البحث عن الأسرار.. رحلة في عالم التجسس من الوسائل للأهداف

لم يكن المنطاد الذي زاد من لهيب التوترات بين الصين والولايات المتحدة قبل إسقاطه الوسيلة الوحيدة التي استخدمت لجمع المعلومات.
وفي الماضي، كان نشاط التجسس عادة موجها نحو الحصول على معلومات استخبارية سياسية وعسكرية. وتظل هذه الأهداف ذات أهمية حاسمة ولكن في عالم اليوم الذي تحركه التكنولوجيا، أصبحت متطلبات الاستخبارات لعدد من البلدان أوسع من ذي قبل. وتشمل الآن تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والبحث العلمي والدفاع والطيران والإلكترونيات والعديد من المجالات الأخرى. لذلك، تستهدف أجهزة الاستخبارات المنظمات التجارية وكذلك المنظمات ذات الصلة بالحكومة. يفعلون ذلك أحيانًا نيابة عن الشركات المملوكة للدولة أو التي ترعاها في بلدانهم.
أبرز وسائل التجسس:
المناطيد:
لعبت المناطيد دورا حاسما خلال الحرب العالمية الأولى للمساعدة في توجيه نيران المدفعية ورصد تحركات القوات ومواقع العدو مثل المستودعات والخنادق.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، أرسلت اليابان، في الفترة من نوفمبر/ تشرين ثاني 1944 إلى أبريل/ نيسان من العام التالي 9000 منطاد محملة بقنابل سافرت أكثر من 6000 ميل عبر المحيط الهادي إلى الولايات المتحدة فوق الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية.
كما لعبت دورا حاسمًا في الحرب المضادة للغواصات لقدرتها الكبيرة على المناورة وتوفير رؤية بزاوية 360 درجة في البحر
رغم التطور الكبير في مجال الطيران، لم تحل المناطيد إلى التقاعد بل امتدت إليها يد التطوير حيث زودت بكاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار.
ولعبت هذه مناطيد المراقبة الأمريكية المجهزة بكاميرات الفيديو التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء والملونة، والمعروفة باسم الأروستات دروا مهما في أفغانستان أثناء الحرب. كما استخدمت مناطيد الهيليوم لأول مرة في العراق عام 2004 واستخدمت أيضًا لمراقبة الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
الأقمار الاصطناعية للتجسس:
بدأت أولى برامج التجسس والتصوير الفوتوغرافي من الفضاء في حقبة الستينات، عبر مشروع للمخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) والقوات الجوية الأمريكية حمل اسم كورونا، وشهد إطلاق أكثر من 100 قمر صناعي للتجسس على الاتحاد السوفياتي حيث كانت الأقمار الصناعية الأولى تدور في المدار القطبي للأرض في مسارات محددة وتلتقط صورا للأرض من أماكن محددة ثم يجري إرسال الفيلم الذي يحوي الصور إلى الأرض عبر كبسولة يقذفها القمر الصناعي إلى الأرض ويتم التقاطها فيما بعد من الفريق على الأرض لتحميضها والحصول على المعلومات التي فيها.
وتمتلك الولايات المتحدة 154 قمرًا صناعيًا عسكريًا. وتأتي ضمن مجموعة من أقمار صناعية أخرى مدرجة باعتبارها "عسكرية / مدنية" أو "عسكرية / حكومية"، والتي يبلغ مجموعها ما بين 339 و485 قمراً صناعياً عسكرياً في المجموع.
كما تمتلك روسيا 71 قمراً صناعياً عسكرياً، فيما تمتلك الصين 63 قمراً.
وتمتلك الدول الأخرى، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا والهند والمملكة المتحدة وتركيا والمكسيك وكولومبيا وإسبانيا والدنمارك واليابان أقل من 10 لكل منها. فيما تمتلك فرنسا وألمانيا أكبر عدد، برصيد 9 و7 ، على التوالي. هذا لا يشمل العمليات المشتركة، حيث يتم تشغيل الأقمار الصناعية من قبل أكثر من دولة واحدة.
وعلى الصعيد العالمي، يوجد ما بين 2500 و2800 قمر صناعي نشط، بما في ذلك تلك المستخدمة لأغراض غير عسكرية، مثل مراقبة الأرض، أو مجموعات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية الضخمة، مثل ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس، وتمثل الأقمار الصناعية العسكرية حوالي خمس الأقمار الصناعية.
الطائرات المسيرة:
لم تتوقف وسائل الدول الكبرى عند الأدوات التقليدية للتجسس حيث بدأت قبل 65 عاما، في استخدام طائرات مسيرة. وقامت الدول خلال السنوات العشرين الأخيرة بتطوير طائرات مسيرة قادرة على أن تجوب العالم خلال فترة وجيزة وتعد طائرة التجسس من طراز "لوكهيد يو-2" التي يبلغ عرضها ضعف طولها نموذجا في هذا الدور.
يمكن للطائرة بدون طيار تسجيل الفيديو والتقاط صور لمنزلك أو عملك من خلال الكاميرا الخاصة بها. لكن بعض الأشخاص يستخدمون طائراتهم بدون طيار لتسجيل مقاطع فيديو أو التقاط صور دون علمك. يمكنها أيضًا تسجيل المحادثات بين الأشخاص داخل منزلك أو مبنى المكتب.
الحشرات الروبوتية:
عرضت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) عام 1974، الحشرات الروبوتية، وهي عبارة عن حشرة مزيفة يتم التحكم فيه عن بعد ومصممة لتسجيل المحادثات سرًا.
تستطيع هذه الحشرات الروبوتية القيام بمهام سرية وحساسة لا يستطيع الأفراد القيام بها، في الحروب والمراقبة والتنصت والتجسس والاغتيالات والبحوث العلمية وعمليات الإنقاذ.
تمتك هذه الحشرات قابلية كبيرة على المناورة والتخفي أثناء قيامها بمهام التجسس في المناطق المحظور إذ تمتلك القدرة على الإقلاع والطيران والهبوط في أي مكان.
الغواصات:
لعبت الغواصات دور متطورا للغاية في ساحة المعركة الرقمية، حيث تستخدم كمنصات للقرصنة تحت الماء، وتنفيذ هجمات إلكترونية على عدد من البلدان الأخرى.
ويرى خبراء الحرب البحرية أن الولايات المتحدة تدير منذ عقود أسطولًا من الغواصات المجهزة خصيصًا والتي يتمثل عملها السري في تمشيط المياه العميقة بحثًا عن معلومات عسكرية لا يمكن الحصول عليها بأي وسيلة أخرى.
غواصات التجسس هذه هي نظير البحرية لأقمار الاستطلاع، لكنها أفضل من بعض النواحي. ولا يمكنهم فقط فحص الأشياء البعيدة في قاع المحيط، ولكن في بعض الحالات يمكنهم استردادها أو معالجتها.
وقال خبراء البحرية إن الأشياء المثيرة للاهتمام تشمل السفن المفقودة والغواصات والطائرات والأسلحة والصواريخ والمركبات الفضائية والرؤوس الحربية النووية، فضلاً عن المعدات العاملة، مثل الكابلات البحرية وأجهزة التنصت لدول أخرى.
وذكر المدير العلمي لمركز كريلوف الحكومي الروسي للأبحاث، فاليري بولوفينكين، إن موسكو تطور غواصات "صامتة" جديدة مختلفة تماما أشبه بالصحون الطائرة، والأهم من ذلك أنها ستوجه عن بعد وتعمل من دون طواقم".
وفي 2020، اكتشف صيادون صينيون الصدفة غواصة ذاتية التحكم مزودة بنظم استشعار تستخدم للتجسس والاستطلاع العسكري في شباك سفينة لصيد الأسماك في البحر الأدرياتيكي قبالة سواحل الصين.
التجسس السيبراني
تستخدم أجهزة الاستخبارات الأجنبية بشكل متزايد الإنترنت وتقنيات الإنترنت للتجسس. ويمكن أن يكون الإنترنت وسيلة جذابة لجمع المعلومات الاستخبارية لعدة أسباب:
يمكن أن يكون أكثر فعالية من حيث التكلفة من الوسائل التقليدية. ومن المحتمل أن يكون حجم البيانات التي تمت سرقتها هائلاً.
ما هي المعلومات التي يبحث عنها الجواسيس؟
الأسرار العسكرية
وستشمل هذه المعلومات التقنية حول الأسلحة، وأماكن تواجد القوات ومعلومات عن الدفاعات وما إلى ذلك، ويمكن أن تساعد العدو في العثور على نقاط الضعف أو شن هجمات مفاجئة. ويمكن أن يكون مفيدًا أيضًا للإرهابيين، حيث يمكن أن تساعدهم في تحديد الأهداف ونقاط الضعف.
الأسرار الصناعية
وتتضمن تلك الأسرار معلومات عن منتجات وخطط الشركات. يهتم الجواسيس بشكل خاص بتفاصيل الاختراعات الجديدة التي قد يكون لها استخدام عسكري أو تجاري. تشمل الأمثلة تقنيات الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر وعلم الوراثة والطيران والليزر والبصريات والإلكترونيات. وقد تساعد هذه الأسرار أيضًا في منح بعض البلدان ميزة اقتصادية أو عسكرية.
ويمكن أن تمتد المعلومات ذات الأهمية من عمليات التصنيع وبرامج البحث إلى المواقف التفاوضية والمعاملات المالية والتطورات الاستراتيجية طويلة المدى. يمكن أن يساعد كل ذلك في تزويد البلدان الأخرى بميزة اقتصادية أو تمكين الشركات الأجنبية من إنشاء موقع رائد في السوق باستخدام ابتكار المملكة المتحدة.
الأسرار السياسية
وستشمل هذه المعلومات السرية حول الشؤون السياسية والأمنية، والمواقف التفاوضية، والمعلومات الاقتصادية الحساسة وتفاصيل التطورات السياسية. ويمكن للحكومات الأجنبية استخدام هذه المعلومات للحصول على ميزة في مجالات مثل العلاقات الدولية والعمليات الاستخباراتية.
استهداف المنشقين
كما تستهدف بعض الحكومات الأجنبية الحركات والأفراد المعارضين الذين تعتبرهم تهديدًا لسيطرتهم في الداخل.