لا للتصعيد نعم للتفاوض.. دول كبرى تجنح إلى مهادنة ترامب في حرب التجارة

أبدت دول كبرى ميلها إلى استبعاد التصعيد وسلوك المسار التفاوضي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للتعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن مؤخرا.
وشملت القائمة كلا من إندونيسيا والهند وفيتنام وتايوان وإيطاليا.
إندونيسيا: لا إجراءات مضادة
قال وزير الاقتصاد الإندونيسي أيرلانغا هارتارتو اليوم الأحد إن بلاده لن تتخذ إجراءات مضادة ردا على رسوم ترامب البالغة 32%.
وإندونيسيا هي الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
وأضاف الوزير في بيان أن إندونيسيا ستتبع السبل الدبلوماسية والمفاوضات لإيجاد حلول مفيدة للطرفين.
ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على إندونيسيا، إحدى الدول الست الأكثر تضررا من هذه الإجراءات في جنوب شرق آسيا، حيز التنفيذ يوم الأربعاء.
وقال أيرلانغا إن الحكومة الإندونيسية ستستطلع موقف الشركات غدا الاثنين للمساعدة في صياغة استراتيجية للتعامل مع الرسوم الجمركية الأمريكية، وستجد طرقا لزيادة التجارة مع الدول الأوروبية كبديل للولايات المتحدة والصين.
وذكرت جاكرتا أنها سترسل وفدا رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة.
وتشير بيانات الحكومة الإندونيسية إلى أن إندونيسيا سجلت فائضا تجاريا 16.8 مليار دولار العام الماضي مع الولايات المتحدة، ثالث أكبر وجهة لصادراتها، إذ تلقت شحنات قيمتها 26.3 مليار دولار في 2024.
وتشمل الصادرات الإندونيسية الرئيسية إلى الولايات المتحدة الإلكترونيات والملابس والأحذية.
الهند: المحادثات جارية
من جهة أخرى، قال مسؤول حكومي هندي إن الهند لا تعتزم الرد على الرسوم الجمركية البالغة 26% التي فرضها ترامب، مشيرا إلى محادثات جارية للتوصل إلى اتفاق بين البلدين.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لكون تفاصيل المحادثات سرية، أن إدارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تدرس أحد بنود الأمر الذي أصدره ترامب بشأن الرسوم الجمركية والذي يقدم مهلة محتملة للشركاء التجاريين الذين "يتخذون خطوات كبيرة لمعالجة الترتيبات التجارية غير المتبادلة".
وقال مسؤول حكومي ثان طلب عدم الكشف عن هويته إن نيودلهي ترى ميزة في كونها واحدة من أوائل الدول التي بدأت محادثات بشأن اتفاق تجاري مع واشنطن، وهي في وضع أفضل من نظيراتها الآسيوية مثل الصين وفيتنام وإندونيسيا التي فرض عليها ترامب رسوما جمركية أكبر.
واتفقت الهند والولايات المتحدة في فبراير/ شباط على التوصل إلى اتفاق تجاري بحلول خريف عام 2025 لحل خلافهما بشأن الرسوم الجمركية.
وأوردت رويترز الشهر الماضي أن نيودلهي منفتحة على خفض الرسوم الجمركية على واردات أمريكية بقيمة 23 مليار دولار.
واتخذت إدارة مودي عددا من الخطوات لكسب تأييد ترامب، منها خفض الرسوم الجمركية على الدراجات الهوائية الفاخرة وإلغاء ضريبة على الخدمات الرقمية أضرت بشركات تكنولوجيا أمريكية عملاقة.
وربما تؤدي الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الهند بمقدار يتراوح بين 20 و40 نقطة أساس في السنة المالية الحالية، وقد تتسبب في تعثر صناعة الألماس في الهند، مما يعرض آلاف الوظائف للخطر. وتصدر الهند أكثر من ثلث منتجاتها من الألماس إلى الولايات المتحدة.
تايوان: نسعى لإزالة الحواجز
من جهته، قال الرئيس التايواني لاي تشينغ-ته إن تايوان لن تفرض رسوما تجارية مضادة على واشنطن بل ستزيل الحواجز التجارية وستزيد الشركات التايوانية تدريجيا استثماراتها في الولايات المتحدة.
وتواجه تايوان رسوما جمركية بنسبة 32% على صادراتها إلى الولايات المتحدة.
ومع ذلك لا تُطبق الرسوم الجمركية الأمريكية على أشباه الموصلات، وهي من الصادرات التايوانية الرئيسية.
وخلال اجتماع مع مسؤولين تنفيذيين من شركات صغيرة ومتوسطة الحجم في مقر إقامته، قال لاي إنه نظرا لاعتماد تايوان على التجارة فسيواجه الاقتصاد حتما صعوبة في التعامل مع الرسوم الجمركية، لكنه يعتقد أنه يمكن تقليل الأثر إلى أدنى حد.
وأضاف الرئيس التايواني في تصريحات أصدرها مكتبه "في مواجهة ’الرسوم الجمركية المضادة’ الأمريكية، لا تعتزم تايوان اتخاذ إجراءات انتقامية، ولن يكون هناك أي تغيير في الالتزامات الاستثمارية للشركات تجاه الولايات المتحدة ما دامت تخدم المصلحة الوطنية".
وأعلنت شركة تايوان سيميكوندكتور مانيوفكتشرنج (تي.إس.إم.سي)، وهي أكبر شركة لتصنيع الرقائق الإلكترونية في العالم، الشهر الماضي عن استثمار إضافي 100 مليار دولار في الولايات المتحدة.
وقال لاي "في المستقبل، وبالإضافة إلى زيادة استثمارات (تي.إس.إم.سي)، ستتمكن قطاعات أخرى مثل الإلكترونيات والمعلومات والاتصالات والبتروكيماويات والغاز الطبيعي من زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة وتعزيز التعاون الصناعي بين تايوان والولايات المتحدة".
وأضاف أن الحواجز التجارية غير المرتبطة بالرسوم الجمركية تُعد مؤشرا للولايات المتحدة لتقييم عدالة التجارة، وأن تايوان ستبادر إلى إزالة مثل هذه الحواجز القائمة منذ سنوات عديدة لتسهيل المفاوضات التجارية مع واشنطن.
إيطاليا: سنستخدم الأدوات التفاوضية
وفي ذات السياق، تعهدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني بحماية الشركات المتضررة من رسوم ترامب.
وتواجه ميلوني مهمة دبلوماسية صعبة لأنها حليفة لترامب لكن يجب عليها أيضا الدفاع عن قطاع التصدير الإيطالي الذي قد يعاني بسبب رسوم جمركية تبلغ 20% على الصادرات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.
وقالت ميلوني في رسالة مصورة إلى مؤتمر حزب الرابطة، الشريك في الائتلاف الحاكم "لا نوافق بالطبع على قرار الولايات المتحدة، لكننا مستعدون لاستخدام كل الأدوات، سواء التفاوضية أو الاقتصادية، اللازمة لدعم شركاتنا وقطاعاتنا التي ربما تتضرر من فرض هذه (الرسوم)".
وذكرت وسائل إعلام إيطالية اليوم أن ميلوني ربما تجري محادثات مع ترامب في واشنطن الأسبوع المقبل، في أول زيارة لها للولايات المتحدة منذ حضورها حفل تنصيب الرئيس في يناير/ كانون الثاني.
فيتنام.. صدمة وأمل
وفي ذات السياق أيضا، اتفق الرئيس دونالد ترامب ونظيره الفيتنامي تو لام يوم الجمعة على مناقشة اتفاق لإلغاء الرسوم الجمركية، وصرحا بذلك بعد اتصال هاتفي وصفه ترامب بأنه "مثمر للغاية".
وحتى قبل إعلان ترامب يوم الأربعاء عن فرض رسوم جمركية عالمية كبيرة، خفضت فيتنام عدة رسوم جمركية في إطار سلسلة من الامتيازات للولايات المتحدة، والتي تضمنت أيضا تعهدات بشراء المزيد من السلع الأمريكية مثل الطائرات والمنتجات الزراعية.
وقالت غرفة التجارة الأمريكية وغرفة التجارة الفيتنامية "التوصل إلى اتفاق سريع وعادل من شأنه أن يُعزز ثقة الشركات، وسيُساعد في تصحيح اختلال التوازن التجاري بين البلدين بما يعود بالنفع على كل منهما".
وطلبت شركات أمريكية وفيتنامية من إدارة الرئيس الأمريكي تأجيل فرض رسوم جمركية تبلغ 46% على السلع الفيتنامية، قائلة إن الضريبة ستضر بها وبالعلاقات التجارية الثنائية.
وعبرت غرفة التجارة والصناعة الفيتنامية وغرفة التجارة الأمريكية في هانوي في رسالة لوزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك تحمل تاريخ أمس السبت عن قلقهما إزاء الرسوم الجمركية التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء، بوصفها "مرتفعة بشكل صادم".
وصرحت غرفة التجارة الأمريكية وغرفة التجارة الفيتنامية في بيان بأن "خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الواردة إلى فيتنام، وعلى المنتجات التي تصل إلى المستهلك الأمريكي، هو ما سيفيد الشركات والاقتصاد والمستهلكين في الولايات المتحدة".
وأضاف البيان "الرسوم الجمركية المرتفعة لن تُفيد".
وحققت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، وهي مركز تصنيع إقليمي رئيسي للكثير من الشركات الغربية، فائضا تجاريا تجاوز 123 مليار دولار مع الولايات المتحدة أكبر وجهة لصادراتها العام الماضي.