مناورات نووية وخطة لتطوير «الردع» الروسي.. هل خرج المارد من القمقم؟
صدام روسيا والغرب يدخل مرحلة جديدة مع إعلان موسكو عن مناورات نووية تشارك بها قواتها قرب أوكرانيا، ردا على ما وصفته بـ"الاستفزازات".
وفي وقت سابق اليوم، أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بإجراء مناورات نووية بمشاركة قوات منتشرة قرب أوكرانيا.
جاء ذلك في بيان لوزارة الدفاع الروسية، وزعته على وسائل الإعلام صباح اليوم، رداً على ما قالت إنه "تهديدات" من قادة غربيين لموسكو.
وفي البيان، قالت الوزارة، إن بوتين أمر بإجراء مناورات نووية "في المستقبل القريب" تشارك فيها على وجه الخصوص قوات منتشرة قرب أوكرانيا.
وتابعت: "خلال المناورات، سيتم اتخاذ سلسلة من الإجراءات للاستعداد ولاستخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية"، مشيرة إلى أن التمرين يهدف إلى "الإبقاء على جاهزية" الجيش في أعقاب "تصريحات مستفزة وتهديدات بعض المسؤولين الغربيين حيال روسيا".
وزارة الدفاع الروسية قالت أيضا، إن المناورات جاءت بأمر من الرئيس بوتين، وستختبر جاهزية القوات النووية غير الاستراتيجية لأداء مهام قتالية.
وأوضحت الوزارة أن المناورات العسكرية ستشمل التدريب على الاستعداد لاستخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية ونشرها، وستشارك فيها تشكيلات الصواريخ في المنطقة العسكرية الجنوبية والقوات البحرية.
حديث الردع
وفي وقت سابق، قال دبلوماسي روسي، إن موسكو ستضطر إلى زيادة ترسانتها الصاروخية بأكملها كوسيلة ردع في أعقاب ما تم وصفه بأسوأ انهيار في العلاقات منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وقال السفير الروسي البارز، غريغوري ماشكوف لوكالة الأنباء الروسية الحكومية: ”نحن الآن في مرحلة المواجهة المفتوحة، والتي آمل ألا تؤدي إلى نزاع مسلح مباشر“.
وأضاف ماشكوف أنه سيكون من الضروري الآن اتخاذ ”المزيد من الخطوات لتعزيز القدرة الدفاعية للبلاد، بما في ذلك بناء الترسانة الصاروخية، من أجل ثني أي عدو محتمل عن اختبار قوة روسيا“.
ماشكوف مضى قائلا إن "روسيا تقوم بالفعل بالكثير في هذا المجال، ولكن هناك حاجة إلى المزيد بالنظر إلى ما قال إنه التهديد المتزايد من الغرب والتقدم التكنولوجي في معظم أنواع الصواريخ، من التكتيكية إلى العابرة للقارات".
وكجزء من حملة جديدة لـ”الردع“، من المفهوم أيضًا أن روسيا كلفت عالمًا سياسيًا بارزًا لاستكشاف السبل الممكنة لصد "زحف الغرب"، بما في ذلك الردع النووي.
ووفق تقارير صحفية بريطانية، فإن سيرغي كارغانوف، وهو مستشار قديم لبوتين وسلفه بوريس يلتسين، تم تكليفه بإجراء 8 دراسات حول مواضيع تشمل ”نظرية وممارسة الردع النووي“ في سياق المناخ السياسي الحالي في روسيا، وكيف يمكن لروسيا أن ”تطور“ مثل هذا الردع.
العالم البالغ من العمر 71 عامًا، ويرأس حاليًا مجلس السياسة الخارجية والدفاعية، يشتهر بعقيدته التي ترجع إلى ما بعد الاتحاد السوفياتي، وتقترح أن تهدف روسيا إلى الاستفادة من الأقليات الروسية التي تعيش بالقرب منها لنشر نفوذها والحفاظ عليه في المناطق التي كانت خاضعة لها سابقًا.
ودعا العام الماضي إلى قيام روسيا بشن ضربات نووية على أوروبا كإجراء وقائي لحل النزاع في أوكرانيا واستعادة السلطة المتصورة للتهديد النووي.
ترسانة روسيا النووية
تمتلك روسيا التي ورثت أسلحة الاتحاد السوفياتي النووية، أكبر مخزون في العالم من الرؤوس الحربية النووية.
ووفق تقديرات أمريكية، تملك روسيا نحو 5977 من الرؤوس النووية اعتبارا من عام 2022، مقارنة مع 5428 يمتلكها الجيش الأمريكي.
وفي السنوات الماضية، جرى إخراج نحو 1500 من الرؤوس النووية الروسية من الخدمة، ولكن لا يعرف مدى صلاحيتها من عدمه، فيما توجد 2889 رأسا في الاحتياط، وينشر الجيش 1588 رأسا حربيا استراتيجيا.
وقالت مؤسسة بولتين أوف أتومك ساينتس، إنه يجري نشر نحو 812 من هذه الرؤوس على صواريخ باليستية أرضية، ونحو 576 على صواريخ باليستية تطلق من غواصات، ونحو 200 في قواعد قاذفات ثقيلة.
جذور التصعيد
يأتي هذا التصعيد في الخطاب النووي الروسي بعد أسابيع من التهديدات الأكثر وضوحًا من الغرب بالتدخل في الصراع في أوكرانيا.
إذ قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا لمجلة "إيكونوميست"، إنه متمسك ”تمامًا“ بتعهداته بالتدخل البري في أوكرانيا إذا ما اقتضى الأمر.
وقال للمجلة في مقابلة نُشرت يوم الخميس الماضي: ”كما قلت، أنا لا أستبعد أي شيء، لأننا نواجه شخصًا لا يستبعد أي شيء“.
كما دعا ماكرون أوروبا إلى تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة وتطوير قدرة مستقلة لمواجهة الجهات الأجنبية المعادية.
وفي فبراير/شباط الماضي، حذر بوتين ماكرون من أنه إذا أرسلت فرنسا أي قوات إلى أوكرانيا، فإنها ستلقى نفس مصير جيش نابليون بونابرت الكبير الذي انتهى غزوه لروسيا، عام 1812 بهزيمة مذهلة وخسائر فادحة في الأرواح.
كما تلقى وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون إدانة من روسيا بعد أن قال للصحفيين في كييف إن أوكرانيا يمكنها استخدام الصواريخ التي زودتها بها بريطانيا كما تراه مناسبًا، بما في ذلك إطلاق النار على الأراضي الروسية.
ووصف الكرملين تصريح كاميرون بأنه ”تصعيد مباشر“ للحرب في أوكرانيا، يمثل ”خطرا على الأمن الأوروبي“.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن التصريحات التي أدلى بها كاميرون يوم الجمعة، يمكن أن تعرض نظام بنية الأمن الأوروبي بأكمله للخطر.