بعد حكم المحكمة الدستورية.. تعرف على مصير الإيجار القديم في مصر
بعد سنوات من المنازعات المستمرة بين الملاك والمستأجرين، أصدرت المحكمة الدستورية العليا في مصر حكماً تاريخياً يقضي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، الذي ينظم تأجير الأماكن والعلاقة بين المؤجر والمستأجر.
ولم ينه هذا الحكم فقط حالة الشد والجذب بين الطرفين، بل أثار أيضًا العديد من التساؤلات حول كيفية تنفيذ القرار وآثاره على سوق الإيجارات في مصر، فضلاً عن احتمالية تعديل القوانين الحالية بما يتماشى مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
- بوتين يتعهد بتوفير «دعم كامل» للدول الأفريقية
- الدعم النقدي الجديد في مصر.. موعد تطبيقه ومميزاته والفئات المستبعدة
ومن جانبه، قال الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، اليوم الأحد، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن الإيجار القديم ملزم لجميع مؤسسات الدولة والمواطنين، وأصبح واجب النفاذ.
ووصف اللواء الدكتور رضا فرحات، محافظ الإسكندرية والقليوبية الأسبق وخبير الإدارة المحلية، الحكم الأخير بأنه تاريخي، مؤكدًا أنه يضع حدًا لعلاقة كانت ضارة بين المالك والمستأجر.
وأوضح فرحات في تصريحات حديثة لوسائل إعلام محلية، أن القانون السابق كان يحتوي على عوار دستوري، وأن الحكم الجديد أنصف شريحة كبيرة من المواطنين.
وأشار إلى أن مبادئ دستور 2014 تضمن حماية الحقوق والحريات المتعلقة بالعقود، إلا أن المواد التي تنص على تثبيت القيمة الإيجارية، مثل المادتين 1 و2، لم تعد تتماشى مع الواقع الاقتصادي الحالي، خاصة مع تفاقم التضخم وتراجع قيمة الجنيه المصري.
لذا، كان من الضروري تعديل هذه المواد لضمان حقوق الملاك وحل المشكلة المستمرة في العلاقة الإيجارية.
حيثيات الحكم
ووفقًا لوسائل إعلام محلية، طالب مصطفى عبدالرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة في مصر، بتحديد حد أدنى لإيجار الوحدة السكنية بنظام القانون القديم بمبلغ 2000 جنيه، مع خضوعه لزيادة سنوية.
كما دعا الحكومة المصرية إلى التقدم بمشروع قانون يشمل تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر بالنسبة للوحدات السكنية والتجارية على حد سواء.
وفي المقابل، اقترح المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، ميشيل حليم، رفع القيمة الإيجارية للوحدة بمعدل 5 أضعاف بشكل مبدئي، مع إقرار زيادة سنوية بنسبة 15%، إلا أن هذا الاقتراح قوبل بالرفض من قبل ممثل الملاك.
وفي هذا السياق، أكد رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، محمد عطية الفيومي، أن المجلس ينتظر حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا.
وأضاف أن هناك 8 أشهر متبقية في هذا الفصل التشريعي، وفي حال عدم إصدار مجلس النواب القانون خلال هذه الفترة، سيتم تنفيذ الحكم، وستكون المحكمة هي الجهة المختصة بتحديد القيمة الإيجارية في حال لجوء المالك إليها.
وأوضح الفيومي، أن الحكومة المصرية لم تقدم بعد مشروع قانون بشأن الإيجار، بل يوجد مقترح قانون مقدم من بعض أعضاء البرلمان لم يتم النظر فيه بعد، على الرغم من وجود العديد من الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع.
وأشار إلى أن هناك دراسات لتقييم الأثر التشريعي للقانون، تتضمن كيفية تنفيذه وتأثيره على الملاك والمستأجرين محدودي الدخل، الذين قد لا يتمكن البعض منهم من تحمل القيمة الإيجارية الحالية.
كما ذكر أن بعض المستفيدين من قانون الإيجار القديم سيكونون من الفئات الأولى للاستفادة من مبادرات "سكن لكل المصريين".
وأكد أن الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا أصبح ملزمًا للتنفيذ، وسيتم مراعاة مصلحة الطرفين، المالك والمستأجر، عند التعامل مع قضية قانون الإيجار القديم.
حكم المحكمة الدستورية بشأن الإيجار القديم
وقضت المحكمة الدستورية العليا في جلستها المنعقدة يوم السبت الماضي، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، والمتعلق ببعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقد تم الطعن على ما تضمنته المادتان من تثبيت الأجرة السنوية للأماكن المرخصة لأغراض السكن اعتبارًا من تاريخ تطبيق القانون.
وأكد رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، في تصريحاته لوسائل الإعلام المحلية اليوم الأحد، أن اللجنة ستعقد اجتماعًا فور ورود حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا، لدراستها بعناية بهدف تحديد آلية تنفيذ القرار بما يتماشى مع الواقع القانوني والدستوري.
وأضاف أن اللجنة أجرت دراسات شاملة بناءً على تكليف مكتب المجلس، والتي تناولت الوضع الدستوري لقوانين الإيجار القديمة وأحكام المحكمة التي صدرت على مدار السنوات الماضية، بالإضافة إلى إحصائيات تتعلق بعدد الوحدات السكنية والمستفيدين منها واستخداماتها المتنوعة.
كما أوضح أنه سيتم عرض تقرير الدراسة على اللجنة، ثم سيتم إعداد مشروع قانون لعرضه على الجلسة العامة للمجلس من أجل الموافقة عليه.
آلية التنفيذ
في ضوء قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض بنود قانون الإيجارات القديمة، أكد رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب أنه سيتم دراسة آلية تطبيق القرار بعناية، مع وضع عدة سيناريوهات لتحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر.
وأشار إلى أن اللجنة تسعى لضمان تنفيذ الحكم بشكل يراعي الواقع القانوني والاقتصادي، بما يحقق العدالة بين الأطراف المعنية ويعزز الاستقرار في سوق الإيجارات.
قانون الإيجار القديم في مصر
كان عقد الإيجار القديم ينص على حق المستأجر في الإقامة في الوحدة السكنية مدى الحياة، بالإضافة إلى حقه في توريثها لأبنائه المقيمين معه دون زيادة في قيمة الإيجار.
وعلى الرغم من إدخال تعديلات عدة على قانون الإيجار القديم خلال العشرين عامًا الماضية، إلا أن القضية ظلت تشكل أزمة كبيرة.
وفي هذا السياق، كانت لجنة الإسكان بمجلس النواب قد أصدرت توصيات ضمن برنامج عمل الحكومة الجديدة، تضمنت 31 توصية، أبرزها تنفيذ التكليفات الرئاسية بتعديل القوانين المنظمة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر في ظل الإيجارات القديمة، بهدف تحقيق التوازن الذي غاب عن هذه العلاقة التعاقدية لسنوات طويلة فيما يخص الحقوق والالتزامات.
تشريع حاسم
طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمر «حكاية وطن» في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بضرورة إصدار قانون قوي وحاسم لمعالجة مشكلة العقارات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، مشيرًا إلى أن هناك نحو مليوني وحدة سكنية مغلقة بسبب هذا القانون، تقدر قيمتها بتريليون جنيه. كما وجه الرئيس البرلمان بتشريع قانون يغير ثقافة الخوف السائدة بين الملاك من فقدان وحداتهم السكنية، مما يدفعهم إلى إبقائها مغلقة بدلاً من تأجيرها.
وأكد السيسي على أنه ما لم يتم القضاء على هذه الثقافة، ستظل فكرة التأجير غير قابلة للنجاح، لأن القوانين السابقة كانت تشكل عقبة أمام الملاك، مما جعلهم يفضلون إغلاق وحداتهم أو عدم بيعها خوفًا من خسارتها.