نالت المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا جائزة نوبل للسلام، وذلك من خلال معارضتها لحاكم استبدادي كمادورو، وتأسيسها حركة اجتماعية لتتحدى نظامًا قمعيًا في دولة تمتلك مليارات الاحتياطات النفطية، لكنها ترزح تحت وطأة الفقر.
لكن الأغرب ليس انتصار ماريا وتحقيقها للجائزة، بل صدمة البعض من عدم تحقيق ترامب لها. ربما ظن البعض أن خشية اللجنة القائمة على الجائزة من تصرفات ترامب في حال عدم فوزه، من شأنه أن يدفع القائمين عليها إلى إعادة النظر في تكريمه والفوز بها، أو التخوف مما قد ينجم عنه من تصرفات أحادية تجاه النرويج هذه المرة، وكانت "بلومبرغ" قد تحدثت عن أبسطها وهو فرض رسوم جمركية عليها.
لكن يتضح من خلال إعلان فوز ماريا كورينا ماتشادو أن على ترامب العمل بشكل أكبر لتحقيق الجائزة، وأن القائمين على الجائزة رسّخوا فكرة أنها بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية، والبروباغندا، وأنها قائمة على معايير مؤسساتية حقيقية.
وفي الوقت الذي يزعم ترامب بعد الوصول إلى اتفاقية غزة، بأنه قُدِّر له إيقاف 8 حروب خلال فترته الوجيزة بالبيت الأبيض. وبعيدًا، عن ما ينظر إليه على أنه ادعاء في إيقاف 8 حروب، بعضها لم تكن حروبًا من الأساس، إلا أن الواقع يقول بأن ترامب "جمّد هذه الصراعات" ولم يقم بحلها بشكلٍ حقيقي.
فلا يزال إقليم كشمير متنازعًا عليه بين الهند وباكستان، والشكّ والريبة تحيط بما وقّع عليه فيه البيت الأبيض بين أرمينيا وأذربيجان، والجولة الثانية بين إيران وإسرائيل تلوح في الأفق بحسب الكثير من المراقبين، اضافةً إلى خروقات مستمرة بين جماعة "إم٢٣" المدعومة من رواندا والكونغو، أما صربيا وكوسوفو فلم يكن هناك تصعيد عسكري قائم أصلًا، والنزاع القائم بين مصر وإثيوبيا هو نزاع دبلوماسي حول سد النهضة، أما تايلاند وكمبوديا فقد كان تهديده بعرقلة الصفقات التجارية مع الولايات المتحدة مسكّنًا للصراع، وسببًا في عودة شيء من الهدوء، لا حلًا للنزاع.
ومن جانب اتفاق غزة، لا تزال المرحلة الأولى في طور التنفيذ، في ظل توجس كافة الأطراف من تصرفات نتنياهو أولًا، وبنديّ نزع سلاح حماس وابتعادها عن العمل السياسي في القطاع.
من الجيد أن يحضر في البيت الأبيض رئيس يطمح إلى تحقيق نوبل للسلام، ولربما يدفع ذلك ترامب في ظل بقاء أكثر من 3 سنوات لولايته، أن يعمل بشكل حقيقي وجوهري لحلّ أزمات المنطقة من جذورها، لا تجميدها وترك أساس الصراع قائمًا، وللولايات المتحدة قبل رئيسها القدرة على ذلك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة