الرواية كعمل درامي.. بطولة جماعية
الدراما العربية شهدت في الفترة الأخيرة حضورا لافتا للأعمال الروائية ولاقت شهرة وقبولا لدى جمهور عريض من القراء والمشاهدين.
شهدت الدراما العربية في الفترة الأخيرة حضورا لافتا للأعمال الروائية واقتبست نصوصها من روايات لاقت شهرة وقبولا لدى جمهور عريض من القراء. مسلسلات ذكرت بروايات مبدعة، زادت شهرتها أو أعادت القراء لها بعد تحولها لأعمال دراميةـ وتعتبر كل من روايتي نجيب محفوظ "أفراح القبة" و"ساق البامبو" لسعود السنعوسي مثلاً بارزاً على ذلك.
في الإطار نفسه تحدث كل من الكاتبة والروائية سميحة خريس، والكاتب والسيناريست مصطفى صالح، والكاتب والمخرج أنور السعودي، خلال ندوة نقاشية ضمن فعاليات معرض عمّان الدولي للكتاب في دورته 16بعنوان: "الرواية في الأعمال الدرامية التلفزيونية"، امتازت بالأسلوب النقاشي المفتوح مع الجمهور الذي ضم عددا من الكتاب والمختصين في المجالين الدرامي والروائي بإدارة الروائي هزاع البراري.
خريس تطرقت إلى تجربتها مع تحويل رواياتها إلى عمل تلفزيوني، مشيرة إلى أنه "حين يقدم الكاتب نصه إلى صناع الدراما يضيفون عليه ويقدمونه عبر وسائلهم، ليصبح العمل الفردي عملاً جماعياً بجدارة فيتنازل المؤلف عن البطولة التامة لفريق كامل".
وعن تجربتها في كتابة السيناريو أوضحت خريس: "دخلت إلى كتابة السيناريو حين قمت بتحويل روايتي "خشخاش" إلى نص مسرحي أخرجه الفنان حكيم حرب، وأضاف إليه رؤيته، وتمكن على خشبة محدودة الفضاء من نقل رواية تبحث في عالم الوجود، وقد أفرحتني التجربة وقادتني إلى مغامرة كتابة سيناريو لروايتي "دفاتر الطوفان" وتحويلها إلى عمل تلفزيوني".
ومن الروايات الأردنية التي تمكنت من اختراق الحواجز الصعبة أشارت خريس: "كانت روايتي دفاتر الطوفان، وقبلها كانت مخلفات الزوابع الأخيرة لجمال ناجي، وسلطانة لغالب هلسا، فهل يمكن التحدث عن نجاح التجربة الأردنية في هذا المجال؟ للأسف فالمعادلة في عالم صناعة الدراما تقاس بالانتشار الجماهيري وبالأرباح المالية التي يحققها المسلسل، وهي ليست كما يجب.
الكاتب والسيناريست المعروف مصطفى صالح، رأى أن كاتب السيناريو الذي يتمتع بشخصية متكاملة عليه أن يرفض القيام بالعمل على تحويل رواية إلى نص تلفزيوني، لأنه بذلك يقدم خيانة ذريعة بحق الرواية أولا وبحق نفسه ككاتب من المفترض به أن يكون صاحب خيال وأدوات تغنيه عن اللجوء إلى خيال وأفكار غيره.
ويضيف كاتب مسلسل "عيون عليا": "قد يبرَّر الأمر في استثناءات قليلة منها كتابة الأعمال ذات البعد الوطني، في هذه الحالة لا ضير بل من الضروري اللجوء إلى الروايات"، وتحدث للجمهور عن تجربته في كتابة نص مسلسل "نمر بن عدوان"، موضحا أن ما تتضمنه الرواية المكتوبة عن هذا الفارس البدوي لا تتجاوز صفحاتها عدد أصابع اليد، وأنه بخياله تمكن من نسج الأحداث والقصص الفرعية وأنجز مسلسله في 30 حلقة تلفزيونية.
من جهته اختلف المخرج والكاتب أنور السعودي مع بعض ما قدمه زميلاه من آراء، وأوضح أن الرواية ترفد العمل أو النص التلفزيوني بمسحة أدبية هو بحاجة إليها لافتقار كتاب الدراما غالبا للجانب الأدبي في لغتهم، كما لفت إلى حماسته للشراكة بين هذين الجنسين النص المقروء، والنص المرئي.
وأضاف السعودي: "العديد من الروايات أسهمت في رفع مستوى المحتوى الدرامي بسبب تحويلها إلى مسلسل، كما أن العمل التلفزيوني أعاد التذكير في كثير من الروايات وكان سببا في بحث المشاهدين عنها ليقرأوا في هذه المرة ما شاهدوه عبر الفضاء السردي مما يدفعهم إلى شراكة الكاتب الروائي خياله.
ونوّه السعودي إلى أن هذا الأمر في غاية الصعوبة بحيث يتطلب توافر نص روائي له بنية درامية وشخصيات واضحة من حيث رحلتها النفسية وطبيعتها السيكولوجية وظروفها الاجتماعية، كما يتطلب في كاتب السيناريو توافر الشروط المهنية وأهمها قدرته على تفكيك العمل الروائي وإعادة بنائه في قالب نص بصري ضمن رؤية جديدة وخاصة.. مع الحفاظ على هوية النص الأصلي/ الروائي.
ولفت في نهاية النقاش إلى أن أنجح التجارب في هذا المجال هي من تقوم ضمن ورشة عصف ذهني تتكون من مجموعة كتاب وبحضور المخرج المقترح للعمل وعلى رأسهم الروائي مؤلف العمل.