بـ"ختم" أمريكا.. انقلاب النيجر يغرس أقدامه في الرمال المتحركة
بعد شهر صعب وتوترات جمة، يبدو أن أقدام الانقلاب تترسخ في النيجر وتخلق أمرا واقعا يتعاطى معه المجتمع الدولي بـ"براغماتية".
وفي مثال على التعاطي البراغماتي مع الواقع، قال قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا، أمس الأربعاء، إن الجيش الأمريكي استأنف مهام مكافحة الإرهاب في النيجر، حيث أطلق طائرات بدون طيار وطائرات أخرى خارج القواعد الجوية في البلاد بعد أكثر من شهر من الانقلاب الذي أوقف تلك الأنشطة.
ومنذ الانقلاب الذي حدث في 26 يوليو/تموز الماضي، ظلت القوات الأمريكية المنتشرة في البلاد، وقوامها 1100 جندي، محصورة داخل قواعدها.
والأسبوع الماضي، أعلن البنتاغون أنه تم نقل بعض الأفراد العسكريين والأصول العسكرية من القاعدة الجوية القريبة من العاصمة نيامي إلى قاعدة أخرى في أغاديز. وتبعد المدينتان عن بعضهما البعض بحوالي 920 كيلومترًا.
عودة المهام
ولم يكن سبب هذا الانتقال واضحا، لكن الجنرال جيمس هيكر، القائد الأعلى للقوات الجوية في أوروبا وأفريقيا، ذكر أمس، أن بعض مهام الاستخبارات والمراقبة هذه تمكنت في الأسابيع الأخيرة من استئنافها من خلال المفاوضات الأمريكية مع المجلس العسكري.
وأوضح هيكر: "لفترة من الوقت، لم نقم بأي مهام في القواعد. لقد أغلقوا المطارات إلى حد كبير". وأضاف: "من خلال العملية الدبلوماسية، نقوم الآن - لن أقول 100% من المهام التي كنا نقوم بها من قبل، لكننا نقوم بكمية كبيرة من المهام التي كنا نقوم بها من قبل".
هيكر، الذي تحدث للصحفيين في المؤتمر السنوي لرابطة القوات الجوية والفضاء في ناشيونال هاربور بولاية ماريلاند، لفت إلى أن الولايات المتحدة كانت تقوم بمهام مأهولة وغير مأهولة (أي بطائرات مسيرة)، وأن تلك الرحلات استؤنفت "خلال الأسبوعين الماضيين".
وتعني المسافة الكبيرة بين قاعدتي نيامي وأغاديز، أيضًا أنه أثناء انطلاق الرحلات الجوية، فإن بعض المهام "لا تحصل على قدر كبير من البيانات، لأنها لا تحلق في السماء لفترة طويلة" بسبب كمية الوقود اللازمة للخروج والعودة، وفق الجنرال الأمريكي الذي لم يذكر تفاصيل أخرى.
قاعدة رئيسية
وخلال الفترة التي سبقت الانقلاب، جعلت الولايات المتحدة من النيجر مركزها الإقليمي الرئيسي للقيام بدوريات واسعة النطاق بواسطة طائرات بدون طيار مسلحة وغيرها من عمليات مكافحة الإرهاب ضد الحركات الإرهابية التي استولت على مر السنين على الأراضي وذبحت المدنيين واشتبكت مع جيوش أجنبية.
وتشكل القواعد العسكرية في النيجر جزءاً مهماً من الجهود الشاملة التي تبذلها أمريكا لمكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا. كما استثمرت الولايات المتحدة سنوات ومئات الملايين من الدولارات في تدريب القوات النيجيرية.
وتمت الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 من يوليو/ تموز، من قبل قوات الحرس الرئاسي بقيادة الجنرال عبدالرحمن تشياني، في ثالث انقلاب في المنطقة منذ عدة سنوات بعد استيلاء عسكريين على السلطة في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين.
وارتبط الانقلاب في النيجر بموجة "خصومة" ضد الغرب وخاصة فرنسا، حيث تخلى قادة الانقلاب عن عدة اتفاقيات تعاون عسكري مع باريس، وسط مظاهرات متكررة في البلاد تعادي الأخيرة وترفع أعلام روسيا.
وفي الأيام الأخيرة، تكثفت التكهنات حول تدخل عسكري محتمل لمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في نيامي لإعادة بازوم للسلطة، فيما صعدت وتيرة التوتر مع فرنسا.
وسجلت منطقة غرب أفريقيا، حيث تقع النيجر، أكثر من 1800 هجوم إرهابي في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 4600 شخص، وفقا لـ (إيكواس).
وتنشط جماعة بوكو حرام المتطرفة في نيجيريا وتشاد المجاورتين. وعلى طول حدود النيجر مع مالي وبوركينا فاسو، يشكل تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة تهديدات أكبر.