نرجح أن يرتفع معدل نمو الطلب على النفط مثلما ورد في تقرير أوبك إذا مضت الأمور بسلام نسبي
وفقا لتقديرات التقرير الشهري الخاص بسوق النفط لمنظمة أوبك عن شهر يناير/كانون الثاني سيبقى معدل النمو الاقتصادي العالمي عند 3% في عام 2019، ولكن جرت مراجعته ليرتفع بمقدار 0.1% في عام 2020 ليبلغ 3.1%.
ويبقى معدل نمو الولايات المتحدة عند 2.9% في عام 2019، وينتظر انخفاضه إلى 1.9% في عام 2020. ويظل معدل نمو منطقة اليورو عند 1.2% في عام 2019 ويتوقع بلوغه نحو 1% في عام 2020، وقد تمت مراجعة معدل النمو الياباني ليرتفع بمقدار 0.2% في عام 2019 ليبلغ 1.1%، بينما يتوقع أن يبلغ معدل النمو 0.7% في عام 2020.
ومن غير المنتظر تغير معدل النمو الاقتصادي في الصين عن 6.2% في عام 2019، بينما يتوقع انخفاضه إلى 5.9% في عام 2020. كما من المنتظر أن يسجل معدل النمو في الهند نحو 5.5% في عام 2019، ثم يرتفع بشكل واضح ليسجل 6.4% في عام 2020.
ويبقى معدل نمو البرازيل عند 1% في عام 2019، ومن المنتظر أن يرتفع ليسجل 2% في العام الحالي، ويبقى معدل النمو في روسيا عند 1.1% في عام 2019، ثم تمت مراجعته بالرفع، حيث ينتظر أن يسجل 1.5% في العام الحالي.
ويشير التقرير الشهري لمنظمة أوبك إلى أن قطاع الخدمات في الولايات المتحدة وبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى (وهي منظمة تضم 36 بلدا من البلدان المتقدمة والصناعية الحديثة) سيستمر في التحسن كعامل مهم وراء النمو في عام 2020، إلى جانب احتمال كبير لتعافي قطاع الصناعة العالمي وتحسن العلاقات التجارية العالمية.
وقد أعاد تقرير أوبك لشهر يناير/كانون الثاني مراجعة نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2019 ليتم تخفيضه بمقدار 50 ألف برميل يوميا، مقارنة بتقرير أوبك لشهر ديسمبر/كانون الأول، حيث يقدر معدل نمو الطلب الآن بنحو 930 ألف برميل يوميا. وقد أملت أيضا هذه المراجعة نحو الانخفاض تراجع الطلب بأكثر مما تم تقديره للقطاع الصناعي في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في آسيا والباسفيك.
نرجح أن يرتفع معدل نمو الطلب على النفط مثلما ورد في تقرير أوبك إذا مضت الأمور بسلام نسبي على جبهة حرب التجارة العالمية، وهو ما نراهن عليه أيضا لأنه عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية
وفيما يتعلق بعام 2020، تمت مراجعة التقدير الخاص بمعدل نمو الطلب على النفط بالارتفاع بمقدار 140 ألف برميل يوميا مقارنة بتقديرات تقرير شهر ديسمبر/كانون الأول، ويتوقع الآن أن يرتفع معدل نمو الطلب إلى 1.22 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي، وهو ما يعكس بصورة رئيسية توقعات تحسن النمو الاقتصادي في عام 2020.
ونتيجة لهذا، يتوقع تقرير شهر يناير/كانون الثاني لمنظمة أوبك ارتفاع الطلب العالمي على النفط من 99.77 مليون برميل يوميا في عام 2019 إلى 100.98 مليون برميل يوميا في عام 2020. ومن المنتظر أن يرتفع الطلب على النفط في منطقة بلدان التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 90 ألف برميل يوميا، بسبب ارتفاع الطلب في الأمريكيتين، بينما ستقود البلدان خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نمو الطلب بمقدار 1.13 مليون برميل يوميا في دول آسيا غير الأعضاء في المنظمة، خصوصا في كل من الهند والصين.
على خلاف التقديرات التي أوردها تقرير منظمة أوبك لمعدلات النمو خلال العام الحالي، جاءت تقديرات البنك الدولي لمعدلات النمو في معظم دول وأقاليم العالم أكثر تحفظا، إذ يتوقع البنك الدولي في تقريره "توقعات الاقتصاد العالمي لعام 2020" والصادر في شهر يناير/كانون الثاني ارتفاع معدل النمو العالمي في عام 2020 إلى 2.5% فقط (لاحظ الانخفاض الشديد مقارنة مع تقرير أوبك الذي يضع المعدل عند 3.1%) مع الانتعاش التدريجي للاستثمار والتجارة من مستوياتها البالغة الضعف التي سجلتها في العام الماضي، ويرى التقرير أن الضغوط التنازلية في معدلات النمو لا تزال مستمرة.
ومن المتوقع انخفاض معدل النمو بين مجموعة الدول المتقدمة إلى 1.4% في عام 2020، وهو ما يعزى جزئيا إلى استمرار ضعف قطاع الصناعة التحويلية، بينما النمو في دول الاقتصادات الناشئة والدول النامية من المتوقع أن يرتفع إلى 4.1% في العام الحالي، هذا الارتفاع لن يتحقق في عموم هذه البلدان، بل سيبقى تحسن الأداء قاصرا على مجموعة صغيرة من الاقتصادات الكبيرة بينها، خصوصا إثر نهوض بعضها من فترة من الضعف البالغ.
ومن المتوقع أن يشهد نحو ثلث بلدان الاقتصادات الناشئة والنامية انخفاضا في معدلات النمو في العام الحالي نتيجة لضعف أكثر مما كان متوقعا في كل من الصادرات والاستثمار.
ويتوقع البنك الدولي انخفاض النمو في الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام ليسجل 1.8%، ما يعكس الأثر السلبي للزيادات السابق فرضها في الرسوم الجمركية وكذلك زيادة عوامل عدم اليقين.
ومن المنتظر انخفاض معدل نمو منطقة اليورو التي تضم 20 اقتصادا أوروبيا ليسجل 1% في عام 2020، وسط انخفاض واضح في نشاط الصناعة التحويلية.
وحسب البنك الدولي، فإن مخاطر التراجع في النشاط الاقتصادي تبقى مسيطرة على نظرته، وفي حال تحقق هذه المخاطر فإنها يمكن أن تخفض من معدلات النمو بشكل ملموس.
وتتضمن هذه المخاطر عودة التصعيد في الخلافات التجارية وعدم اليقين بشأن السياسة التجارية التي سيتم اتباعها، وكذلك مخاطر التراجع بحدة أكثر من المتوقع في الاقتصادات الرئيسية الكبرى، والاضطرابات المالية في دول الاقتصادات الناشئة والدول النامية.
ومن المنتظر للنمو في شرق آسيا والباسفيك أن يشهد بعض الانخفاض في عام 2020 ليسجل 5.7%، ما يعكس انخفاضا محدودا في معدل النمو في الصين إلى 5.9%، مع استمرار بعض المشكلات الداخلية والخارجية، بما في ذلك استمرار آثار النزاعات التجارية.
ومن المنتظر أن يتحسن معدل النمو في الإقليم قليلا في حالة استثناء الصين ليسجل 4.9%، مع استفادة الطلب المحلي من الظروف المالية المدعمة في ظل انخفاض معدل التضخم وتدفقات قوية من رأس المال في بعض البلدان، مثل كمبوديا والفلبين، وتايلاند، وفيتنام، ومع دخول بعض مشروعات البنية التحتية العامة في الخدمة خصوصا في الفلبين وتايلاند. وسوف يستفيد النمو الإقليمي كذلك من انخفاض درجة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية العالمية ومن التحسن الطفيف المنتظر في التجارة العالمية.
من المنتظر ارتفاع النمو في أمريكا اللاتينية والكاريبي إلى 1.8% في عام 2020، مع ارتفاع النمو في الاقتصادات الكبرى وارتفاع الطلب المحلي على المستوى الإقليمي.
ففي البرازيل ونتيجة لثقة المستثمرين الأعلى، إلى جانب التخفيف التدريجي لشروط الإقراض وظروف سوق العمل، سيرتفع معدل النمو إلى 2%، وسيرتفع النمو في المكسيك ليسجل 1.2%، مع توقع انكماش النمو في الأرجنتين بنحو 1.3%.
ومن المنتظر أن يتسارع معدل النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليسجل معدلا معقولا يبلغ 2.4% عام 2020، وذلك بسبب الاستثمارات الأعلى وقوة مناخ الأعمال، ومن المنتظر أن يرتفع النمو بين البلدان المصدرة للنفط إلى 2%.
وسوف تؤدي مشروعات البنية الأساسية والمناخ المواتي في مجال الأعمال إلى ارتفاع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.2%، ومن المنتظر ارتفاع معدل النمو في الجزائر ليسجل 1.9% مع ارتفاع الاستثمارات، ومن المنتظر ارتفاع معدل النمو في البلدان المستوردة للنفط إلى 4.4%.
ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع الاستثمار والاستهلاك الخاص إلى دعم ارتفاع معدل النمو في مصر ليسجل 5.8% في العام المالي 2020.
ومن المنتظر أن يشهد جنوب آسيا ارتفاع معدل النمو إلى 5.5% في عام 2020، مع افتراض تعافي الطلب المحلي ومع استفادة النشاط الاقتصادي من تكيف السياسة الاقتصادية في كل من الهند وسريلانكا.
ففي الهند ونتيجة لتوقع استمرار ضعف منح الائتمان من الشركات المالية غير المصرفية، فمن المنتظر أن ينخفض معدل النمو إلى 5% في العام المالي 2019/2020 الذي ينتهي في 31 مارس/آذار 2020، ثم يتعافى النشاط الاقتصادي ليسجل النمو 5.8% في العام المالي 2020/2021.
ومن المنتظر ارتفاع معدل النمو في باكستان إلى 3% خلال العام المالي المقبل بعد أن يسجل في العام المالي 2019/2020 المنتهي في 30 يونيو/حزيران 2.4%.
وفي بنجلاديش من المنتظر أن يسجل معدل النمو 7.2% في العام المالي 2019/2020 المنتهي في 30 يونيو/حزيران، ثم يرتفع معدل النمو إلى 7.3% في العام المالي التالي. ومن المنتظر ارتفاع معدل النمو في سريلانكا إلى 3.3%.
وفقا إذن لهذه التوقعات الأكثر تحفظا للبنك الدولي، من غير المنتظر ارتفاع معدل نمو الطلب على النفط، كما قدر تقرير منظمة أوبك، لكن مع الوضع في الاعتبار أن تقرير البنك الدولي قد وضع حينما لم يكن قد تم التأكد تماما من التوصل إلى اتفاق المرحلة واحد التجاري بين الولايات المتحدة والصين، فربما لذلك ظل أكثر تشاؤما من تقرير أوبك.
ولذلك نرجح أن يرتفع معدل نمو الطلب على النفط مثلما ورد في تقرير أوبك إذا مضت الأمور بسلام نسبي على جبهة حرب التجارة العالمية، وهو ما نراهن عليه أيضا، لأنه عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسيكون الرئيس الراغب في إعادة ترشيحه للمنصب ربما أكثر سعيا نسبيا نحو التهدئة والحصول على مكاسب جديدة دون التضحية بما تم التوصل إليه بعد جهد؛ أي أننا نرجح أن العام الحالي قد يشهد مناخا أفضل نسبيا يساعد في رفع معدلات النمو الاقتصادي، ويعمل بالتالي على زيادة معدل نمو الطلب على النفط ربما حتى بما يتجاوز ما أورده تقرير شهر يناير/كانون الثاني لمنظمة أوبك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة