سياسة
لغز الهليكوبتر.. "تخريب" نورد ستريم ساحة جديدة للمواجهة بين روسيا وأمريكا
رغم مرور أيام على اكتشاف تسريبات الغاز في خطي نورد ستريم، إلا أن ادعاءات "التخريب المتعمد" ما زالت ساحة للمواجهة بين أمريكا وروسيا.
ففيما ترى روسيا، أن الولايات المتحدة لديها الكثير لتكسبه فيما يتعلق بتجارة الغاز جراء الأضرار التي لحقت بشبكة خط أنابيب نورد ستريم تحت بحر البلطيق، كانت أمريكا في الجهة المقابلة ترفض اتهامات موسكو وتصفها بأنها غير مسؤولة.
ورغم أنه لم يتضح بعد الطرف الذي قد يكون وراء أي هجوم على خطي الأنابيب اللذين أنفقت روسيا وشركاؤها الأوروبيون مليارات الدولارات لمدهما، إلا أن الساعات الأربع وعشرين الماضية، كانت بمثابة ساحة جديدة للمواجهة بين القوتين العظميين، وخاصة بعد إشارة الاتحاد الأوروبي إلى أن استهدافًا متعمدًا، قد يكون وراء التسريبات.
فماذا حدث في 24 ساعة؟
المكاسب والخسائر وراء ما وصف بـ"التخريب المتعمد" لخطي الغاز الروسيين نورد ستريم 1 و2 الذي قد يعرقل تصدير الغاز الروسي لأوروبا لسنوات قادمة، كانا المحرك وراء الاتهامات المتبادلة بين أمريكا وروسيا، خلال الساعات الماضية.
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتهم الجمعة الغرب بتدبير انفجارات نجم عنها تسرب الغاز في عدة مواقع من خطوط أنابيب تورد ستريم التي تربط بين روسيا وأوروبا، قائلا: "العقوبات غير كافية بالنسبة الى الغربيين، انتقلوا إلى التخريب. أمر لا يصدق لكنه حقيقة".
وأضاف بوتين في خطاب متلفز أثناء حفل أقامه الكرملين لإعلان ضم أربع مناطق أوكرانية لروسي: "عبر تدبير الانفجارين في خطي أنابيب غاز نورد ستريم الدوليين في قاع بحر البلطيق، بدأوا في الواقع بتدمير البنى التحتية الأوروبية المرتبطة بالطاقة"، مشيرًا إلى أنه "من الواضح بالنسبة للجميع من المستفيد من ذلك".
أمريكا تندد
وبعيد تصريحات بوتين، رفض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للغرب بالوقوف وراء الانفجارات التي تعرض لها خطا أنابيب نورد ستريم لنقل الغاز.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي: "ليس لدي ما أقوله حول هذه المزاعم العبثية للرئيس بوتين لجهة أننا أو شركاءنا الحلفاء مسؤولون في أي حال عن هذا الأمر".
وفيما اعتبرت دول غربية أن تسرب الغاز من خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2 هو نتيجة أعمال تخريبية، قال بلينكن إن هوية مرتكبها غير واضحة، مشيرًا إلى أنه "على اتصال وثيق" بنظيريْه الدنماركي والسويدي بشأن ما حصل.
مجلس الأمن.. ساحة للمواجهة
ساحة المواجهة بين القوتين العظميين انتقلت إلى مجلس الأمن؛ فالسفير الروسي لدى الأمم المتحدة قال لمجلس الأمن إن الولايات المتحدة لديها الكثير لتكسبه فيما يتعلق بتجارة الغاز جراء الأضرار التي لحقت بشبكة خط أنابيب نورد ستريم تحت بحر البلطيق، لكنه لم يصل إلى حد تحميل واشنطن مسؤولية انفجارات هذا الأسبوع.
وتناول اجتماع المجلس الذي انعقد بناء على طلب روسيا التسريبات التي تم اكتشافها يوم الثلاثاء في خطي أنابيب نورد ستريم 1 و 2 اللذين أنفقت عليهما شركة جازبروم التي تسيطر عليها روسيا وشركاؤها الأوروبيون مليارات الدولارات.
وقال السفير فاسيلي نيبينزيا إن السؤال الرئيسي بشأن الانفجارات هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستفيد من تدمير خطوط الأنابيب "الجواب بالتأكيد"، مشيرًا إلى أنه "يجب أن يحتفل موردو الغاز الطبيعي المسال الأمريكيون بالزيادة المتعددة في إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا".
إلا أن ريتشارد ميلز نائب ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة قال في الاجتماع إن "الولايات المتحدة تنفي بشكل قاطع أي تورط في هذا الحادث ونرفض تأكيدا يقول عكس ذلك".
وأضاف ميلز أن الولايات المتحدة عززت صادرات الغاز الطبيعي المسال في السنوات الأخيرة لأن روسيا لم تكن لفترة طويلة موردا موثوقا به للطاقة إلى أوروبا.
لغز الطائرة الهليكوبتر
نشر مركز الأبحاث الروسي "فاتفور"، منشورًا مفاده أن "مروحية أمريكية تحمل علامة النداء FFAB123"، يُزعم أنها طارت في الثاني من سبتمبر/أيلول على طول مسار نوردستريم 2"، مضيفًا أن المروحية الأمريكية، طارت تحديدا بين النقطتين، حيث وقع الحادث".
وفيما حظي منشور مركز الأبحاث الروسي "فاتفور" حول المروحية الأمريكية بـ1.7 مليون مشاهدة، انتشرت هذه الرواية بشكل كبير على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
أين الحقيقة؟
وفيما لم يتضح بعد من الجهة التي تقف خلف التخريب المزعوم لأنابيب الغاز، قالت "دويتشه فيله" الألمانية، إن تحقيقًا أجرته حول رحلة الهليكوبتر المذكورة، أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن تكون المروحية الأمريكية مرتبطة بالأمر لأسباب جغرافية أساسا.
فالموقع الدقيق لتسريبات الغاز، يقع في نطاق السيادة البحرية الدنماركية؛ فوفقًا للمعلومات والتحذيرات الملاحية فإن ثلاثة من أربعة تسربات غاز تم اكتشافها تقع هناك، أما تسرب الغاز الرابع الذي اكتشفه خفر السواحل السويدي فلم يحدد موضعه بعد.
وقال "دويتشه فيله"، إنه باستخدام موقع "فلايت رادار"، فإن مسار طيران الرحلة FFAB123 ليوم الثاني من سبتمبر/أيلول أظهر مسار طيرانها بالقرب من بورنهولم، وأنها لم تقترب من خط الأنابيب أو مواقع تسرب الغاز.
ويظهر موقع "فلايت رادر"، أن الرحلة المزعومة كانت بعيدة حوالي 9 أو 30 كيلومترًا عن موقع تسرب الغاز، مما يؤكد "زيف" الادعاءات بتورط مروحية أمريكية في الأمر.