كوريا الشمالية تجرّب في أوكرانيا وتتعلم.. والعين الجنوبية ترصد

رغم «التكلفة البشرية الباهظة» التي تتحملها كوريا الشمالية بسبب حرب أوكرانيا، إلا أنها «تطور على الأرجح» تكتيكات حديثة مثل حرب المسيرات.
وقبل أيام، أقرت روسيا للمرة الأولى بالدور الذي لعبه الكوريون الشماليون في القتال ضد أوكرانيا. ونشرت وسائل الإعلام الروسية لقطات ظهر فيها جنود كوريون شماليون وهم يتدربون على أسلحة روسية حديثة، بما في ذلك بندقية نصف آلية عيار 12 تُعرف باسم «فيبر-12»، والتي تحتوي على تعديل لإسقاط المسيرات.
ومن المرجح أن تراقب كوريا الجنوبية بقلق متزايد هذه الدروس القيمة التي تتعلمها جارتها الشمالية، وفقا لما ذكره موقع «بيزنس إنسايدر» الأمريكي.
وفي العام الماضي، وقّع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقية أمنية تاريخية، تساعد بيونغ يانغ بموجبها موسكو عسكريا مقابل الدعم التكنولوجي والدبلوماسي الروسي. وكشرت هذه الاتفاقية العزلة الدولية التي فرضتها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية لتفكيك أسلحتها النووية.
وفي فبراير/شباط الماضي، زعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير/شباط، أن 4 آلاف جندي كوري شمالي قُتِلوا أو جُرِحوا، لكن هذا الثمن قد يراه كيم مستحقا مقابل تعزيز وتحديث جيشه الذي لم يشارك في حرب نشطة منذ خمسينيات القرن الماضي.
وفي تصريحات لـ«بيزنس إنسايدر»، قال جاكوب باراكيلاس، رئيس قسم أبحاث استراتيجيات وسياسات وقدرات الدفاع في مؤسسة راند، إن الخبرة التي يكتسبونها «ليس فقط كيفية العمل تحت النيران وتكبد الخسائر وكيفية استمرارهم في العمل، بل أيضًا التأثير النفسي الذي يُحدثه ذلك على جنودهم».
دروس المسيرات
ومن أبرز هذه التقنيات استخدام المسيرات المنتشرة في ساحات القتال في أوكرانيا، والتي تُستخدم في عمليات المراقبة والهجمات.
ووفقًا لمسؤولين أوكرانيين، تكيفت القوات الكورية الشمالية مع التنقل في مجموعات صغيرة لتجنب المسيرات بعدما كانت تتقدم في البداية بمجموعات كبيرة.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية مقتطفات من مذكرات جندي كوري شمالي متوفى حصلت عليها الاستخبارات الأوكرانية، ووصف خلالها تكتيكات إسقاط المسيرات حيث يعمل جندي واحد كطُعم لجذب المسيرة بينما يقوم آخرون بإطلاق النار عليها.
وقالت الصحيفة: «يجب أن يبقى الطُعم على مسافة 7 أمتار من المسيرة، ويجب على الجنديين الآخرين الاستعداد لإسقاط المسيرة من مسافة تتراوح بين 10 و12 مترًا وعندما يتوقف الطُعم، ستتوقف الطائرة ويمكن إسقاطها».
وقال باراكيلاس إن هذه التكتيكات تُظهر «أنهم يكتشفون، مرة أخرى، وبتكلفة باهظة، سبل مواجهة التكنولوجيا الحديثة باستخدام أساليب عسكرية تقليدية ومهارات ميدانية تقليدية».
وبحسب جوزيف س. بيرموديز الابن، رئيس قسم كوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، فإن «هذه كانت أول فرصة تُتاح لكوريا الشمالية لرؤية مسيرات في ساحة معركة، وخاصة المسيرات الصغيرة المخصصة للاستطلاع والاستطلاع التكتيكي والضربات التكتيكية». ورجح أن تكتسب كوريا الشمالية أيضًا فهمًا أعمق لاستخدام المسيرات في مهام استراتيجية بعيدة المدى.
ومثلما نشرت روسيا مسيرات بعيدة المدى إيرانية الصنع ضد البلدات والبنية التحتية الأوكرانية بعيدًا عن خطوط المواجهة، يبدو أن كوريا الشمالية تُطوّر نماذج لأغراض مماثلة.
وأشار بيرموديز إلى الدروس التي تتعلمها كوريا الشمالية في مهاجمة المواقع المحصنة، وبناء جسور الأنهار للدبابات، وتمويه وإخفاء القوات.
دروس كورية
وقبل نشر قواتها في أوكرانيا، زودت كوريا الشمالية روسيا بآلاف قذائف المدفعية والصواريخ الباليستية، لكن القتال أثبت أنها أسلحة رديئة للغاية وقال بيرموديز إن بيونغ يانغ ستستخلص الدروس من ذلك أيضًا.
وأضاف: «مراقبة الجودة تُمثل دائما مشكلة في كوريا الشمالية»، مشيرا إلى أن «إدراكهم لضعف جودة ذخائرهم قد أدى إلى تحسين تصنيعها».
ومع ذلك، يشكك البعض في سرعة تعلم النظام العسكري الكوري الشمالي. وقال بيرموديز إنه لا يزال من غير المعروف كيف تدمج بيونغ يانغ لخبراتها الميدانية في عقائدها العسكرية وتدريبها. وأضاف: «ليس لدينا فهم جيد لهذا الأمر بعد».
وقال باراكيلاس إنه ليس من الواضح مدى نجاح ترجمة بعض الدروس التي قد تعلمتها كوريا الشمالية في أوكرانيا إلى أي صراع محتمل مع الجنوب. وأوضح أن المسيرات لا تتأقلم دائمًا بشكل جيد في البيئات الجبلية التي تُشكل جزءًا كبيرًا من شبه الجزيرة الكورية.