أكتوبر العاصف.. "تسونامي" يكسر شوكة إيران بالعراق ولبنان
احتجاجات أكتوبر في لبنان والعراق كسرت هيبة مليشيات طهران، حيث ارتفع تسوماني الغضب، منددا بالفساد وتدخل نظام ولاية الفقيه
كسرت عواصف واحتجاجات أكتوبر هيبة مليشيات وأذناب إيران في العراق، فارتفع تسوماني الغضب فيه، واندلعت الاحتجاجات منددة بالفساد وتردي الأحوال جراء تدخل نظام ولاية الفقيه.
أما في لبنان فأسقطت المظاهرات الشعبية المستمرة منذ أسبوع هيمنة حزب الله، المليشيا الإيرانية التي أغرقت البلاد في المحاصصات الطائفية والسياسية.
ولطالما عوّلت طهران في البلدين على تضخيم الانتماءات المذهبية، من أجل بناء جدران فاصلة بين مكونات الشعب الواحد، بما ييسّر تجييش وتأليب كل مكون ضد الآخر، ويخلق لها ثغرات تعزز من خلالها سيطرتها على القرارات السيادية فيهما.
فمع بلوغ الفساد وتردي المعيشة مستويات قياسية لم يصمد حاجز الشعور المذهبي الذي راكمته طهران عبر أذرعها بالبلدين، فانهار سريعا تحت وطأة وحدة نابعة من صميم الانتماء وحب الوطن، ونبذ التدخلات الخارجية.
وما بين العراق الذي شهد مظاهرات عارمة غيرت المعادلات السياسية، وأبرزت الموقف الشعبي المستاء من المحاصصة المذهبية والحزبية، ولبنان تشابه كبير مع فارق بسيط في التوقيت والكتلة الديمغرافية بالبلدين.
ففيهما تكاد تكون المحاصصة الطائفية والحزبية واحدة، والمعاناة من الهيمنة الإيرانية واحدة أيضا، فالعراق يعاني من مليشيات كثيرة مجمعة تحت اسم الحشد الشعبي، والتابعة في مجملها لولاية الفقيه الإيرانية.
أما لبنان فهذا البلد الجريح الذي خرج لتوه من أتون حرب أهلية دامية، وجد نفسه "أسير" مليشيا حزب الله الإيرانية أيضا، محكوما بقراراتها الرامية لخدمة أجندة طهران، بعيدا عن مصلحة اللبنانيين، كما هيمنت تلك المليشيا على التركيبة الحكومية.
ثورة لبنان تكسر انتقاد حزب الله
للمرة الأولى ترتفع شعارات في احتجاجات تنادي برحيل حزب الله من الحكم، في سابقة تستبطن درجة الغليان التي بلغها الغضب الشعبي من الأوضاع، ومن المسار الذي تصنعه المليشيات الإيرانية للبنانيين.
"كلهم يعني كلهم.. نصرالله واحد منهم".. هتافات صدمت الأمين العام للمليشيات نصر الله، عقب كلمة توجه بها للبنانيين، بعد يومين من اندلاع المظاهرات، ضمنها وعيدا وتهديدا ووعودا كاذبة، ليتفاجأ بشعارات لا تستثنيه، بل تحمله شخصيا مسؤولية تردي الأوضاع ومعاناتهم اليومية في سبيل تحصيل قوتهم.
سقطت "المحرمات".. لتفسح المجال للتظاهر في مناطق تعد معاقل رئيسية لحزب الله، وتوجيه انتقادات غير مسبوقة له ولأمينه العام حسن نصرالله.
ففي مواقع الاحتجاجات وفي أثناء بثّ المباشر قنوات تلفزيونية محلية، اتهم متظاهرون المليشيا بتوفير الغطاء للفاسدين، وسلب الناس مقدراتهم وسبل تحصيل عيش كريم.
كما شهدت العديد من المناطق جنوبي لبنان، الذي يعدّ معقلاً لحزب الله منذ تحريره عام 2000 من الاحتلال الإسرائيلي، مظاهرات غير مسبوقة، خصوصاً في مدن النبطية وبنت جبيل وصور، حيث يحظى حزب الله وحليفته أمل بنفوذ كبير.
وسابقا.. لم يكن مؤيدو الحزب الإرهابي يقبلون أي انتقاد لحزبهم، بل كانوا يسارعون بتوجيه تهمة "العميل" لإسرائيل لكل من يتجرأ على فعل ذلك ولو سرا، حيث كانوا يعولون على خلق صورة كاذبة له باعتباره رمز المقاومة ضد إسرائيل، في مقاربة يحرص من خلالها على تحويل أي معادٍ له إلى مطبع مع "العدو".
لكن احتجاجات "أكتوبر العاصف" استطاعت كسر حاجز الخوف الذي كان مسلطا على اللبنانيين، وأسقط الزعامات السياسية والطائفية.
فيما أكد محللون أن الاستياء من حزب الله ليس وليد اللحظة، بل نتاج بديهي لغضب السنوات الذي اختمر جراء أزمة اقتصادية لا يعبر عنها فقط إفلاس الطبقة الحاكمة بلبنان، بل تنعكس في وجود "دويلة حزب الله" الموالية لإيران داخل الدولة نفسها.
العراق ليس "محمية" إيرانية
مع أن مشهد الغضب لا يختلف كثيرا في العراق، إلا أن الاختلاف يكمن في مفهوم المرجعية الدينية الذي يغيب نوعا ما في لبنان، ويحضر بشكل كبير بالبلد الثاني.
ففي العراق استطاع أذناب إيران تحويل المناسبات الدينية التي تقيمها الأحزاب الشيعية، للهيمنة على المزاج العراقي وتحويله إلى طقوس دينية.
فالمنابر الحسينية التي لطالما أوصت بالصبر على الفساد وسوء الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية، أفلتت هذه المرة السيطرة على مزاجات الناس، وفشلت وصاياها في إخماد لهيب الغضب المستعر بالشارع العراقي.
تسونامي غضب أطاح بمليشيات إيران ومنح الأولوية لمتطلبات الحياة الكريمة للعراقيين، كما وقف في وجه عبث المليشيات الإيرانية.
كسرت مظاهرات العراقيين هيبة المليشيات، ومن ورائها شوكة إيران التي لغمت حياة الناس، فكانت الضربة القاضية لسطوة استمرت ستة عشر عاما، لتتهاوى صورة قدسية زائفة استخدمت سياطا على رقبة العراقيين، تماما مثلما لم يعد ادعاءات المقاومة والقوة المسلحة لحزب الله أي تأثير في نفوس اللبنانيين.