يون سوك يول.. رئيس «ابتلعته» زوبعته
رج المشهد السياسي بفرض الأحكام العرفية، فكانت «زوبعة» لم تمهله كثيرا لتبتلعه سريعا على وقع رياح غضب عاتية.
هذا ما حدث لـ«يون سوك يول»، رئيس كوريا الجنوبية الذي طوقته مذكرة اعتقال أولى لعزله، نجا منها لعدم اكتمال النصاب القانوني للتصويت، فيما أطاحت به الثانية.
واليوم السبت، صوت برلمان كوريا الجنوبية لصالح عزل الرئيس، وبمقتضى ذلك، تعلق مهمات يون بانتظار أن تصادق المحكمة الدستورية على عزله
فيما يؤمن رئيس الوزراء هان داك-سو المرحلة الانتقالية.
عكس التيار
عندما ألقى خطاب تنصيبه في 2022 رئيسا لكوريا الجنوبية، تعهد يون بـ"إعادة بناء هذه الأمة العظيمة" لتصبح "ملكًا للشعب حقًا".
لكن لم يتحقق عهد الرئيس، وفق «فايننشال تايمز، حيث اعتبرت الصحيفة البريطانية أن فترة رئاسة يون بتزايد عدم الشعبية والخلل السياسي، وبلغت ذروتها مع بداية ديسمبر/ كانون أول الجاري، بإعلانه الأحكام العرفية في البلاد للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود.
لكن مؤيديه على الجانب الآخر، يرون أن عمله تعرض لعراقيل كثيرة من قبل المعارضة، ما عطل المشاريع الطموحة التي كان ينوي تنفيذها.
وبالفعل، واجه يون تحديات خطيرة منذ بداية ولايته، حيث دخل السلطة بنسبة تأييد منخفضة وبرلمان تهيمن عليه المعارضة.
المدعي العام السابق البالغ من العمر 63 عامًا، والذي لعب دورًا رئيسيًا في الملاحقات القضائية الناجحة للرئيسين السابقين بارك كون هيه ولي ميونغ باك، لم يسبق له أن شغل منصبًا سياسيًا قبل إعلان ترشحه للرئاسة في عام 2021، وهذا في حد ذاته كان تحديا كبيرا، لأنه افتقر للخبرة السياسية.
وفي عام 2019، تم تعيينه في منصب المدعي العام من قبل سلفه في منصب الرئيس، الليبرالي مون جاي إن، لكن علاقتهما توترت بعد أن أطلق يون تحقيقًا مع وزير العدل في حكومة الأخير، مما أدى إلى زيادة مكانة المدعي العام العامة بشكل كبير.
وبعد استقالته في مارس/آذار 2021، حصل يون على ترشيح حزب قوة الشعب المحافظ للرئاسة.
على جمر التحديات
في الانتخابات المقامة العام التالي، حقق فوزًا على منافسه الليبرالي بفارق 0.73% فقط، وهو أضيق هامش في أي منافسة رئاسية في كوريا الجنوبية.
وكان لدى يون فكرة مبكرة عن التحدي الذي سيواجهه من البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، عندما كافح من أجل الحصول على الموافقة على مرشحيه المفضلين في مجلس الوزراء، والذين اضطر أربعة منهم إلى الانسحاب وسط مزاعم بوجود مخالفات.
واستمرت الصعوبات بينما كان يون يحاول تمرير التشريعات. وحتى يناير/ كانون الثاني الماضي، تم تمرير 29% فقط من مشاريع القوانين التي قدمتها حكومته إلى البرلمان.
وردّ يون باستخدام حق النقض الرئاسي لإسقاط التشريعات التي ترعاها المعارضة، مستخدماً حق النقض ضد قوانين أكثر من أي من أسلافه منذ نهاية الحكم العسكري في عام 1987.
وفي بداية ولايته، حرص في وقت مبكر على تلقي أسئلة الصحفيين بشكل غير رسمي عند وصوله إلى العمل، لكن علاقته مع الإعلام توترت مع استهدافه للتقارير الناقدة، حيث تم استخدام الشرطة والنيابة العامة مرارًا وتكرارًا ضد ناشري "الأخبار الكاذبة" المفترضين.
وجاءت انتكاسة أخرى في العلاقات العامة عندما أعلن يون عن خطة لنقل مكتبه من قصر "البيت الأزرق" التاريخي في وسط سيول إلى مجمع وزارة الدفاع.
وكان يون يأمل في أن تجعله بيئة عمله الأكثر تواضعاً يبدو أكثر تواصلاً مع عامة الناس، لكنه واجه احتجاجاً على تكلفة تنفيذ الخطة.
وحدثت معارك أخرى حول مجالات السياسة الحرجة، بما في ذلك التعليم - حيث أُجبر يون على التخلي عن خطة لجعل الأطفال يبدأون الدراسة قبل عام من موعدها - والصحة، وقام الأطباء بإضراب طويل الأمد بسبب الأجور والشروط.
وتأكد تراجع شعبيته من خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في أبريل/نيسان الماضي، والتي أعطت أغلبية كبيرة أخرى للحزب الديمقراطي المعارض.
ومنذ ذلك الحين، يضغط نواب المعارضة من أجل إجراء تحقيق مع يون وزوجته بسبب مزاعم أنكرها يون بشدة بشأن تعاملات غير لائقة مع مالك وكالة استطلاعات الرأي.
ترحيب في الخارج
وجد يون أحيانًا استقبالًا أكثر دفئًا في الخارج - لا سيما خلال زيارة رسمية إلى واشنطن في أبريل/نيسان من العام الماضي، عندما أسعد الرئيس جو بايدن بأداء أغنية "أمريكان باي" التي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي.
وأصبح يون أيضًا أول رئيس كوري جنوبي يحضر اجتماعًا لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وقدم مساعدات كبيرة لأوكرانيا، حيث عمّق التعاون العسكري والأمني مع الولايات المتحدة واليابان.
وقد أثار ذلك انتقادات من المعارضة التي اتهمته باستعداء الصين، أهم شريك تجاري للبلاد.
وعلى النقيض من سلفه مون، الذي كان يفضل الحوار مع كوريا الشمالية، اتخذ يون موقفاً أكثر تشدداً تجاه بيونغ يانغ، التي ردت بالمزيد من التجارب الصاروخية.
aXA6IDMuMTQ1LjYyLjIwMCA= جزيرة ام اند امز