زيت الزيتون.. رحلة زجاجة مبتكرة بـ17 دولارا تغزو سوقا بالمليارات
غرازا، شركة ناشئة نجحت في اقتحام سوق زيت الزيتون خلال أقل من سنتين بمنتجين هما "سيزل" للطهي و"دريزل" الذي يؤكل كغموس أو يرش على الطعام.
الشركة التي تتخذ من حي بروكلين في نيويورك مقراً لها، لديها عدة ميزات ساعدتها على النجاح، فقنينة زيت "سيزل" وهو من زيتون بيكوال الإسباني تُباع مقابل 17 دولاراً، وهو سعر جيد مقارنة بالعلامات الفاخرة، وقد نال هذا الزيت استحساناً واسعاً.
لكن العامل الأهم كان العبوة المرنة سهلة الاستخدام التي اشتهرت بها "غرازا"، والتي تتيح للمبتدئين في عالم الطهي محاكاة طريقة استخدام الطهاة المحترفين لزيت الزيتون في المطاعم. لتستقطب فئة جديدة من مستهلكين لم تتمكن شركات زيت الزيتون الأخرى استهدافهم، بحسب تقرير لبلومبرغ.
صُممت ملصقات العبوات بلون أخضر مبهج، يظهر على إحداها رسم كرتوني لسيدة تستخدم زيت "سيزل"، وقد رفعت العبوة فوق رأسها نحو الخلف لتضعه في مقلاة كانت تمسكها بيدها وراء ظهرها. أما اختيارات أسماء الزيت، فـ"سيزل" يعني صوت القلي، و"دريزل" يعني الرش، فيشرحان بوضوح أنسب طريقة لاستعمال كل منهما بذكاء، لتصل رسالة الشركة إلى المستهلك بأن عليه شراء أكثر من زجاجة وليس واحدة.
تمكنت "غرازا" خلال قرابة عام واحد منذ انطلاقها من عرض منتجاتها في سلسلة متاجر "هول فودز" في الولايات المتحدة، كما تستعد للتوسع نحو "والمارت" و"تارغت".
تتوقع الشركة مبيعات بنحو 60 مليون دولار في 2024، بزيادة 10 ملايين دولار عن توقعات الشركة في بداية العام. كما أطلقت في الفترة الماضية زجاجات أصغر وأرخص لتجذب مزيداً ممن قد يرغبون بتجربة منتجاتها.
سوق بـ7 مليارات دولار
عزز زيت الزيتون مكانته في النظام الغذائي الأمريكي بقوة خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ تم تقديمه في البداية كمكون تخصصي يفضله الطهاة المنزليون من أصول متوسطية أو من تأثروا بتجاربهم الدراسية في الخارج، لكن غالبية الأمريكيين ظلوا يعتبرونه مكلفاً وغريب النكهة.
تغيرت هذه النظرة الآن، بفضل انتشار الحميات المعتمدة على مأكولات منطقة البحر الأبيض المتوسط، فتضاعف استهلاك الأمريكيين لزيت الزيتون أربع مرات مقارنة بأوائل التسعينيات، لينشأ سوق لزيت الزيتون تُقدر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار، وما تزال تسجل نمواً.
دخلت زجاجة زيت الزيتون اليوم إلى كل مطبخ أمريكي. لكن يميز قلة من الأمريكيين نوع الزيت الذي يشترونه، إذ يُنصح عادة بشراء زيت الزيتون البكر الممتاز لكن معظم المستهلكين ليس لديهم إجابة إن سألتهم لماذا عليهم اختيار هذا النوع من الزيت.
التغليف ثم التغليف
لا يقتصر دور التغليف من علب وعبوات على حفظ المنتج، بل يعمل أيضاً على تحفيز المستهلك على اتباع سلوكيات معينة. ليساعد في اختصار الطريق على المستهلك ويمده بالثقة حتى يختار ما يرغب بشرائه عندما لا تتوفر لديه معلومات كافية عن رغبته.
فإذا رغبت شركة ما ببيع منتجها، لا بد أن تجد طريقة لتحفز المشترين على اتخاذ القرارات الشراء. وقد ثبت تاريخياً أن طرح سلعة مألوفة بتغليف جديد وسيلة فعالة لإقناع المستهلك بأن منتجك هو الأفضل.
على سبيل المثال، قبل أن تطرح "كلينكس" العلب التي تُسحب منها المناديل الورقية، كانت تلك المناديل تُباع على شكل رزم، وقبل طرح "كولغيت" أنبوب معجون الأسنان، كان على الناس استخراج المعجون من وعاء بملعقة صغيرة. وقد تمكنت العلامتان التجاريتان من التربع على عرشي سوقيهما حين طرحتا تقنيات التغليف المحسّنة التي نستخدمها حاليا.
التقليد لا ينتهي
رغم كل هذا، تواجه الشركات التي ابتكرت طرق تغليف تحفز مبيعاتها مشكلة، وهي تقليد كثير من منافسيها لابتكاراتها.
"غرازا" لم تخترع الزجاجات القابلة للعصر، ولم تكن أول من وضع التوابل وغيرها من منكّهات الطعام فيها، حتى أنها لم تخترع ملء هذه الزجاجات بزيت الزيتون، إذ كان الطهاة في المطاعم يفعلون ذلك. ما فعلته هو أنها ببساطة وفرت هذه الفكرة للمستهلك العادي، واليوم يستخدم الفكرة عدد من المنافسين.
يتلقى مورد زجاجات "غرازا" باستمرار استفسارات من منافسين يسعون لشراء قوارير خاصة بهم، كما أن عديداً من البائعين على منصة "علي بابا" يعرضون كميات كبيرة من الزجاجات المرنة القابلة للعصر، ويستخدمون صور زجاجات "غرازا" كمادة إعلانية بعد إزالة شعارها.
"غرازا" قررت مواجهة هذا التحدي باللجوء إلى تقنية تغليف أخرى، فبدأت بيع الزيت في عبوات من ألومنيوم لاستخدامه في إعادة تعبئة القناني البلاستيكية.. فهل تنجح خطتها من جديد وهل ستضطر كل عامين لابتكار تغليف جديد يحافظ على المبيعات؟