الموصل القديمة.. سجن معزول تحت الأرض
400 ألف شخص محاصرون في الموصل القديمة التي تحولت إلى سجن تحت الأرض.
معزولون في بيوتهم مع قليل من الطعام والمياه.. يصف السكان المحاصرون في مدينة الموصل القديمة التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي أوضاعهم بأنها تشبه الاحتجاز في سجن تحت الأرض دون امتلاك معلومات كثيرة عن المد والجزر الذي يحدث في المعركة التي تدور حولهم.
تقدمت قوات الحكومة العراقية إلى المحيط الخارجي للمدينة القديمة ولكنها لم تتغلغل فيها حتى الآن، فالوحدات الكاملة ممنوعة من التقدم بسبب اثنين أو 3 من قناصة داعش يبدلون مواقعهم من منزل إلى آخر باستخدام فجوات في الحوائط بحيث يكونوا غير مرئيين للاستطلاع الجوي.
يقول المواطن عمر، 39 سنة، لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، إن الأضواء الأخيرة تنطفئ في المنازل الموجودة في شارعه لعدم تبقي وقود لتشغيل مولد الحي، حتى إن تمكنوا من الوصول إليه.
صرخ عمر عبر وصلة هاتف ضعيفة تتصل بشرق الموصل طلبًا للمساعدة "هذه هي المكالمة الأخيرة التي يمكنني القيام بها لأنه لا يمكن أن يخرج أي شخص لتشغيل المولد ولا يوجد بنزين لذلك لا يوجد أي طريقة لشحن هاتفي المحمول بعد هذه المكالمة".
يشير عمر إلى أنه لا أحد يمتلك أي فكرة عما يحدث في الحي بسبب قرب القتال، موضحًا أنه مع عائلته في منزل جيرانه الكبير نسبيًا ويضم حوالي 35 شخصًا.
يقول عمر إن الأطفال يبكون من الجوع وقد نفذ الطحين، ولا يمتلكون سوى القمح والنخالة التي يضعون بعضها في المياه لتصبح لينة ويمنحونها للأطفال.
يصف عمر شكل الحياة للكثير من السكان المقدر عددهم بـ400 ألف شخص يقال إنهم لا يزالون يسكنون المدينة القديمة وهم عاجزون عن الهرب ولا يمكنهم معرفة ما يحدث حولهم.
يوضح عمر أنهم يسمعون انفجارات وإطلاق للنار من الخارج ولكن لا يعرف أحد من هم أطراف القتال، مشيرًا إلى انضمام سيدة مسنة إليهم في المنزل وأخبرتهم بعدم وجود أحد يقاتل بالجوار وأن الجيش توقف عن التقدم في المدينة القديمة.
قد يكون هذا صحيحًا بالنسبة للشرطة الاتحادية التي توقفت عن التقدم في الجنوب، لكن بدأت الفرقة الذهبية الهجوم من الغرب، بحسب الصحيفة البريطانية.
تدور الخطة حول شن هجمات متعددة على جبهات مختلفة لكي تعجز قوات داعش الذين تتراوح أعدادهم ما بين 1000 إلى 4000 مقاتلًا عن تحمل الهجمات التي تتم في الوقت نفسه.
يقول عمر إنهم يعرفون من السكان في حي اليرموك أن الجيش يحارب هناك ولكن في حيهم المحاط بالشرطة الاتحادية لم يحدث أي تقدم لأكثر من أسبوع.
يوضح عمر أن أقرب شارع للمنزل الذي يجلس فيه هو شارع فاروق، ويمكنهم سماع أصوات الانفجارات والغارات الجوية، مشيرًا إلى حدوث انفجار جعلهم يشعرون كأن هناك زلزال، وأنهم سمعوا صراخ الناس في الخارج ولكن لم يتمكن أحد من الخروج لرؤية ما يحدث.
يقول عمر إن مقاتلي داعش أجبروا الناس الأسبوع الماضي على إخلاء منازلهم وأمروا باجتماع 3 أو 4 عائلات في منزل واحد، واستولوا على المنازل وأحدثوا فجوات في الحوائط لتجنب استخدام الأسطح أو الظهور في الأزقة حيث يمكن رصدهم.
يصف عمر المدينة القديمة بأنها أشبه بسجن تحت الأرض، فأي شخص يدخلها سيصبح مفقودًا ومن يهرب منها ولد من جديد.
كما يحدث في منازلهم يواجه الناس الخسارة المحتملة لأي عربات يمتلكونها، فيشير عمر إلى أن قريبه عدنان يعيش في حي تموز حيث يعاني الناس هناك من استيلاء داعش على سياراتهم إما بالإجبار أو دفع القليل من الأموال حتى لو كانت السيارة غالية الثمن.
وفقًا لعدنان أخذ التنظيم سيارات عديدة من الحي وقاموا بتحويلها إلى سيارات مفخخة وأرسلوها لتدمير دبابات ومركبات الجيش العراقي في أحياء اليرموك والزنجيلي.
لا يعرف أحد حتى إلى الآن إلى متى ستستمر معركة الموصل، فيقول العديد من الجنود العراقيين إنها سوف تستمر لشهر على الأقل وربما أطول من ذلك.