وريقات خضراء تزهو يحملها عود رفيع أشبه بخيط يرسم مسارا مشرقا لكل من يؤمن به، إنه غصن الزيتون الذي يحمل في طياته ما يمكن تسميته نظرية غصن الزيتون يرفع أُوار الحب والسلام، وينبذ الكراهية والعنصرية.
ففي مثال بسيط: إذا انضم فرد إلى حزب ما، يتعصب لحزبه وينشر السلبية والكراهية تجاه المختلفين معه، وكأنه يخوض معركة ضدهم! فهو يدخل ضمن دائرة الاختلاف الفكري الذي يعد فطرة إنسانية، ولا بد أن نقبل هذا الاختلاف بحب وتسامح، دون كراهية.
فالزوجان يختلفان وهما في بيت واحد وفراش واحد، ومع ذلك يحبان بعضهما البعض. فكيف لنا أن نجعل شعبًا أو شعوبًا تفكر بطريقة موحدة؟ وكيف نغرس في العربي أن الاختلاف ليس حربًا، بل اختلاف طبيعي يمكن أن نتقبله؟
وإذا التحق فرد بتيار أو حزب ديني، نجده يكفّر المختلفين معه في الدين، وربما حتى في المذهب، ويتمنى لهم جهنم وبئس المصير! وربما يكون أكثر تسامحًا مع المختلفين معه في الدين من أولئك الذين يختلفون معه في المذهب.
إن التسامح مبدأ عظيم. ومن أكثر الدول التي تنادي اليوم بتكريس مبدأ التسامح في شعبها هي دولة الإمارات العربية المتحدة، فهي نموذج عربي رائد. بل وقد تعمقت دولة الإمارات في ذلك بأن جعلت التسامح مادة تُدرَّس في المدارس، لأهميته للأجيال القادمة، لكي يعيش الناس في حب ووئام وسلام.
قد يتساءل القارئ: ما علاقة المحتوى أعلاه بالعنوان «غصن الزيتون»؟
وأقول لك، عزيزي القارئ، إن هناك علاقة وثيقة بين غصن الزيتون والسلام. سأوضحها لك مستعينًا بمصادر أخرى لتتضح الفكرة.
تحمل شجرة الزيتون معاني كثيرة؛ فهي رمز للصداقة والمصالحة، والتطهير والشفاء، والنور والنصر والغنى، وفوق كل ذلك فهي رمز للسلام. وهي نبتة ينبغي أن نعاملها باحترام لأنها تحمل العديد من المواهب الروحية.
ومن أشهر الروايات التي ارتبطت بغصن الزيتون هي قصة سفينة نوح. فقد أمضى نوح أربعين يومًا وأربعين ليلة في سفينته بعد الطوفان الرهيب. وعندما هدأت المياه، أرسل حمامة فعادت إليه بغصن زيتون.
ومن خلال هذه العلامة، عرف أن الأرض قد عادت مرة أخرى. وأصبحت الحمامة وغصن الزيتون رمزًا للأمل، وأتاحت فرصة لبداية جديدة للبشرية. ومن هنا نشأ تعبيرنا عن «مد غصن الزيتون»، والذي يُستخدم غالبًا في إشارة إلى الأشخاص الذين يحاولون تحقيق السلام مع بعضهم البعض.
في ختام المقال، وفي ظل ما يشهده العالم اليوم من حروب وتوترات وصراعات جيوسياسية وجيواقتصادية، نحن بأمسِّ الحاجة إلى أن نمد غصن الزيتون لبعضنا البعض. لنتقبل اختلافاتنا بتسامح ومحبة، ونعمل سويًا على بناء مستقبل يسوده السلام والوئام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة