رسالة دولة الإمارات دائما وأبدا كانت وستظل أنه لا بديل عن الحوار والحلول السياسية لتخفيف توترات منطقة الشرق الأوسط.
هذا بالضبط ما شدد عليه معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، تعليقا على انفجارات أصفهان بإيران، مؤخرا، فقد باتت الرسالة الإماراتية معروفة لدى الجميع، وهي أن طبيعة المشكلات والأزمات، التي تعانيها منطقتنا تحتاج إلى قرارات تتصف بالشجاعة، وذلك من أجل تهيئة مناخ من الثقة والاحترام المتبادل لتفكيك هذه المشكلات وتعقيداتها لأن التصعيد ليس في مصلحة أحد.
الحوار والحلول السياسية ليسا من الخيارات السهلة، التي يمكن أن يتبناها أحد، وتدرك دولة الإمارات ذلك، لكن مصلحة المنطقة تتطلب ألا ينظر أي طرف للآخر باعتباره عدوًّا، لأن هناك ببساطة العديد من البؤر في منطقتنا يمكن أن تفجرها بأكملها.
هذا الموقف من دولة الإمارات يأتي ليؤكد أن أي استخدام للقوة المسلحة ليس مطلوبا، حتى لو كان الهدف منه تعديل سياسات توصف بأنها "معاكسة" لاستقرار الشرق الأوسط.
وانفجارات أصفهان الإيرانية واحدة من عدة عمليات تم توجيهها ضد أهداف إيرانية في السنوات الأخيرة، وهي عمليات تتصف بأنها "تكتيكية" ضد أهداف محددة، ما يعني استراتيجيا أن مَن قام بهذه العملية لا يريد ولا يرغب في مواجهة عسكرية شاملة، وذلك لأسباب مفهومة ومنطقية، حيث إن كُلفة المواجهة ستكون باهظة على الأطراف في العالم وعلى استقرار الشرق الأوسط، وبالتالي فإن هذا الاعتقاد يتطابق والطرح الإماراتي بشأن فتح حوار بين دول المنطقة وإجراء مفاوضات لخلق أرضية للتفاهم من أجل الوصول إلى حلول سياسية للأزمات العالقة.
وبشيء من التركيز والواقعية، علينا أن نؤكد متغيّرَيْن دوليين، باعتبارهما دوافع لهذه الضربة، التي استهدفت إحدى منشآت الصناعات العسكرية في إيران، والتي تتعدى الحسابات الإقليمية، وهما:
المتغير الأول أن إيران باتت توفر المسيّرات التي تخدم عمليات عسكرية خارج حدودها.. لذا فإن "ضربة أصفهان" ليست منفصلة عن تطورات أزمات أخرى، كالأزمة الأوكرانية مثلا.. خصوصا في ظل التصعيد الجاري والمتوقع بين الجانبين، الروسي والغربي.
المتغيّر الثاني أن الولايات المتحدة، التي زار وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، إسرائيل، بعد إتمام الضربة، لم تعد لديها قيود أو موانع من هكذا إجراء، لأن المفاوضات النووية مجمدة ومستقبلها مجهول، ولو مؤقتا.. بل إن من شأن "ضربة أصفهان" توصيل رسالة واضحة إلى إيران بأن منهج الحوار، الذي تتبناه إدارة الرئيس بايدن رغم أهميته، ليس الخِيار الوحيد.. وأن البدائل المتاحة والقابلة للاستخدام في لعبة "عض الأصابع" لا تقتصر على العقوبات الاقتصادية أو الدبلوماسية.. خاصة أن إحياء الاتفاق النووي هدف تكتيكي، أما الهدف الاستراتيجي فهو "ترشيد السلوك الإيراني".
الرسالة المهمة، التي ينبغي على الجميع استيعابها، أن اتباع السياسات التصادمية وضرب الاستقرار الإقليمي لا بد وأن يرتد سلبا على أصحابه.. وأن السبيل الوحيد لتحقيق الازدهار والاستقرار والتنمية، وطنيا وإقليميا، هو التعاون والتفاهم وتسوية الأزمات وطرح حلول توافقية يكسب من خلالها الجميع، وإلا ساد المنطقة الاضطراب والتوتر، وهذا لن يستثني أحدا.. هكذا علمتنا التجارب السابقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة