عمرها 109 وما زالت تشم رائحة المجزرة.. فيولا تروي الليلة المرعبة

حين يعلق الألم بالذاكرة لا تمحوه السنوات مهما بلغ الإنسان من العمر عتيا.
فيولا فليتشر، 109 سنوات، أقدم ناجية معروفة على قيد الحياة من المذبحة الأكثر دموية في التاريخ الأمريكي، التي استهدفت حيا في مدينة أوكلاهوما، ما بين 31 مايو/أيار و1 يونيو/حزيران عام 1921، وأسفرت عن مقتل 300 شخص من أصول أفريقية.
في مؤتمر صحفي عُقد أمس الأول الثلاثاء، قال حفيدها آيك هوارد إن جدته بصدد إصدار كتاب، يوم الرابع من الشهر الجاري، بعنوان "لا تدعهم يدفنون قصتي.. حياة فليتشر".
وتؤمن الجدة التي ولدت قبل الحرب العالمية الأولى أنه "كلما زاد عدد الأشخاص الذين يعرفون القصة زاد عدد الأشخاص الذين تأمل أن يخضعوا للمساءلة".
"لذا فهي تريد تلك المساءلة، تريد العدالة إنها تريد أن يعرف الناس التاريخ حتى لا يعيد نفسه".
وبحسب وسائل إعلام أمريكية يتخطى الكتاب تجارب فليتشر في مذبحة عام 1921 ليغطي حياتها بعد ذلك.
ووفق حفيدها كانت فليتشر عاملة لحام في حوض بناء السفن خلال الحرب العالمية الثانية.
مذبحة تولسا.. هذا ما حدث عام 1921
في ربيع عام 1921، كانت تولسا موطنا لواحد من أكثر المجتمعات الأمريكية الأفريقية ازدهارا في البلاد، حيث ازدهرت الأعمال التجارية على طول شارع غرينوود الذي سمي بـ"بلاك وول ستريت".
في غضون 12 ساعة، تصاعدت أعمال الشغب التي بدأت في محكمة مقاطعة تولسا في ليلة 31 مايو/أيار 1921، إلى هجوم شامل على غرينوود في صباح 1 يونيو/حزيران.
بدأت مذبحة تولسا العرقية بعد تجمع حشد من البيض في سجن، حيث تم القبض على مراهق أسود بتهمة "مهاجمة" فتاة بيضاء في مصعد.
وعلى الرغم من تبرئته من قبل السلطات، إلا أن ذلك لم يوقف الفوضى التي عمت المدينة.
"عندما تحرك البيض شمالا، أشعلوا النار في كل مبنى تقريبا في الجالية الأمريكية الأفريقية، بما في ذلك عشرات الكنائس، وخمسة فنادق، و31 مطعما، وأربعة متاجر للأدوية، وثمانية مكاتب للأطباء، وأكثر من عشرين محل بقالة" وفقا لتقرير عام 2001 عن المجزرة التي خلفت ما يصل إلى 300 قتيل و10000 بلا مأوى.
وفي تصريحات سابقة لها، قالت فيولا فليتشر التي كانت تبلغ سبع سنوات وقت المذبحة "لقد عشت المذبحة كل يوم.. قد تنسى بلادنا هذا التاريخ، لكنني لا أستطيع.. لن أفعل، والناجون الآخرون لا يفعلون ذلك. وأحفادنا لا يفعلون ذلك".
ليلة ليست كمثلها ليال
واليوم، تتذكر فيولا كيف كان حي غرينوود في تولسا ذات يوم مجتمعا مزدهرا وغنيا، حيث كان من الممكن أن تعيش حلمها الأمريكي، لكن هذا المستقبل المشرق سُلب فجأة، في تلك الليلة.
في ليلة المجزرة تقول:" أيقظتني عائلتي. كان والداي وخمسة من أشقائي هناك. قيل لي إن علينا المغادرة وكان هذا كل شيء".
وتضيف "لن أنسى أبدا عنف الغوغاء البيض عندما غادرنا منزلنا.. ما زلت أرى رجالا سود يتعرضون لإطلاق النار والأجساد ملقاة في الشارع.. ما زلت أشم رائحة الدخان وأرى النار، ما زلت أرى الشركات السوداء تُحرق، ما زلت أسمع طائرات تحلق في سماء المنطقة.. أسمع الصراخ.. لقد عشت المذبحة كل يوم".
وتابعت "قد تنسى بلادنا هذا التاريخ لكنني لا أستطيع.. لن أفعل ولن يفعل ذلك الناجون الآخرون ولا يفعل ذلك أحفادنا.. عندما أُجبرت عائلتي على مغادرة تولسا فقدت فرصتي في التعليم، لم أنته من المدرسة مطلقا بعد الصف الرابع.. أنا لم أكسب الكثير من المال".
"لقد أخذت بلدي وولايتي ومدينتي الكثير مني.. على الرغم من ذلك أمضيت وقتا في دعم المجهود الحربي في أحواض بناء السفن في كاليفورنيا، لكن معظم حياتي كانت عاملة منزلية أخدم العائلات البيضاء. أنا لم أكسب الكثير من المال. حتى يومنا هذا، بالكاد أستطيع تحمل احتياجاتي اليومية".
طلبت فليتشر من الدولة الاعتراف بتجربتها وإعطاء الناجيات فرصة للسعي لتحقيق العدالة.
aXA6IDMuMjIuNDEuNDcg جزيرة ام اند امز