العراقيون يحيون عيد "نوروز" على إيقاع "الدبكة" الكردية
يخيم جهاد مع عائلته عند منطقة (قره داغ)، على أطراف محافظة السليمانية قادماً من العاصمة بغداد، للاحتفال بعيد نوروز الذي تشهده مناطق إقليم كردستان.
ورغم انخفاض درجات الحرارة وسقوط الأمطار التي شهدتها مناطق إقليم كردستان منذ يومين، إلا أن ذلك لم يمنع جهاد من الاستمتاع بأجواء الاحتفال بتلك المناسبة.
يقول جهاد ذو الـ50 عاماً، إن "حضور طقوس نوروز في شمال العراق له خصوصيته الرائعة في ظل الأراضي الخضراء وطبيعة الأجواء الرائعة والمناظر الخلابة التي تكتنف معظم مناطق كردستان".
ومع البرد والطقس الشتائي الذي عاد مجدداً، إلا أن ذلك أهون كثيراً من الإجراءات الوقائية التي رافقت كورونا بعد أن حرمتنا على مدار عامين من الاحتفال والتجمع البهيج بعيد نوروز، بحسب جهاد.
وحط الرجل الخمسيني رحاله في السليمانية منذ مساء، أمس الثلاثاء، بعد أن شارك في إيقاد شعلة نورز عند منطقة "كانيا بيدول" في محافظة دهوك.
وتشهد مدن كردستان ومناطق أخرى ذات طبيعة ربيعية توافد الآلاف من السائحين من داخل العراق وخارجه للمشاركة في احتفالات نوروز والذي يعد من أهم المناسبات القومية للكرد.
وتشكل مدن كردستان العراق مناطق جذب سياحي لما تتمتع فيه من طبيعة ساحرة فضلاً عن احتوائها على الكثير من المصايف والمنتجعات التي دائماً ما تستهوي الوافدين والسواح.
وكانت الحكومات المحلية في إقليم كردستان أعلنت في وقت سابق عن جاهزيتها لاستقبال الوافدين ممن يقصدون المشاركة باحتفالات نوروز.
ومع انطلاق احتفالات عيد نوروز في الـ21 من الشهر الحالي، سجلت مدن كردستان تدفق الألاف من السواح الذين قدم أغلبهم من مناطق جنوب العراق والوسط.
وزارة البلديات والسياحة في إقليم كردستان وفي بيان رسمي، أكدت أن أكثر من 100 ألف قصدوا الوجهات السياحية في أربيل والسليمانية منذ منتصف الشهر الجاري ولغاية الآن.
وأضافت أن "أكثر من 52 ألف سائح قصدوا المرافق السياحية في أربيل، فيما زار أكثر من 50 ألفاً مناطق الجذب السياحي في السليمانية".
وشهدت مناطق كردستان احتفالات رسمية وشعبية ضمن تجمعات رئيسة في مدن مختلفة من بينها موقد لشعلة نوروز شارك في مراسيم احتفائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني عند متنزه (شاندر)، وسط مدينة إربيل بحضور رسمي وجماهيري غفير.
وعند عاصمة نوروز، كما يطلق عليها، حيث مدينة عقرة، إحدى الأقضية التابعة إدارياً لمحافظة دهوك، يشتد تزاحم المحتفلين وتبرز مظاهر الاحتفال بشكل أكثر ضجيجاً وحراكاً على وقع الموسيقى والدبكات الكردية.
نوزاد هولري، الذي قدم من محافظة السليمانية إلى سفوح جبال عقرة برفقة عائلته وعدد من أقاربه، يقول إنه "اعتاد الحضور عند ذلك المكان من كل عام للاحتفال بأعياد نوروز رغم أن مدينته تشهد أجواء مشابهة".
ويضيف هولري لـ"العين الإخبارية"، أن "عقرة وخلال تلك الأيام تعيش كرنفالاً له من الخصوصية التي تميزه عن بقية الأماكن الأخرى حيث يعد المكان الأكبر للقاصدين بذلك الاحتفال فضلاً عن كونه يجمع أغلب أطياف الشعب العراقي ومن مختلف الأطياف".
ويستدرك بالقول: "تمثل أعياد نوروز فرصة لتوحيد الصفوف وترسيخ مبدأ التعايش والآخاء بين كافة القوميات والطوائف فضلاً عن القيمة التاريخية لتلك المناسبة وأهميتها بالنسبة للكرد في جميع دول العالم".
وعلى بعد أمتار من الباحة الخضراء التي يقطن عندها هولري وذويه، ينشر الشاب وهو من أبناء الديانة المسيحية، بسام فرهاد، الفحم على طاولة شواء حديدية تمهيداً لوضع قضبان من اللحم المقطع عند حاضنتها.
يشير فرهاد الذي حضر مع زوجته وطفلهما ذو الأربع سنوات، من مدينة قرقوش، في محافظة نينوى، إلى "أنها مناسبة مهمة نستعيد من خلالها البهجة والسرور وخصوصاً بعد خلال مدننا من سيطرة التنظيم الإرهابي وعودة الحياة مجدداً".
ويؤكد فرهاد، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "نوروز مناسبة للاحتفال بها من قبل كل الطوائف وليس فقط محصورة بمكون دون آخر"، مردفاً بالقول "المسيح والصابئة والكرد والعرب هنا جميعهم يضربون طبول الفرح ويتأبط أحدهم الأخر لأداء الرقصات والأغاني".
وكانت حكومة إقليم كردستان، أعلنت تعطيل الدوام في جميع المؤسسات الرسمية 5 أيام بمناسبة أعياد نوروز ابتداءً من يوم الاحد الماضي.
ويحتفل الملايين من الأكراد والفرس والبشتون والآذريين وغيرهم في الـ 21 آذار/مارس من كل عام بعيد نوروز الذي يعني باللغتين الفارسية والكردية "اليوم الجديد".
وهو عطلة رسمية في كثير من البلدان مثل إيران والعراق وقرغيزستان وأذربيجان، كما يُحتفل به في تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان ومقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وولاية كوجارات الهندية وشمال غرب الصين.