يدرك قادة منطقة الساحل أن مكافحة الإرهاب تتطلب ابتكارا مستمرا لمواجهة تقنيات الهجوم التي يستخدمها الإرهابيون.. وأحد اهتمامات جيوش الساحل هو إحراز تقدم كافٍ في قدراتها القتالية الجوية.
في السنوات الأخيرة، نشهد حصول دول الساحل على الطائرات والمروحيات، ومؤخرا طائرات دون طيار "درونز أو مسيّرات"، ليس فقط للأغراض القتالية، ولكن أيضا لأغراض المراقبة والرصد.
وتحظى الطائرات التركية دون طيار بقبول جيد، وقد اشترتها بالفعل بلدان أفريقية عدّة مثل توجو وجيبوتي وليبيا وإثيوبيا ونيجيريا والمغرب وتونس وبوركينا فاسو والنيجر ومالي.
وفي بوركينا فاسو، تم تسلم خمس طائرات تركية دون طيار من طراز "تي بي 2" بسعة حمولة 150 كجم في أبريل/نيسان الماضي.
وفي شهر مايو/أيار 2022، تسلّمت النيجر ست وحدات أخرى من طائرات "تي بي 2" في مطار نيامي.. كما حصلت مالي في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي على طائرتين دون طيار من طراز "تي بي 2"، فضلا عن محطة تحكم أرضية متنقلة.
وقد أرادت الحكومة المالية المشاركة في عمليات جمع البيانات، التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة في البلاد، "مينومسا"، لكن البعثة رفضت طلب السلطات.. وقد أدى ذلك الموقف بالحكومة المالية إلى منع تحليق طائرات الاستطلاع الألمانية دون طيار فوق أجوائها في عام 2023، ومن المتوقع أن تسحب برلين قواتها من مالي بحلول شهر مايو/أيار 2024.
وفي خضم كل تلك التطورات، أصبحت مالي تثير المخاوف الأوروبية، لا سيما بعد تأكيد تلقيها مساعدات عسكرية واستشارة وتجهيزات مختلفة من روسيا.
وقد زوّدت روسيا الجيش المالي في 9 أغسطس/آب الماضي بخمس طائرات هجومية خفيفة من طراز " آيرو إل-39 ألباتروس"، وطائرتين هجوميتين من طراز "سو-25، وطائرتي هليكوبتر.
وبين عامي 2017 و2018، سلّمت روسيا معدات قتالية جوية لمالي بهدف محاربة الإرهابيين.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الطائرات يقودها طيارون روس.. ومع زيادة أسطول الطائرات، سيُنظر إلى ذلك على المدى المتوسط على أنه "تهديد" لدول أخرى، ما قد يخلق مشكلة موازية للإرهاب في المنطقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، طلبت النيجر من تركيا تزويدها بـ12 طائرة من طراز "هوركوس"، كما سبق لها أن طلبت طائرات "بيرقدار". وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، منحت فرنسا للنيجر طائرتَي هليكوبتر للهجوم والاستكشاف من طراز "إس آي 342".
من ناحية أخرى، كانت لدى النيجر بالفعل طائرتان من طراز "سو-25"، وطائرتان من طراز "مي-35"، وطائرتان من طراز "مي-171".. بالإضافة إلى هذه التجهيزات، تحظى الدولة الواقعة في غرب أفريقيا بدعم عسكري من الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي.
وتتابع نيجيريا أيضا خطط تجهيز جيشها بوسائل القتال الجوي، وفي نهاية عام 2022، اشترت أبوجا 10 طائرات دون طيار مسلحة تكتيكية صغيرة من طراز "سونغار" من تركيا للمساعدة في قتال الإرهابيين.
وفي السابق، كانت نيجيريا تمتلك طائرتَي "بيشكرافت كينغ آير 360"، و4 طائرات دياموند دي آي-62، و3 طائرات مسيرة من طراز وينغ لونغ، و6 مروحيات تي-129 أتاك.
وفي الآونة الأخيرة، اشترت نيجيريا طائرات نيديريا جي إف-17 توندير وآي-29 سوبر توكانو، ويُتوقّع تسليم 12 طائرة هليكوبتر متعددة المهام من طراز أغوستا 109 تريكير، و24 طائرة هجومية من نوع إم-346.
وترتبط الفعالية القتالية للطائرات المسيرة ارتباطا مباشرا بالحصول على معلومات استخبارية توفر بيانات حول مواقع الإرهابيين أو خططهم.. ولن تكون عمليات الشراء الأخيرة للمعدات القتالية والاستطلاع الجوي من قبل دول الساحل الحلَّ السحري للقضاء على الإرهاب، لكنها قد تكون أسلوبا آخر لتدمير قواعده دون التسبب في خسائر بصفوف الجيوش الوطنية.
في مالي، بدأت بالفعل تظهر فعالية المعدات الحربية الجديدة.. ففي 25 يناير/كانون الثاني المنصرم، أعلنت السلطات أن الجيش قضى على 65 إرهابيا وقبض على 42 آخرين، في هجمات بطائرات هليكوبتر وطائرات دون طيار من طراز "بيرقدار" في الشهرين الماضيين.
ونفّذ الجيش المالي في هذه الفترة 62 مهمة قتالية، 22 منها محمولة جوا و17 هجوما جويا، بعضها بطائرات تركية دون طيار، ما يدل على فاعلية هذا التغيير في التكتيكات الحربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة