الاختلاق ينبع من رغبة في تجهيل المتابعين، وتزييف الحقائق، ونشر الشائعات؛ بغية خلخلة الثقة الشعبية بالحكومات
تشكل وسائل الإعلام للبعض مصادر للمعلومة وأدوات لبناء المعرفة، وقد يتمادى الاعتماد عليها ليصل إلى حد التبني وبناء القناعات وتشكيل الرؤى تجاه القضايا المحيطة، وذلك بالنسبة لفئة من الجمهور لا علة فيه؛ لأن المُعتَمَدَ عليه بحسب ظنهم مؤسسات يُفترض بها "نقل" الواقع كما هو من غير حذف ولا إضافة، وإن الاختلاف يمكن أن يكون في الزاوية التي تُنقل بها الحقيقة، إلا أنها في النهاية تحقق الرغبة في ملء فضول الاطلاع على الأحداث أو جزء منها.
لكن الواقع يُثبت أن وسائل إعلام اختلقت خلال سنوات مضت الأحداث والوقائع، وهو ما سبَّب صدمة لدى كثير من المتابعين الذين لم يكونوا مدركين لإمكانية التدليس والخداع بهذه الصورة، وفي ما سُمي بالربيع العربي أكبر مثال على ذلك، حيث كانت هذه القنوات تبث ما تدعي أنها مظاهرات في مدينة ما؛ بهدف تأجيج المواطنين، ليكشف أهل تلك المدينة في ذات اللحظة بالصوت والصورة عبر وسائل التواصل الحديثة أنها خاوية من أي حراك، وأن الشوارع لا تضم إلا المارة، كما ادعت قنوات أخرى مثلاً اختفاء مواطنين واختطافهم من قبل السلطات، ليُكشف لاحقاً أنهم إما خارج دولهم أو متوفون أو منضمون لجماعات إرهابية. وفي مثال آخر نشرت هذه الوسائل الشائعات قصداً؛ بهدف تغيير قناعات داخل المجتمعات، ولعل المقال لا يتسع لأمثلة ضربت فيها هذه القنوات بالمهنية والمصداقية عرض الحائط.
الطريقة المثلى للتعامل مع تزييف الحقائق هي بوقوف الإعلاميين الوطنيين صفا متراصا للرد على أي مغالطات ضد الأوطان وكشف التضليل والتلفيق بتنظيم عالٍ وبهمة لا تنضب وبتوعية أبناء الوطن كافة لمواجهة المخططات التي تدار للسيطرة على عواطف الشعب وإعادة صياغة توجهات مشاعره تجاه قضايا مهمة وواضحة
إن هذا الاختلاق ينبع من رغبة في تجهيل المتابعين، وتزييف الحقائق، ونشر الشائعات؛ بغية خلخلة الثقة الشعبية بالحكومات، وبالتالي زرع الفتن في الداخل الوطني، وبعد هذه التجربة العربية مع الإعلام باستخدام تدليس الأخبار وتضليل التحليلات واقتطاع المقاطع، أصبحت المجتمعات أكثر وعياً فيما يخص التقارير الإخبارية والبرامج الوثائقية التي تتناول شأناً من الشؤون الداخلية، مدركين أنها تحمل قدراً كبيراً من التزوير السياسي أو الاستراتيجي، ولا يمكن اعتبارها بأي شكل من الأشكال مصدراً للاستدلال أو التبرئة أو الإدانة أو تحديد المواقف، لا سيما إن كانت هذه البرامج تتحدث بالنيابة عن أفراد رحلوا عن الدنيا، أو تطرح شهادات ووقائع من دون إثباتها؛ ظناً منها أن غالبية المتابعين يمكن أن "يبتلعوا" طُعم الكذب.
إن الطريقة المثلى للتعامل مع تزييف الحقائق هي بوقوف الإعلاميين الوطنيين صفاً متراصاً؛ للردّ على أي مغالطات ضد الأوطان، وكشف التضليل والتلفيق، بتنظيم عالٍ وبهمّة لا تنضب، وبتوعية أبناء الوطن كافة لمواجهة المخططات التي تُدار للسيطرة على عواطف الشعب وإعادة صياغة توجهات مشاعره تجاه قضايا مهمة وواضحة، بدلاً من النبش في ما خفيَ حتى ولو كان واهناً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة