كوريا الشمالية والتجربة الأقوى منذ 5 سنوات.. "الردع" على الرؤوس المتفجرة
أسبوعا وراء الآخر منذ مطلع العام الجاري، وتستمر كوريا الشمالية في استعرض قوتها الصاروخية، عبر تجارب إطلاق متعددة، تحمل "تكتيك الردع" على رؤوسها المتفجرة.
فقد أطلقت كوريا الشمالية الأحد أقوى صاروخ لها منذ عام 2017، حسب ما أعلنت جارتها الجنوبية، التي تعتقد أن التجربة الجديدة، إيذان باستئناف تجاربها النووية أو إطلاق الصواريخ البالسيتية العابرة للقارات.
هذا الاختبار هو السابع الذي تجريه بيونج يانج منذ بداية العام، وآخر مرة أجرت كوريا الشمالية عددا كبيرا من التجارب خلال مدة زمنية قصيرة كانت في عام 2019، بعد انهيار المحادثات بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون والرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
ومذاك بلغت المحادثات بين البلدين طريقا مسدودا وأصبح اقتصاد بيونج يانج يعاني من جراء العقوبات الدولية، وإغلاق الحدود الذي فرضته كوريا الشمالية على نفسها في مواجهة كورونا.
الأقوى منذ 5 سنوات
وقالت كوريا الجنوبية الأحد، إن كوريا الشمالية تتبع "مسارا مشابها" لمسار عام 2017 عندما كانت التوترات في ذروتها في شبه الجزيرة الكورية.
وأعلن الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن في بيان أن بيونج يانج "تقترب من خرق الوقف الاختياري الذي فرضته على نفسها"، والذي علّقت بموجبه التجارب النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
وقالت هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية إنها رصدت فجر الأحد إطلاق "صاروخ باليستي متوسط المدى بزاوية عالية باتجاه الشرق".
وأطلق الصاروخ من مقاطعة جاغانج الشمالية، أي مِن حيث كانت كوريا الشمالية أطلقت أيضا ما تزعم أنها صواريخ فرط صوتية.
وأشارت هيئة الأركان المشتركة إلى أن الصاروخ قطع مسافة 800 كيلومتر في 30 دقيقة وطار على ارتفاع ألفي كيلومتر قبل أن يسقط في بحر اليابان، فيما قالت طوكيو إن الأمر يتعلق بصاروخ متوسط أو طويل المدى.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية هيروكازو ماتسونو إن طوكيو "احتجت بشدة على كوريا الشمالية"، متهمة إياها "بتهديد أمن اليابان وسلمها" بهذه الاختبارات.
مزيد من التحديات
وقالت سو كيم، المحللة في مؤسسة "راند" إن كوريا الشمالية "تسرع تدريجا" الآن اختبار أسلحتها، واعتبرت أن "كيم كبحَ شهيته" فيما يتعلق بـ"الاختبارات والاستفزاز".
مضيفة "الوقت حان الآن، وعمليات الإطلاق الصاروخية المتكررة تُضيف مشكلة أخرى إلى لائحة ضخمة بالفعل من التحديات الدولية التي تواجه واشنطن".
وقال ليف إيسلي، الأستاذ في جامعة إيها، إن "نظام كيم يستمع لما يقال في الخارج عن ضعفه الداخلي". وأضاف "بالتالي فهو يريد أن يذكّر واشنطن وسيؤول بأن أي محاولة لإطاحته ستكون مكلفة جدا".
ويستعرض النظام الكوري الشمالي قدراته العسكريّة ويُواصل تجاهل عرض الولايات المتحدة لإجراء محادثات.
ومنذ بداية 2022، شرعت بيونج يانج في سلسلة جديدة من الاختبارات، شملت صواريخ فرط صوتية، وذلك في أعقاب خطاب ألقاه كيم في ديسمبر/كانون الأول، جدّد فيه التزامه تحديث الجيش.
وكانت بيونج يانج أجرت اختبارَين آخرين هذا الأسبوع، وأربع تجارب أخرى على الأقلّ هذا الشهر.
والجمعة نشرت وكالة الأنباء الرسميّة الكوريّة الشماليّة صورًا لكيم خلال زيارته مصنعًا للذخيرة، بعد أسبوع على تهديد بيونج يانج باستئناف تجاربها للصواريخ النووية والباليستية الطويلة المدى التي علّقتها منذ 2007.
وأثارت هذه السلسلة من الاختبارات المحظورة إدانة عالميّة واستدعت عقد اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة ردا على ذلك، ما أثار غضب كوريا الشمالية.
تصعيد متزامن
تأتي هذه التجارب في مرحلة حسّاسة تشهدها المنطقة، إذ تستضيف الصين الحليف الرئيسي الوحيد لنظام كوريا الشمالية، دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير/شباط، بينما تُجري كوريا الجنوبية انتخابات رئاسية في مارس/آذار.
وتستعد بيونج يانج للاحتفال بالذكرى الثمانين لميلاد والد كيم، الزعيم الراحل كيم جونغ إيل في فبراير/شباط، ثم الذكرى العاشرة بعد المئة لميلاد كيم إيل سونغ الزعيم المؤسس للبلاد، في أبريل/نيسان.
وكانت الولايات المتحدة دعت في وقت سابق كوريا الشمالية إلى "وقف أنشطتها غير القانونية والمزعزعة للاستقرار".
وطلب الموفد الأمريكي للملف الكوري الشمالي سونج كيم في اتصال هاتفي مع نظيريه الياباني والكوري الجنوبي، من كوريا الشمالية الاستجابة بشكل إيجابي لعرض "الحوار" الذي قدّمته واشنطن و"بدون شروط مسبقة". وأكد مجدّدًا وفق ما جاء في بيان صادر عن الخارجية الأمريكية، "الالتزام الثابت" للولايات المتحدة "لجهة الدفاع عن حلفائها".
ويبدو النظام الكوري الشمالي عازما أكثر من أي وقت مضى على تعزيز قدراته العسكرية في ظلّ الأزمة الاقتصادية القوية التي تمرّ بها بيونج يانج.
وفي الفترة الأخيرة، استأنف النظام الكوري الشمالي مبادلاته التجارية مع الصين، وتمثل ذلك في وصول قطار بضائع من كوريا الشمالية إلى مدينة داندونج الصينية الحدودية للمرة الأولى منذ مطلع 2020.
وقال وزير الدفاع الياباني نوبو كيشي في وقت سابق إن تواتر التجارب الصاروخية وتنوعها، يظهران أن كوريا الشمالية "تحاول تحسين تكنولوجيتها وقدراتها العملياتية لتنفيذ عمليات سرية حتى تجد الدول الأخرى صعوبة في اكتشاف الاستعدادات لعملية إطلاق".
وشدد على أنه "لا يمكن تجاهل التطور الملحوظ الذي حققته كوريا الشمالية في تكنولوجيا الصواريخ الخاصة بها".
إدانة أمريكية
وقالت القيادة العسكرية الأمريكية في منطقة المحيط الهادئ والمحيط الهندي في بيان الأحد، بعد التجربة الصاروخية إن "الولايات المتحدة تدين هذه الأعمال وتدعو (كوريا الشمالية) إلى الامتناع عن المزيد من الأعمال المزعزعة للاستقرار".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن التجربة الصاروخية توضح التهديد الذي تمثله برامج أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية غير القانونية لكوريا الشمالية.
وبإجراء هذه التجربة يصبح شهر يناير/كانون الثاني أكثر الشهور التي أجرت خلالها كوريا الشمالية تجارب صاروخية في إطار برنامجها الصاروخي.
ويقول محللون إن بيونج يانج توسع وتطور قدرات جديدة رغم العقوبات الصارمة التي تخضع لها وقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر عليها إجراء تجارب على صواريخ باليستية.
aXA6IDE4LjIyMy4xNTguMTMyIA== جزيرة ام اند امز