نوستراداموس وبريطانيا في 2025.. قراءات معاصرة لنبوءات غامضة
مع اقتراب عام 2025 من نهايته، عاد اسم المنجّم والطبيب الفرنسي الشهير نوستراداموس إلى الواجهة، بعدما تجدد الجدل حول مدى دقة نبوءاته التي دوّنها في كتابه الصادر عام 1555 بعنوان "النبوءات".
وفي بريطانيا، كما في أنحاء أخرى من العالم، تساءل كثيرون عمّا إذا كانت رباعياته الغامضة قد لامست بالفعل أحداث العام، أم أنها لا تزال مجرد نصوص قابلة للتأويل بأثر رجعي، بحسب صحيفة "إكسبريس" البريطانية.
لطالما ارتبط اسم نوستراداموس، إلى جانب العرّافة البلغارية بابا فانغا، بتنبؤات نُسب إليها استشراف محطات كبرى في التاريخ الحديث، مثل القصف النووي لليابان عام 1945، وهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وجائحة كوفيد-19، غير أن صحة هذه النسب تبقى محل خلاف واسع بين الباحثين، في ظل الطبيعة الرمزية والملتبسة لكتاباته.
«حروب قاسية» ووباء يعود من الماضي
في إحدى رباعياته، تحدث نوستراداموس عن «حروب قاسية» تطال إنجلترا، وعودة «وباء عظيم» من الماضي، مع تصاعد الأخطار من الداخل والخارج.
ورغم أن بريطانيا لم تنخرط في نزاع عسكري مباشر خلال عام 2025، لكنها شهدت تحديات أمنية متفرقة، شملت حوادث عنف فردي وهجمات سيبرانية أثّرت في قطاعات اقتصادية كبرى.
كما أثارت التحذيرات الصحية من احتمال تفشي ما يُعرف بـ«الإنفلونزا الفائقة» خلال الشتاء مخاوف دفعت البعض إلى الربط بينها وبين نبوءة «الوباء العظيم».
صدام القوى الكبرى وتبدّل موازين النفوذ
تحدّث نوستراداموس أيضًا عن عام يشهد صدامًا بين «قوى عظمى»، وتراجعًا في نفوذ الغرب التقليدي مقابل صعود قوى جديدة.
وقد عززت أحداث 2025 هذا الانطباع لدى كثيرين، في ظل تصاعد التوترات الدولية، وتصريحات روسية توحي باستعداد لمواجهة مع أوروبا، بالتوازي مع استمرار الصين في توسيع نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي، وما رافق ذلك من اتهامات بمحاولات تجسس واختراقات أمنية.
اختراقات طبية في عام التحولات
على النقيض من النبوءات القاتمة، حملت بعض رباعيات نوستراداموس إشارات إلى تطور كبير في مجالي الوقاية والعلاج.
وشهد عام 2025 بالفعل تقدمًا ملحوظًا في التقنيات الطبية، من بينها تطوير لقاحات جديدة، وانتشار أدوية حديثة لإنقاص الوزن، إلى جانب توظيف الذكاء الاصطناعي في التنبؤ المبكر بالأمراض الخطيرة، وهو ما اعتبره مؤيدو نوستراداموس تجسيدًا لرؤيته عن عام حافل بالاختراقات الصحية.
أوكرانيا… حرب طويلة ونهاية محتملة
وفي قراءة أخرى لرباعيات نوستراداموس، رأى بعض المفسرين إشارات إلى الحرب الروسية–الأوكرانية المستمرة منذ 2022، خصوصًا في حديثه عن استنزاف الجيوش ونفاد الموارد.
كما ذهب البعض إلى تفسير رموز مثل «النحاس الغالي» و«الهلال» على أنها تلميح إلى أدوار محتملة لفرنسا وتركيا في مساعي إنهاء الصراع، وسط ترقب لنتائج الجهود الدبلوماسية الأمريكية.
شبح نهاية العالم و«فرصة ثانية» للأرض
ومن أكثر نبوءات نوستراداموس إثارة للقلق تلك التي تتحدث عن «كرة نار من السماء» و«فرصة ثانية» للأرض. ورغم أن عام 2025 مرّ من دون سيناريو كارثي شامل، فإن بعض القراءات ربطت هذه الرمزية بنقاشات أوسع حول المخاطر الوجودية، من تغيّر المناخ إلى احتمال انقراض البشر، بما يفتح المجال لتأويلات بيئية وفلسفية أكثر من كونها حرفية.
الأمازون بين التحسن النسبي والتهديد المستمر
كما حذّر نوستراداموس من كارثة طبيعية تطال «حديقة العالم»، في إشارة فسّرها كثيرون بأنها غابات الأمازون في البرازيل. ورغم تسجيل تراجع نسبي في معدلات إزالة الغابات والحرائق خلال 2025، فإن التهديدات لم تختفِ، إذ لا تزال أنشطة التعدين غير القانوني والجفاف تشكل خطرًا مستمرًا على هذا النظام البيئي الحيوي.
ومع إسدال الستار على عام 2025، يتضح أن نبوءات نوستراداموس لا تزال مادة خصبة للتأويل والجدل، فبين من يرى فيها استشرافًا مذهلًا للأحداث، ومن يعتبرها نصوصًا رمزية تُحمَّل أكثر مما تحتمل، يبقى المؤكد أن إرث نوستراداموس يواصل إثارة الفضول، ويعكس ميل البشر الدائم للبحث عن معنى خفي في مسار التاريخ.