بعد أسبوع الغضب والنار.. ماذا يحدث في "سول" الصومالية؟
على مدار الأسبوع الماضي شهد شمال الصومال قتالا داميا وسط تنامي الغضب، فيما تكافح أطراف محلية ودولية لاحتواء الأزمة.
وفي البلد المنكوب بويلات إرهاب حركة الشباب يعاني شمال الصومال من أزمات سياسة تنعكس على الوضع الأمني، على خلفية نزعات انفصالية تقودها قوات "صومالي لاند"، فماذا يحدث؟
الوضع الراهن
اندلع قبل أسبوع قتال عنيف ومواجهات مسلحة بين قوات صومالي لاند وعشائر مدينة لاسعانود في محافظة سول شمال غربي البلاد.
ويدور الخلاف على تبعية المدينة للصومال، إذ تسعى قوات صومالي لاند لفرض هيمنتها على المنطقة، واعتبارها جزءا من أراضيها.
وفي مقابل هذه المساعي عقد زعماء العشائر في المنطقة مؤتمرا خلص إلى رفضهم النزعة الانفصالية لدى قيادة صومالي لاند وتمسكهم بصومال موحد.
وطالب المؤتمر بسحب قوات صومال لاند التي تفرض حصارا حول المدينة التي كانت تسيطر عليها منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2007.
انتفاضة شعبية
وفي أواخر العام الماضي اندلعت انتفاضة شعبية في لاسعانود ضد وجود قوات صومالي لاند، التي سيطرت عليها قبل نحو عقدين.
ونجحت الانتفاضة في إجبار مسلحي صومالي لاند على ترك مواقعهم في المدينة الانسحاب إلى محيطها.
وتقع المدينة في منطقة حدودية بين ولايتي صومالي لاند وبونتلاند.
وأمام الروح الانفصالية في صومالي لاند عقد رؤساء العشائر في المنطقة مؤتمرا استمر من 28 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى 6 فبراير/شباط الجاري.
وأعلن المؤتمر تبعية المنطقة للحكومة الفيدرالية في مقديشو، مطالبين قات صومالي لاند بالانسحاب الكامل من المنطقة حقنا للدماء.
ولم يتأخر رد صومالي لاند التي شنت عملية عسكرية ضد العشائر لإجبارها على الانصياع لإرادتها، والسيطرة على المدينة.
رواية الإرهاب
وعممت قوات صومالي لاند رواية عن أسباب عمليتها العسكرية في محافظة سول، تفيد بأنها تواجه جماعات إرهابية بالمنطقة.
وسعت قوات صومالي لاند إلى تصوير الانتفاضة ضد وجودها باعتبارها عملا من أعمال حركة الشباب الإرهابية وتنظيم داعش.
ولم تصمد رواية الإرهاب طويلا، وسط تصدي العشائر لمحاولات فرض الأمر الواقع بقوة السلاح، ما دفع صومالي لاند لإعلان وقف إطلاق النار لم يصمد عمليا في ميدان القتال.
ورغم ذلك اعترفت قوات صومالي لاند أن مواجهاتها ضد العشائر، وأبدت استعدادها للتفاوض لتسوية الوضع سلميا، إلا أن زعماء العشائر تمسكوا بشرط سحب كامل للقوات قبل الحديث عن هدنة.
وإلى جانب رواية الإرهاب حاولت صومالي لاند تصوير العملية العسكرية كرد فعل على عمل عدائي من قبل العشائر ضد أراضيها، وهو الأمر الذي لم يصمد طويلا أيضا.
الموقف الإقليمي
وإقليميا رحبت الحكومة المركزية في الصومال بموقف زعماء العشائر المتمسك بوحدة البلاد، ودعت إلى إلقاء السلاح وبدء حوار بين طرفي الصراع لتجاوز الأزمة الراهنة.
وأطلق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود نداء سلام، قائلا إن ما يجري في مدينة لاسعانود هو نتيجة خلل سياسي عنيف ومتجذر، ولا يوجد تفسيرات أخرى، نافيا ضمنيا وجود علاقة بين خطر الإرهاب وتحرك قوات صومالي لاند.
كما دعا الرئيس الصومالي إلى احترام رغبة السكان وعدم استخدام السلاح في فرض أمر واقع على المدنيين.
وأوضح أن الأزمة مرتبطة بوحدة البلاد، وأنها تخضع لجغرافيا سياسية معقدة تعود إلى تفسيرات جيوسياسية عميقة لا يمكنها حلها إلا بالمفاوضات واحترام رغبة السكان.
موقف دولي
ونددت البعثات الدولية في الصومال باندلاع أعمال العنف في مدينة لاسعانود، وطالبوا بوقف العنف فورا، والدخول في مفاوضات لتسوية القضية وعدم عرقلة المساعدات الإنسانية من الطرفين.
وزارة الخارجية الأمريكية من جانبها ذهبت بعيدا، وقالت في بيان شديد اللهجة "إن القصف العشوائي على المدنيين أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف".
ودعت الخارجية الأمريكية إلى وقف فوري للعنف في لاسعانود، وحماية المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإلى حل التوترات سلميا من خلال الحوار.
وفندت المواقف الدولية الصادرة رواية صومالي لاند بشأن مواجهتها للتنظيمات الإرهابية في المنطقة.
وتاريخيا كانت تلك المناطق خارج دائرة النشاط الإرهابي لحركة الشباب وتنظيم داعش الذي ظهر مؤخرا في البلاد.
سيناريوهات
يرى مراقبون أن المشهد الراهن يفضي لثلاثة سيناريوهات:
الأول: قدرة أحد الطرفين على تحقيق نصر عسكري حاسم وفرض أمر واقع على الأرض قبل الذهاب إلى حوار ضمن نتائجه بقوة السلاح.
الثاني: استجابة قوات صومالي لاند لصوت العقل والانسحاب خارج المنطقة، وهو احتمال يتضاءل بالنظر المشهد الحالي.
الثالث: نجاح الضغوط الدولية في وقف العنف بشكل مؤقت دون انسحاب قوات صومالي لاند من المنطقة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية لإغاثة المدنيين.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4yMjkg جزيرة ام اند امز