هاريس وكوريا الشمالية.. استمرار لـ«الدبلوماسية والردع» أم تحول عملي؟
في خطاب قبولها كمرشحة رئاسية من الحزب الديمقراطي، عارضت كامالا هاريس بشدة من وصفتهم بـ«الزعماء الاستبداديين»، وذكرت على وجه التحديد أنها لن «تتقرب» من الديكتاتوريين مثل كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية.
ليس هذا فحسب، بل إنها انتقدت خصمها الجمهوري دونالد ترامب لاستعداده للتعامل مع مثل هؤلاء القادة، وأكدت على التزامها بالقيم الديمقراطية الأمريكية والزعامة العالمية.
ورغم اختلاف آرائها السياسية عن ترامب، فإن إرادة هاريس لحل القضية النووية لكوريا الشمالية تظل غير مؤكدة، بحسب صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، التي قالت إن بيونغ يانغ ربما تواصل سياسة الصبر الاستراتيجي مع التركيز بشكل أكبر على الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.
إلا أنه مع ذلك، فإن تكنولوجيا الصواريخ النووية المتقدمة في كوريا الشمالية، والتي قد تتسارع بسبب روسيا، تشكل تهديدًا متزايدًا للولايات المتحدة، ويتزايد خطر الانتشار النووي في شمال شرق آسيا.
ونظرا لهذا الوضع، فقد تضطر هاريس قريبًا إلى معالجة هذه التهديدات بشكل مباشر، بما يتجاوز مجرد زيادة الردع مع الحلفاء. ويبقى السؤال: ما إذا كانت هاريس ستفكر في اتباع نهج أكثر استباقية، وموازنة الردع بالدبلوماسية لإدارة المخاطر النووية المتزايدة في المنطقة؟
انفتاح بيونغ يانغ
أظهرت كوريا الشمالية مؤخرًا علامات مبدئية على إعادة التواصل مع المجتمع الدولي بما يتجاوز علاقاتها الوثيقة مع الصين وروسيا، بعد أربع سنوات من العزلة بسبب كوفيد-19.
وكانت مشاركتها في دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 بمثابة عودة إلى الساحة العالمية، إلى جانب دعوة أساتذة أوروبيين أمريكيين للتدريس في جامعة بيونغ يانغ للعلوم والتكنولوجيا.
هذه الإيماءات تشير إلى أن كوريا الشمالية ربما تكون مستعدة لإعادة فتح أبوابها أمام الغرب وإعادة تقييم سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
لكن استعداد كوريا الشمالية للمشاركة سوف يعتمد على ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة قادرة على تقديم نهج عملي يعالج مخاوفها الأمنية وحوافزها الاقتصادية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
تدابير متعددة الأطراف
ومن المرجح أن تعطي إدارة هاريس الأولوية لنزع السلاح النووي باعتباره السياسة الأساسية للولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية، في حين تسعى إلى إجراء محادثات دون شروط مسبقة، على غرار نهج إدارة بايدن.
إلا أنه مع ذلك، قد تدرك هاريس أن تحقيق نزع السلاح النووي الكامل في وقت قريب أصبح غير واقعي على نحو متزايد.
ونظراً لنهجها البراغماتي، فقد تركز في البداية على خطوات صغيرة وتدريجية، مثل ضبط الأسلحة ومنع الانتشار، بدلاً من السعي إلى صفقات كبرى من غير المرجح أن تتحقق في ظل الوضع الجيوسياسي الحالي. وقد يوفر هذا التحول إطاراً أكثر عملية، مع التركيز على الأمن الإقليمي الأوسع على نزع السلاح النووي الفوري، وهو ما قد تجده كوريا الشمالية أكثر قبولاً.
وبالإضافة إلى ذلك، قد تبتعد هاريس عن القمم الثنائية رفيعة المستوى التي يعقدها ترامب مع كيم جونغ أون، وتختار نهجا على مستوى العمل ومتعدد الأطراف.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه إذا كان هذا يتماشى مع نهجها العملي، فإن تدابير ضبط الأسلحة النووية المتعددة الأطراف يمكن أن تعمل بشكل فعال على كبح سباق التسلح الإقليمي، ومنع المزيد من التطوير النووي من جانب كوريا الشمالية، والسيطرة على الانتشار النووي في المنطقة من خلال الحد من القدرات والأصول الإقليمية.
معالجة المخاوف الأمنية
ومع تقدم القدرات النووية لكوريا الشمالية، تزايدت الشكوك في سول بشأن الردع الموسع الذي قد تلجأ إليه الولايات المتحدة. ويتمثل التحدي الرئيسي الذي تواجهه إدارة هاريس في إقناع كوريا الجنوبية بدعم التحول نحو إطار متعدد الأطراف لضبط الأسلحة، وهو ما قد يُنظَر إليه باعتباره إضعافاً لضمانات أمنها.
ولمعالجة هذه المخاوف، يتعين على الولايات المتحدة أن تثبت أن ضبط الأسلحة المتعدد الأطراف من شأنه أن يعزز أمن كوريا الجنوبية من خلال الحد من التهديد النووي من كوريا الشمالية مع الحفاظ على موقف ردع قوي.
وعلاوة على ذلك، فإن هذا النهج لن يشير إلى التخلي عن نزع السلاح النووي، بل سيعمل كخطوة أولية نحو نزع السلاح النووي على المدى الطويل في شبه الجزيرة الكورية.
في كل الأحوال، يتعين على هاريس أن تطمئن كوريا الجنوبية إلى استمرار التزام الولايات المتحدة بالدفاع، وأن هذه الجهود تعزز أمنها. ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك توازن بين الدبلوماسية المتعددة الأطراف واستراتيجية الردع الموثوقة لطمأنة الحلفاء مثل كوريا الجنوبية واليابان في حين يتم التعامل مع القضايا النووية الإقليمية.
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg جزيرة ام اند امز