بوكو حرام.. غول الإرهاب غربي أفريقيا
شهدت نيجريا واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية التي نفذتها جماعة بوكو حرام الإرهابية، بحق مدنيين عزل.
فعلى بعد نحو 1000 كيلومتر، لم يكن يتصور عمال ولاية سوكوتو النيجيرية، أن رحلة بحثهم عن العمل شرقا، وتوظيفهم بموسم حصاد الأرز، ستنهي حياتهم على يد واحدة من أخطر الجماعات الإرهابية وأعنفها في أفريقيا وهي جماعة بوكو حرام.
النهاية المأساوية أودت بحياة ٤٣ مزارعا بعد أن نصبت عناصر بوكو حرام كميناً للمزارعين، في مايدوغوري في شمال شرق البلاد.
ولا يزال هناك 8 في عداد المفقودين، ويعتقد أنهم مختطفين.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها إرهابيو بوكو كرام مجموعات من المزارعين، ففي الشهر الماضي ذبحوا في هجومين منفصلين نحو 22 مزارعا، كانوا يعملون في ذات المنطقة شرقا.
وتنشط جماعة بوكو حرام في منطقة الغرب الأفريقي، مركزين هجماتهم على المزارعين والصيادين ومربي الماشية، بدعوى نقل معلومات عنهم للجيش النيجيري والفصائل التي تحاربهم.
٢٠٢٠ الأكثر دموية
ويعد عام ٢٠٢٠ هو العام الأكثر دموية في تاريخ تنظيم بوكو حرام الإرهابي، إذ إن مسلحي تلك الجماعة يستمرون في تنفيذ العشرات من العمليات الإرهابية التي تتنوع بين القتل والذبح والاختطاف، دون تفرقة بين المدنيين و العسكريين أو الأطفال والشيوخ.
وخلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نفذت بوكو حرام نحو 12 عملية إرهابية في منطقة بحيرة تشاد بغرب القارة السمراء ، منهم ١٠ عمليات إرهابية، أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 79 شخصًا وإصابة العشرات بالإضافة إلى اختطاف 17 آخرين، وفق مؤشر العمليات الإرهابية في أفريقيا الصادر عن "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف".
ووفق التقرير فإن أسلوب الاختطاف بات سلاح جماعة بوكو حرام الإرهابية من أجل البقاء؛ فعلى الرغم من تعرض هذا التنظيم في الآونة الأخيرة لسلسلة من الانتكاسات والهزائم، لا يزال حتى الآن يشكل الأكثر خطورة ودموية في الغرب الأفريقي ودولة نيجيريا بصفة خاصة.
ويشير المرصد إلى أن عمليات الاختطاف التي ترتكبها بوكو حرام تعدُّ تجارة رابحة ومصدرًا رئيسًا لتمويل الجماعة؛ إذْ يتم استخدام المختطفين في المقايضة مع الحكومة لإطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، أو إجراء عملية تبادل مع المقبوض عليهم من بوكو حرام.
وقبل أسبوع من حادث ذبح المزارعين، فتح مسلحو بوكو حرام النار وأطلقوا قذائف صاروخية على سبعة جنود نيجيريين، في كمين في ولاية بورنو المضطربة في شمال شرق البلاد.
نيجريا.. الأكثر إرهابا
وبحسب تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام ٢٠٢٠، احتلت نيجيريا المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إرهابًا في العالم، وشهدت زيادة هجمات بوكو حرام على الأهداف العسكرية في ٢٠١٩.
وتعد هذه المرة السادسة على التوالي التي يصنف فيها المؤشر نيجيريا ، كثالث دولة لديها أسوأ تأثير من الجرائم الإرهابية على مستوى العالم.
وبحسب التقرير ارتفع عدد القتلى من 62 شخصا عام 2018 إلى 148 شخصا في عام 2019.
وفي ٢٠٠٩، خطط تنظيم بوكو حرام للتمدد في غرب أفريقيا والسيطرة على نطاق منطقة بحيرة تشاد، فاستهدفت أعمال العنف دول مثل النيجر وتشاد والكاميرون، محققة مخططها في ٢٠١٥ بالسيطرة الكاملة على تلك الدول.
وفي أبريل/ نيسان ٢٠١٩، أعلنت بوكو حرام، الموالية لتنظيم داعش عن ولاية جديدة تابعة للتنظيم الارهابي في غرب أفريقيا، ما تسبب في تمدد الجماعة الإرهابية إلي أغلب دول منطقة الساحل والصحراء (مالي وبوركينا فاسو).
ويتكون اسم جماعة بوكو حرام، من كلمتين، الأولى بوكو، وتعنى باللغة الهوسية "دجل"، أو "ضلال"، والمقصود بها التعليم الغربي، وحرام كلمة عربية ويعنى المقطعان معا "تحريم أو منع التعليم الغربي".
تاريخ من العنف
وتاريخيا، تعود بدايات الجماعة الإرهابية الأعنف في أفريقيا، لعام 2000 عندما بدأت نشاطها الدعوي لمدة عامين قبل أن تغيير نهجها إلى النشاط الإرهابي على يد محمد يوسف، الذي تولى رئاسة الجماعة في ذلك الحين وكان يدعو لتطبيق الشريعة.
وفي عام ٢٠٠٩، نجحت الشرطة النيجيرية في تنفيذ حكم الإعدام ضد "يوسف" بعد اعتقاله في أعقاب اقتحام سجن في ولاية بوتشي، شمال شرق البلاد، وعقب مقتله تولى أبو بكر شيكاو، صاحب استراتيجية خطف الفتيات من المدارس والتهديد باستهداف المصالح الأمريكية، زعامة التنظيم الإرهابي.
ويرى مراقبون أن جماعة "بوكو حرام" قد تغير نهجها على المستوى التنظيمي و القتالي منذ تولي شيكاو لزمام الأمور.
وفي عام 2016 انقسمت الجماعة إلى فصيلين، أحدهما موالٍ لتنظيم داعش الإرهابي، وهو الأكثر نشاطًا وعنفا، بقيادة «أبو عبدالله البرناوي»، والفصيل الآخر بقيادة شيكاو، ويتبع تنظيم القاعدة الإرهابي.
ورصدت الولايات المُتّحدة الأمريكيّة نحو ٧ مليون دولار كمكافأة من أجل الحصول على معلومات تقود إلى اعتقال "أبوبكر شيكاو" وفق برنامج "المكافآت من أجل العدالة" الذي أطلقته الخارجيّة الأمريكيّة في أعقاب هجمات 11سبتمبر ٢٠٠١.
كما أعلنت الحكومة النيجيرية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 عن مكافأة مبلغا قدره 50 مليون نايرا (ما يعادل 317 ألف دولار) لمن يبلغ عن مكان أبوبكر شيكاو.
وفي يونيو/ حزيران ٢٠١٢ أدرجت الحكومة الأمريكية "شيكاو" إضافة إلى اثنين من قيادات التنظيم وهما أبو بكر آدم قنبر وخالد البرناوي على قائمة الإرهاب.
ورغم أزمة كورونا، لايزال تنظيم بوكو حرام ينفذ عمليات إرهابية بحق الأبرياء، مدعيا في الوقت نفسه أن "الفيروس المستجد عقاب من الله".