اقتصاد
السعودية ومنتجو النفط بالشرق الأوسط يتنافسون على واردات مصافي الصين
السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تبحث عن سبل جديدة لبيع الخام إلى الصين.. ما العراقيل التي تواجه ذلك؟
تبحث السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، عن سبل جديدة لبيع الخام إلى الصين؛ إذ تعرض المملكة المزيد من الشحنات بأسعار البيع الحاضر وبشروط أيسر في الدفع بعدما فقدت حصة في أسرع أسواق استيراد النفط نموا في العالم لصالح أنجولا وروسيا وغيرهما.
وأعادت شركات التكرير المستقلة تشكيل ملامح قطاع النفط الصيني هذا العام؛ إذ تسهم بمعظم النمو في واردات الخام الصينية منذ حصولها على تراخيص الاستيراد للمرة الأولى قرب نهاية 2015.
ويتجه معظم هذا الطلب الجديد إلى الخام المنخفض الكبريت العالي الجودة الذي يورده منتجون خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أو إلى الخامات العالية الكبريت التي تباع بخصومات كبيرة عن الأسعار السعودية بما يجعل من الصعب على أرامكو السعودية الحكومية الحفاظ على حصتها السوقية.
وقالت مصادر، الخميس، إن السعودية وغيرها من الأعضاء الخليجيين في أوبك عرضوا خفض إنتاجهم بنسبة 4% في ظل ما يواجهونه من تخمة في المعروض العالمي وإخفاقهم في الاستفادة من نمو الطلب الصيني.
وتقول مصادر بالقطاع إن أرامكو لا يمكنها الاستمرار عند مستويات الإنتاج المرتفعة لفترة طويلة في ظل تدني أسعار النفط.
وقال مايك تران، المحلل لدى آر.بي.سي كابيتال: "غيرت السعودية نهجها وتخلت عن استراتيجية إعطاء الأولوية للحصة السوقية لأنها ببساطة أثبتت عدم فاعليتها".
وأضاف قائلا: "خسرت المملكة حصة سوقية في الولايات المتحدة والصين وعجزت عن زيادة وجودها في الهند.
ونمت صادرات بائعي الشرق الأوسط إلى الصين بأقل من نصف الوتيرة التي سجلها آخرون في 2016 وهي أقل مساهماتهم منذ 2012 مع نمو صادرات السعودية بنسبة 1%.
وبدلا من هؤلاء اشترت شركات التكرير المستقلة المزيد من النفط من أنجولا التي يحتوي خامها على نسبة من الكبريت أقل من معظم خامات الشرق الأوسط وكذا من فنزويلا التي تعرض خامات عالية الكبريت بأسعار أقل.
وقال تشانغ ليو تشينغ، نائب رئيس شاندونغ دونغ مينغ للبتروكيماويات أكبر شركات التكرير المستقلة في الصين: "الأمر صعب في الوقت الراهن نظرا لأن الخام الثقيل الذي نستخدمه يأتي من فنزويلا التي يحتوي خامها على نسبة عالية جدا من الكبريت ومن ثم لا نستطيع إضافة خامات الشرق الأوسط إلى مزيجنا".
وارتفعت الواردات الصينية إلى مستويات قياسية هذا العام بدعم من مشتريات شركات التكرير المستقلة إلى جانب مشتريات من شركات حكومية عملاقة مثل سينوبك وبتروتشاينا. وفي سبتمبر/أيلول تفوقت الصين على الولايات المتحدة لتصبح أكبر مستورد للنفط في العالم وفقا لما أظهرته بيانات الجمارك.
* معضلة المصافي المستقلة
قال تشانغ إن معظم المصافي المستقلة في الصين مصممة لمعالجة الخام الذي يحتوي على نحو 1.5% من الكبريت. ويمكن لشركات التكرير شراء الخامات التي تحتوي على هذه النسبة أو أقل منها أو تشتري الخامات التي تحتوي على نسبة أعلى لمزجها بخامات منخفضة الكبريت.
وأضاف أن دونغ مينغ على سبيل المثال تشتري الخام الفنزويلي الذي يحتوي على 2.5-2.6% من الكبريت والذي ينافس النفط السعودي والكويتي والإيراني.
وتتجه شركات التكرير المستقلة أيضا إلى الشراء من البائعين الذين يعرضون شروطا أكثر مرونة فيما يتعلق بالتسليم وأحجام الشحنات والدفع من تلك التي يقدمها موردو الشرق الأوسط الذين يسعون في العادة لإبرام عقود طويلة الأجل مع العملاء.
وقال مصدر رفيع المستوى بالقطاع على دراية بعمليات أرامكو، إن الشركة السعودية تحاول الحفاظ على هذا النموذج الخاص بالعقود لطويلة الأجل بالتفاوض على بيع كميات كبيرة إلى مجموعة من شركات التكرير المستقلة في الصين بعقد سنوي واحد.
لكن مصدرا ثانيا مطلعا ذكر أنه لحين تستطيع أرامكو إبرام عقد تبدي الشركة السعودية بعض المرونة في بيع الخام لشركات التكرير المستقلة بأن تعرض عليها شحنات أصغر حجما على أساس سعر البيع الحاضر.
وقال المصدر الثاني: "لا يمكن لأرامكو الاعتماد على المشترين (الصينيين) الحكوميين الكبار وحدهم".
ولم ترد أرامكو على رسالة إلكترونية تطلب التعليق على هذه المسألة.
* التوسع في طاقة التخزين
في خطوة تهدف لمساعدتها على التوريد لمشترين جدد في الصين، تعكف أرامكو على توسعة طاقتها التخزينية للنفط في أوكيناوا بجنوب اليابان بنحو الثلث وفقا لما ذكرته مصادر بقطاع النفط في الشرق الأوسط.
وبدأت شركة النفط المملوكة للدولة في تخزين الخام في أوكيناوا عام 2011 وأرسلت ناقلات عملاقة إلى اليابان لتبيع من هناك شحنات أصغر إلى مشترين آسيويين.
وفي أبريل/نيسان الماضي باعت أرامكو أول شحنة من الخام العربي الثقيل إلى إحدى شركات التكرير الصينية المستقلة من أوكيناوا في شحنة فورية تجريبية.
وتتطلع السعودية أيضا لامتلاك طاقة تخزين في الصين؛ حيث وقع البلدان مذكرة تفاهم لبحث هذه المسألة في وقت سابق هذا العام.
وقال مصدر ثالث بالقطاع: "السبيل للمنافسة في الصين وآسيا بصفة عامة... في وقت تورد فيه روسيا الخام عبر خط الأنابيب هو أن تقترب أكثر من زبائنك.
"امتلاك مساحة تخزين للخام في الصين والتوسع في أوكيناوا هو السبيل لتحقيق ذلك".
وظلت السعودية أكبر مورد للصين في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول ولكنها على أساس شهري لم تتصدر قائمة الموردين لها إلا ثلاث مرات هذا العام.
وتصدرت روسيا وأنجولا قائمة الموردين في معظم هذا العام حيث نمت صادراتهما من الخام إلى الصين 25% و18% على الترتيب.
ولم تسجل مبيعات السعودية إلى الصين نموا يذكر منذ أن ارتفعت لأكثر من مثليها إلى مليون برميل يوميا في 2011 من 500 ألف برميل يوميا في 2007.
وقال مراقب من أوبك: "إذا واصل الطلب الصيني الارتفاع فهل يمكن أن يستمر الإنتاج السعودي في الزيادة؟ للحفاظ على حصتك يجب أن تزيد (الإنتاج) مع ارتفاع الطلب. والسعوديون لا يستطيعون ذلك".
وتتطلع الكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة أيضا لبيع المزيد من النفط إلى شركات التكرير المستقلة الصينية التي تزداد وارداتها لكن لم يتضح حتى الآن عدد الصفقات التي تم إبرامها.
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg جزيرة ام اند امز