهمة في مسيرة التنمية المتوازنة الشاملة ترجمة لرؤيته التي تعتبر الإنسان هو هدف التنمية وغايتها وأنه في الوقت ذاته أداتها ووسيلتها.
وفي احتفالات دولة الإمارات باليوم الوطني الرابع والثلاثين في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2005 «أعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في كلمته بهذه المناسبة أن المرحلة المقبلة من مسيرتنا وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات تتطلب تفعيلا أكبر لدور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية، وسنعمل على أن يكون مجلسا أكبر قدرة وفاعلية والتصاقا بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة الحقة، ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم قررنا بدء تفعيل دور المجلس الوطني عبر انتخاب نصف أعضائه من خلال مجالس لكل إمارة، وتعيين النصف الآخر بادئين مسيرة تكلل بمزيد من المشاركة والتفاعل من أبناء الوطن».
التنمية والبناء
وتستهدف عملية التمكين بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، المواطن في شتى مواقع العمل لتمكينه من القيام بدوره على أفضل وجه في خدمة مسيرة التنمية والبناء في دولة الإمارات، حيث حظي العمل البرلماني في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برعاية واهتمام وتوجيه ترجمة للبرنامج السياسي الذي أطلقه رئيس الدولة عام 2005، وما تضمنه من تنظيم انتخابات لنصف أعضاء المجلس عامي 2006 و2011، وتعديل دستوري رقم (1) لسنة 2009، ومشاركة المرأة ناخبة وعضوة، على مدى فصلين تشريعيين «الرابع عشر، والخامس عشر الحالي»، وتوسيع القاعدة الانتخابية لتمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرار.
وتقوم رؤية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على أن التحول عندما يكون جوهريا وهيكليا ومرتبطا بمصير أمة ومستقبل دولة فهو لا يحتمل التسرع أو حرق المراحل، ولا بد أن يجري، مثلما هي سمة الحياة، مدروسا ومتدرجا ومنسجما مع طبيعة المجتمع وخصوصيته واتجاهاته وطموحاته للمستقبل وواقع تركيبته السكانية، لتحقيق مشاركة أوسع وأكثر فاعلية لأبناء الوطن جميعا رجالا ونساء في عملية البناء والتنمية لترسيخ المكاسب والإنجازات التي حققتها الدولة.
انتخابات ناجحة
واستعدادا لفصل تشريعي جديد للمجلس الوطني تجرى عقب انتهاء أشهر الصيف المقبلة انتخابات هي الرابعة منذ أول عملية انتخاب جرت في عام 2006 لانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، فمع نجاح الانتخابات دخلت الإمارات مرحلة جديدة في مسيرة العمل الوطني، بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 3 أكتوبر 2015 وفي الـ24 من شهر سبتمبر 2011 لاختيار نصف أعضاء المجلس، حيث جرى زيادة عدد أعضاء الهيئة الانتخابية ليصبح 300 ضعف عدد المقاعد المخصصة لكل إمارة في المجلس كحد أدنى بعد أن كان هذا العدد 100 ضعف في أول تجربة انتخابية عام 2006.
دور فاعل للمرأة
وأثبتت المرأة الإماراتية من خلال عضويتها في المجلس الوطني الاتحادي، حضورا مميزا وقامت بدور لافت على الصعيد الداخلي بمشاركتها في جميع مناقشات المجلس بطرح الأسئلة على ممثلي الحكومة، ومناقشة الموضوعات العامة، وحازت على رئاسة المجلس الوطني الاتحادي في الفصل التشريعي السادس عشر، ومنصب النائب الأول لرئيس المجلس في الفصل التشريعي الخامس عشر الماضي، وكان للمرأة دور فاعل من خلال مشاركتها في المؤتمرات الخارجية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي خطوة عززت من موقع الإمارات في مصاف الدول المتقدمة في دعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعمل البرلماني، تضمن مرسوم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بشأن تشكيل المجلس الوطني الاتحادي في الفصل التشريعي السادس عشر تعيين 8 عضوات إلى جانب عضوة فازت في الانتخابات، كما تضمن مرسومه رقم «6» لسنة 2007 بتشكيل المجلس الوطني الاتحادي في دور انعقاد الفصل التشريعي الرابع عشر تعيين 8 نساء وكان قد تم انتخاب مرشحة واحدة لعضوية المجلس في التجربة الانتخابية الأولى التي شهدتها الدولة لتشكل نسبة النساء في المجلس الوطني 22.2%، وفي التجربة الثانية فازت سيدة واحدة بالانتخاب وتم تعيين 6 سيدات أخريات وفي التجربة الثالثة التي جرت عام 2015 فازت سيدة واحدة وتم تعيين 8 سيدات.
واقع ملموس
وعملت وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطن الاتحادي على ترجمة برنامج التمكين السياسي للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إلى واقع ملموس، وأسهمت الوزارة في تعزيز الثقة بين الحكومة والمجلس الوطني الاتحادي، ووضعت آليات ونظم واضحة للتنسيق بين الحكومة والمجلس عززت من العلاقة بين السلطتين، كما حرصت الوزارة على إنشاء أجهزة ووحدات تنظيمية لتعزيز التنسيق بين السلطتين، وتم تخصيص منسقين مدربين ومؤهلين في جميع الوزارات لديهم قدرة عالية على التعامل وتنسيق الموضوعات المتعلقة بعمل المجلس الوطني الاتحادي.
وأدت وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين الحكومة والمجلس الوطني الاتحادي من خلال عقد لقاءات دورية ومستمرة لا تقل عن 4 لقاءات سنوياً بين ممثل الحكومة ورئيس المجلس الوطني الاتحادي وبين وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي والأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي، بالإضافة إلى لقاءات دورية تجمع ممثلي الجهات الحكومية الاتحادية وممثلي أمانة المجلس الوطني الاتحادي.
نهج متوازن
تتميّز تجربة الإمارات بالتوازن، آخذة في الاعتبار الخصوصية الحضارية والدينية والثقافية للمجتمع الإماراتي، الأمر الذي يؤدّي دائما إلى استقرار الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ما يعد التطور السياسي والمؤسّسي في الدولة أحد الجوانب المهمّة في مسيرة نجاح تجربة اتحاد الإمارات. وسبق أن أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في كلمته بمناسبة اليوم الوطني في الثاني من ديسمبر 2011م بقوله: «ن توسيعَ المشاركة الشعبية، توجّهٌ وطني ثابت، وخيارٌ لا رجوع عنه، اتخذناه بكامل الإرادة، وسنمضي في تطويره تدرجاً بعزم وثبات، تلبيةً لطموحات أبناء شعبنا في وطن، يتشاركون في خدمته وتطوير مجتمعه، ولقد أنجزنا بنجاح المرحلة الثانية في المسار المتدرج الذي اتخذناه منهجاً، لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الانتخابات.
التجربة البرلمانية
قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في الكلمة التي ألقاها في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي السادس عشر يوم 6 نوفمبر 2016 : «تحية من هذا المنبر لشهداء الوطن المخلصين وآلاف فرق العمل المتفانين وإلى جميع المسؤولين الحكوميين وإلى أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الموقرين، تحية لكل من يعمل كفريق واحد لخدمة ورفعة وعزة شعبنا ووطنا وعلمنا ودستورنا.. على بركته وتوفيقه نفتتح مجلسكم الميمون.. ونرجو من الله عز وجل أن يكون هذا الافتتاح افتتاح خير وبركة للبلاد والعباد.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA== جزيرة ام اند امز