داعش وبوكو حرام في صراع النفوذ.. تناحر يشعل ساحل أفريقيا
صراع النفوذ بين أكبر تنظيمين إرهابيين في نيجيريا يضع ساحل أفريقيا بين فكي الإرهاب ويرفع وتيرة الفوضى بمنطقة باتت تشكل بؤرا للمتطرفين.
ومنذ 14 عاما، ترزح ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا تحت مد إرهابي حيث تسيطر جماعة بوكو حرام وتنظيم "داعش في غرب أفريقيا" على مساحات شاسعة منها، وتكثفان الهجمات فيها.
ويشكل تناحر التنظيمات المتطرفة تحديا جسيما للرئيس النيجيري المنتخب بولا تينوبو، وهو الملف نفسه الذي أثقل عهد سلفه محمد بخاري.
ومنذ فترة طويلة، بدأت بوكو حرام وداعش أولا النزاع بسبب خلافات عقائدية، وتدريجيا، تحول هذا التنافس إلى حرب من أجل الهيمنة على حوض بحيرة تشاد ومحيطه حيث تمارس كل من الجماعتين نفوذا.
وفي الأسابيع الماضية، تكثفت حدة المعارك ما أوقع مئات القتلى لا سيما في قريتي جيرير وجمعة تورو قرب الحدود مع النيجر.
وقال مصدر في الاستخبارات النيجيرية لوكالة فرانس برس: "نحن على علم بالمعارك الدائرة بين الإرهابيين، وهو أمر جيد بالنسبة لنا، وبالتالي نراقب لنرى كيف سيتطور الوضع".
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: "من الصعب إعطاء حصيلة تشمل الجانبين، لكن الأرقام هائلة. نتحدث عن أكثر من 200 قتيل، فقط في جمعة تورو".
انضمام أو موت
حوض بحيرة تشاد الذي تمتد شواطئه بين نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد، يشكل مساحة شاسعة من المياه والجزر الصغيرة والمستنقعات حيث أقامت بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب أفريقيا ملاذات.
وبدأت المواجهات الأخيرة في 19 فبراير/شباط الماضي، حين اقتحم مقاتلون من بوكو حرام معسكرات لداعش في تومبون غيني كايوا، بحسب صياد تحدث لوكالة فرانس برس.
وأطلق أبو بكر قناي، أحد كبار قادة بوكو حرام بمساعدة اثنين من أعوانه، هجوما على جزيرتين يسيطر عليهما تنظيم داعش، واقتحموا سجنا وأفرجوا عن العديد من المعتقلين والرهائن، بحسب المصدر نفسه.
وقال الصياد، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن "المواجهات استمرت من الفجر حتى الساعة 17,00 وأرغمت تنظيم داعش على التخلي عن المعسكرين".
وأضاف أن عناصر بوكو حرام "توعدوا باستعادة كل الجزر التي يقولون إنها كانت تخصهم قبل أن يسيطر عليها داعش".
هجوم مضاد
ردا على ذلك، أطلق تنظيم داعش هجمات على معسكرات بوكو حرام قرب غابة سامبيسا الملاذ المعروف للإرهابيين، ما أسفر عن مقتل عدة أشخاص، بحسب إبراهيم ليمان وهو زعيم ميليشيا محلية.
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أي عشية الانتخابات الرئاسية، فر مقاتلون من بوكو حرام بدورهم ما أدى إلى استسلام مئات منهم وعائلاتهم، كما أضاف ليمان.
والأسبوع الماضي، أعلن الجيش النيجري أنه قتل "حوالي ثلاثين ارهابيا" من بوكو حرام واعتقل 960 آخرين بينهم نساء وأطفال فروا من نيجيريا المجاورة.
وأصبح تنظيم داعش في غرب أفريقيا المجموعة المهيمنة في المنطقة بعد مقتل زعيم بوكو حرام أبو بكر الشكوي في مايو/أيار 2021 خلال الاقتتال.
وخوفا من أن يتم إعدامهم، انضم بعض المقاتلين من بوكو حرام إلى داعش فيما استسلم آخرون أو لاذوا بالفرار.
ووعد بولا تينوبو الذي انتخب في نهاية فبراير/شباط الماضي رئيسا لنيجيريا، بتجنيد كثيف لعناصر في الشرطة والجيش، لكن خبراء يخشون أنه بدون استراتيجية جديدة وإصلاح للقوى الأمنية فإن "الطريق المسدود" في شمال شرق البلاد سيستمر.
الطفولة على المحك
الأمم المتحدة أعلنت الجمعة أن 10 ملايين طفل في بوركينا فاسو ومالي والنيجر يواجهون "خطراً شديداً"، وهم بحاجة ماسة لمساعدة إنسانية.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إنّ هذا الرقم هو ضعف ما كان عليه في العام 2020، في حين أنّ أربعة ملايين طفل آخرين معرّضون للخطر في دول غرب أفريقيا المجاورة بسبب انتشار المعارك بين الجماعات المسلّحة وقوات الأمن عبر الحدود.
ونقل بيان للمنظمة عن مديرتها الإقليمية لمنطقة غرب ووسط أفريقيا، ماري بيار بوارييه، قولها إن "الأطفال يقعون بشكل متزايد وسط النزاعات المسلّحة، كضحايا للاشتباكات العسكرية المتصاعدة أو لمجموعات مسلحة غير حكومية".
وأضافت أنّ "العام 2022 كان عنيفا بشكل خاص على الأطفال في منطقة وسط الساحل. يجب على جميع أطراف النزاع وقف الهجمات على الأطفال ومدارسهم ومراكزهم الصحية ومنازلهم بشكل عاجل".
وحذرت يونيسف من أن العنف كان ينتشر من منطقة وسط الساحل إلى المناطق الشمالية في بنين وكوت ديفوار وغانا وتوغو، والتي تعد مجتمعات نائية يتمتّع فيها الأطفال بفرص محدودة للغاية للحصول على الحماية والخدمات.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zIA== جزيرة ام اند امز