لقد سعى -المغفور له- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ اليوم الأول لتأسيس دولة الإمارات في 2 ديسمبر/كانون الأول عام 1971م، لتقوية ودعم الروابط بينه وبين أفراد شعبه والمحافظة عليها، مع الحرص الشديد على بناء المجتمع، بدءاً من الأسرة وحتى لقائه بأفراد شعبه.
لقد اعتمد الشيخ "زايد" نهجًا متميزاً في مباشرة مسؤوليات العمل الوطني وجعل من نفسه القدوة والمثل الأعلى للمسؤولين للاقتداء به في المتابعة الميدانية لمواقع العمل والإنتاج والتلاحم المستمر مع المواطنين لتحسس رغباتهم بعيداً عن المكاتب والدواوين الحكومية والتقارير الرسمية.
لقد انطلق الشيخ "زايد" في ممارسته" لمسؤوليات الحكم من قناعة راسخة يؤمن بها ويجسدها بقوله: "إن الحاكم، أي حاكم ما وجد إلا ليخدم شعبه ويوفر له الرفاهية والتقدم"، كما أنه شجع على ممارسة النقد البناء الذي يهدف إلى المصلحة العامة.
وحرص –طيب الله ثراه-في إطار ممارسته لمفهوم الحكم والسلطة وأحكام مبادئ الشورى، على إتاحة الفرص الواسعة أمام المواطنين للمشاركة في مسؤوليات العمل الوطني، يقول في هذا الشأن: "إن الحاكم العادل المطمئن الواثق لا يخاف شعبه". حتى أصبحت دولة الإمارات النموذج العالمي في التلاحم الأسري، حيث كان يحرص بنفسه على المحافظة على تلك الروابط والإشراف على تنفيذ تلك الإصلاحات، لقد كان مجلسه مفتوحاً للجميع وكان يتخذ قراراته بموافقة وإجماع من القبائل، بل ويسعى إلى السفر إلى جميع المناطق القريبة والبعيدة النائية حتى يكون بقرب الناس ، يتفقد أحوالهم ويسأل عن حاجاتهم، ويستمع إليهم قبل اتخاذ أي قرار، حتى حظي باحترام الجميع حيث عرف عنه حسن الإنصات واحترام الآخرين دون استثناء.
لقد حرص القائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه- منذ تأسيس دولة الإمارات على ضرورة توجيه موارد البلاد لما فيه مصلحة وخير للشعب، من خلال تبنيه لعملية تنموية شملت كافة قطاعات الحياة بما في ذلك الخدمات الاجتماعية والصحية والتجارة والاقتصاد وغيره، وكان الإنسان الإماراتي في قائمة أولوياته.
من أقواله –طيب الله ثراه-: )إن أكبر استثمار للمال هو استثماره في بناء أجيال من المتعلّمين والمثقفين ) و (لقد تعلّمنا من هذا الازدهار أن نبني دولتنا من خلال التعليم والمعرفة وأن نرعى أجيالاً من الرجال والنساء المتعلمين)، فعمل سموه على دعم مجال تنمية الأسرة والمجتمع، تدعمه قرينته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله فأنشأ الجمعيات النسائية، وفي مقدمتها جمعية «نهضة المرأة الظبيانية»، ثم الاتحاد النسائي العام، وغيرهما من الجمعيات، وأطلق استراتيجية محو الأمية وتعليم المرأة في دولة الإمارات في عام 1975، و مشروع الأسر الوطنية المنتجة عام 1997، وجائزة فاطمة بنت مبارك للأسرة المثالية عام 1997، ورعاية مشروع المسح الوطني لخصائص الأسرة المواطنة 1998م.
عُرف عنه -طيب الله ثراه- تواضعه وحبه مشاركة المواطنين في جميع المناسبات الاجتماعية، لقد سعى الشيخ زايد لتطبيق العديد من الاستراتيجيات في مجال العمل الاجتماعي تهدف إلى تحقيق العدالة والرفاه الاجتماعي وتوفير الرعاية والحياة الكريمة للمواطنين وتنمية المجتمع وتطويره ورعاية الأسرة وحماية الطفولة ورعاية أصحاب الهمم والأرامل والعجزة وكبار المواطنين، ومنحهم إعانة شهرية منظمة تساعدهم على سد احتياجاتهم المعيشية ومتطلبات الحياة الكريمة، لذلك نفذت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قانون الضمان الاجتماعي الذي أصدره الشيخ زايد في عام 2001 والذي يؤمّن مظلة للأمن الاجتماعي لجميع المواطنين المستحقين من المعونة والمساعدات الاجتماعية.
كما أصدر -رحمه الله- في عام 2003م مرسوماً بإنشاء المجلس الأعلى للأمومة والطفولة يهدف إلى الارتقاء بمستويات الاهتمام للأمومة والطفولة ،واهتمت دولة الإمارات بأصحاب الهمم ورعايتهم فعملت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على توفير الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية لهم إلى جانب الخدمات التعليم، وأتاحت الفرصة لأصحاب الهمم للتعلم واكتساب المهارات والمعرفة فأنشأت الوزارة مراكز رعاية وتأهيل أصحاب الهمم عام 2003 في جميع الإمارات دون استثناء، وأنشأت مراكز للتوحد تتوفر فيها أحدث خدمات الرعاية الصحية والتعليمية والتأهيلية.
كما اهتمت بكبار المواطنين وحرصت على رعايتهم صحياَ واجتماعياَ ونفسياً من خلال دور رعاية المسنين، واهتمت برعاية الشباب ثقافيا وعلمياً ورياضيا فأصدرت عام 1999 قانون الهيئة العامة للشباب الرياضة لتنفيذ سياسات الدولة في رعاية الشباب والنهوض بهم، وأنشأت صندوق الزواج بمبادرة من الشيخ زايد -طيب الله ثراه -لتوفير الاستقرار العائلي والحياة الكريمة للشباب من خلال منح الزواج للتصدي لظاهرة غلاء المهور.
لقد أسهم صندوق الزواج في إقامة الكثير من الأعراس الجماعية التي رفعت معدل الزواج بين المواطنين، وخففت من غلاء المهور، وزادت من الوعي بين الشباب بالاهتمام بمؤسسات الزواج، كما أن اهتمام الشيخ زايد -طيب الله ثراه- بدعم المرأة كان لا حدود له، فوقف إلى جانب قضاياها ودعم مطالبها والسعي نحو منحها الكثير من الفرص التي أثبتت في جميع المحافل الدولية كفاءتها في تبوؤ أفضل المناصب.
إنها دولة الإمارات، دولة الإنسان والرفاه والسعادة، لقد جسد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات كل معاني الإنسانية واستكمالاً لنهج والده -طيب الله ثراه- عندما استقبل سموه في قصر البحر يوم الخميس الماضي عدداً من الأمهات الحاضنات، حيث أعرب عن شكره وتقديره لهن لمبادرتهن الإنسانية في احتضان هؤلاء الأطفال ودمجهم في المجتمع وتوفير حياة أسرية صحية لهم بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع والفائدة. لقد أكد سموه بأن دولة الإمارات مجتمع الإنسانية والتكافل الاجتماعي وبناء الإنسان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة