النيجر تعيد ضبط مؤسساتها القضائية.. خطوة نحو «إعادة التأسيس»

خطوات متتالية يخطوها النيجر نحو "تأسيس" الدولة الجديدة، كان آخرها قرارات "ضبط الإيقاع القضائي"، فيما أثار ردود فعل متباينة.
ويرى خبراء متخصصون في الشأن الأفريقي، أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات في النيجر بشأن إعادة هيكلة المشهد النقابي القضائي تمثل خطوة ضرورية نحو ترسيخ الانضباط المؤسسي وحماية هيبة الدولة.
وأكد الخبراء أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مشروع أوسع لـ"إعادة التأسيس" الذي يهدف إلى تعزيز الاستقرار السياسي وضمان استقلال القضاء من التسييس النقابي المفرط.
وأثارت التطورات الأخيرة في قطاع العدالة اهتماماً واسعاً بعد أن أعلنت السلطات قبل أسبوعين عن حل خمسة نقابات قضائية، أعقبها شطب عضوية قاضيين من النقابة المستقلة لقضاة النيجر.
والأسبوع الماضي، بدأ القضاة إضراباً مفتوحاً بدعوة من نقابة "سَمان"، وذلك في الوقت الذي نشر فيه الحكومة مرسوماً جديداً "يتعلق بانضباط القضاة خلال فترة إعادة التأسيس".
وهذا المرسوم يمنح رئيس الدولة صلاحيات استثنائية لضمان انضباط السلك القضائي وصون صورة المؤسسات الوطنية.
رؤية قانونية
وقال الباحث النيجيري في قضايا الحكم والمجتمع الأفريقي، إيبينيزر أوباداري لـ"العين الإخبارية"، إن هذه القرارات "تستهدف بالأساس وقف التسييس المفرط داخل الجسم القضائي الذي كان، في مراحل سابقة، أحد أسباب ضعف ثقة المواطنين في العدالة".
وأشار الباحث إلى أن "الأمر التنظيمي الجديد يتيح معالجة أي سلوك قد يضر بمكانة المؤسسات الدستورية، ما يعزز بدوره ثقافة المسؤولية والالتزام المهني داخل المحاكم".
وأوضح إيبينيزر أوباداري، أن "النيجر تدخل مرحلة جديدة تتطلب إعادة صياغة علاقة القاضي بالدولة والمجتمع، بعيداً عن التوترات النقابية التي قد تعيق سير العدالة".
وتابع: "ما يحدث اليوم ليس قمعاً، بل هو نوع من إعادة الانضباط، شبيه بما جرى في دول أخرى بعد التحولات السياسية الكبرى، حيث تم ضبط العلاقة بين القضاء والسلطة التنفيذية لحماية هيبة الدولة وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات".
من جانبه، اعتبر الدكتور كوامي نكروما-أغيي، المتخصص الغاني في السياسات العامة والإدارة الأفريقية في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "مرحلة إعادة التأسيس في النيجر تمثل فرصة تاريخية لإعادة ترتيب البيت الداخلي، بما يضمن أن يكون القضاء مستقلاً في أحكامه لكن أيضاً منضبطاً في ممارساته، بعيداً عن التجاذبات النقابية التي قد تُستخدم أحياناً كغطاء لمعارك سياسية".
الموقف الحقوقي
ورغم أن بعض المنظمات الحقوقية الدولية، مثل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)، أعربت عن مخاوفها بشأن تأثير هذه القرارات على حرية التنظيم النقابي، فإن السلطات النيجرية تؤكد أن الإصلاحات القضائية ضرورية لحماية الدولة من الانقسامات الداخلية وضمان سير العدالة في أجواء مستقرة.
ومنذ تولي المجلس الوطني لحماية الوطن مقاليد الحكم، حرصت السلطات في نيامي على إطلاق مشروع "إعادة التأسيس"، الذي يتضمن إصلاحات سياسية وأمنية واقتصادية وقضائية.
ويعتبر ضبط الجسم القضائي جزءاً محورياً من هذا المشروع، إذ يهدف إلى إعادة الثقة في مؤسسات الدولة وتأكيد أن القانون فوق الجميع.
وتؤشر هذه الإجراءات إلى أن النيجر تسعى إلى بناء مرحلة جديدة عنوانها الانضباط المؤسسي وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن، وفق مراقبين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز