مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية" يختصر كل مفاهيم السيادة والمساواة بين الدول التي من حقها اختيار نظمها السياسية والاجتماعية وغيرها
نبدأ من أصل الحكاية التي تقول إن الدول وفق المواثيق الدولية تتساوى في الحقوق والالتزامات الصغرى منها والكبرى.. هو مبدأ يختصر كل مفاهيم السيادة والمساواة بين الدول التي من حقها اختيار نظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها ولها حق التصرف في مصادرها ومواردها الطبيعية.. إنه مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية" وكفى!!
التاريخ مليء بقصص نضال سطرتها الأنظمة والشعوب دفاعاً عن هذا المبدأ الذي ولد مع الزمن كما يقال إبان الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩، حيث أحدثت نظاماً سياسياً جديداً شكل مصدر خطر على عروش ملوك أوروبا آنذاك مع انتشار النظم الملكية، ما دفعهم لتهديد فرنسا بالتدخل في شؤونها الداخلية والخارجية فأصدرت دستورها عام ١٧٩٣ الذي فيه يمتنع الشعب الفرنسي عن التدخل في شؤون حكومة دولة أخرى، ولا يقبل أن تتدخل الحكومات الأخرى في شؤونها الداخلية. وهنا كانت البداية التي جرت عليها الدول العظمى بيْد أنها أباحت وحللت العديد من المواقف وفق مصالحها الاقتصادية قبل كل شيء والتاريخ مليء بالقصص.
اليوم وبالنظر إلى منطقتنا المحيطة تحرك المطامع والأيديولوجيا إيران وتركيا لتحدثا شغباً في المحيط، متناسيتين تنامي الثقل السياسي والخليجي الذي تقوده الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وتساندها فيه دولة الإمارات العربية المتحدة، فيتجدد النداء اليوم عبر الدبلوماسية الحذرة والحذقة لدى القيادتين اللتين تبنيان نموذجاً عربياً يسهم في إيجاد الحلول السلمية ووقف التدخلات الخارجية لأجل سلام المنطقة.
من واجب الدول اتجاه أشقائها وأصدقائها في محيطها الجغرافي المساندة والتمكين لما فيه صالح الإنسان أولاً وأخيراً وهو دور تؤمن به الإمارات التي بذلت الروح والدم والمال ولا تزال كما يتضح في اليمن، حيث ستواصل الدولة تقديم المساعدات ومحاربة التهديدات الإرهابية وحماية الأمن البحري
وهذه الدبلوماسية تقوم على محاولة مد جسور التعاون وليس بالمنافسة المدمرة بين القوى العظمى التي تؤدي إلى تفاقم الأزمات وزيادة تداعياتها وآثارها السلبية، كما أكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في حديثه لملتقى أبوظبي الاستراتيجي، مشدداً أيضاً على ضرورة بناء ثقافة احترام السيادة الوطنية ومعالجة الفكر الأيديولوجي العابر للحدود الذي لا يقر بشرعية الحدود الوطنية.
فمن واجب الدول اتجاه أشقائها وأصدقائها في محيطها الجغرافي المساندة والتمكين لما فيه صالح الإنسان أولاً وأخيراً وهو دور تؤمن به الإمارات التي بذلت الروح والدم والمال ولا تزال كما يتضح في اليمن، حيث ستواصل الدولة تقديم المساعدات ومحاربة التهديدات الإرهابية وحماية الأمن البحري، ودعم جهود الأمم المتحدة وزيادة الوئام في المنطقة عبر اللجوء إلى المفاوضات وإيجاد خارطة طريق تقود نحو ازدهار المنطقة لا خرابها.
اليوم الدول تسير وفق القوانين والأعراف الدولية، فحينما كانت القوة العسكرية هي سلاح الدول المستخدم للدفاع عن السيادة ووقودها الناس والنار، بات الحوار والتفاهم والتفاوض سلاحاً أقوى وقوده الصبر والإمهال، ووفقاً للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة أقر في المادة "33" على أنه "يجب على كل أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدوليين للخطر أن يلتمسوا حله - بادئ ذي بدء - بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجئوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها".. ولعل لنا في وساطة الإمارات لحل الصراع الإثيوبي الإريتيري خير دليل على قوة الكلمة والحكمة التي تقف في وجه الحرب الضروس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة