قطف الزيتون بفلسطين.. فرحة تعكرها قطعان المستوطنين
قطف الزيتون من مواسم الفرح في الأراضي الفلسطينية، لكن تعكره اعتداءات الإسرائيليين لسرقة المحصول وقلع الأشجار.
يُعَد قطف الزيتون جزءا من التراث الفلسطيني، ولكن تصاعد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة يجعل من قطفه عملية لا تخلو من المخاطر.
ويبدأ موسم قطاف الزيتون في النصف الثاني من شهر أكتوبر/تشرين أول من كل عام، ويستمر نحو شهر لجمع أكياس من الزيتون يُعصر قسم كبير منها ليتحول إلى زيت.
تاريخيا كانت العائلات الفلسطينية تتجمع في أيام معينة لقطف الزيتون، تساندها مجموعات من الطلبة في نشاط تطوعي.
ولكن مصادرة الاحتلال الإسرائيلي أجزاءً واسعة من الضفة الغربية لغرض الاستيطان حوّلت العملية إلى مخاطرة تستدعي في كثير من الأحيان وجود متطوعين وأحيانا دبلوماسيين أجانب لتفادي اعتداءات المستوطنين.
وبحسب غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية؛ فإنه كلما توسع الاستيطان الإسرائيلي؛ توسعت اعتداءات المستوطنين على المزارعين في موسم حصاد الزيتون.
وأضاف لبوابة "العين" الإخبارية أن الجيش الإسرائيلي أيضا أغلق بالسواتر الترابية بعض الطرق المؤدية للطرق المزروعة بالزيتون.
وتتنوع اعتداءات المستوطنين بين المنع من الوصول إلى الأرض، إلى الاعتداءات بالضرب، مرورا برشق الفلسطينيين بالحجارة، ووصولا إلى سرقة المحاصيل.
ويتخلل الأراضي الزراعية في الضفة الغربية العديد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية.
وقال دغلس إنه لهذا السبب عممنا على المزارعين ألا يتوجهوا إلى أراضيهم بشكل فردي، بل بشكل جماعي؛ لأن المستوطنين في الكثير من الأحيان يخشون مهاجمة الفلسطينيين إذا كانت أعدادهم كبيرة.
وفي الأيام القليلة الماضية حدثت اعتداءات على مزارعين في حواره، عزون، جت، وكفر قليل، ولكن الناس تصدوا لهم ومنعوا استمرار الاعتداء.
وأوضح دغلس: "بعد أن أخفق المستوطنون بتحقيق مسعاهم من خلال الحجارة والترهيب؛ فإنهم استخدموا الخيول لمهاجمة المزارعين في داخل أراضيهم في محاولة لإخراجهم منها، ولكن المزارعين تصدوا لهم أيضا فتم إفشالهم مجددا".
وتسيطر إسرائيل على أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية المصنفة كمنطقة (ج) حيث توجد الغالبية العظمى من الأراضي الزراعية الفلسطينية.
سرقة الشجر والمياه
بعد ذلك لجأ المستوطنون إلى سرقة المحاصيل، وحتى الآن تم رصد سرقة 1800 شجرة في قرى قريوت وعوارتا والجانيه والمغير وغيرها من القرى. وفق المتحدث نفسه.
ويعاني الموسم للعام الحالي من الجفاف بسبب قلة الأمطار.
ويزيد من مشكلة نقص المياه أن المستوطنين يسرقون الآبار الجوفية ومصادر المياه في الضفة، بحسب دغلس.
وقالت منظمة متطوعين لحقوق الإنسان الإسرائيلية إن مستوطنين نفذوا 30 اعتداءً منذ بدء موسم قطاف الزيتون.
وأشارت إلى أن هذه الاعتداءات شملت 20 حادثة تدمير أشجار زيتون، سرقة الزيتون أو منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
ولكن المستوطنين عادة ما يفلتون من العقاب حتى وإن قام المزارعون الفلسطينيون بتوثيق هذه الاعتداءات باستخدام أجهزة الهاتف النقالة.
وينشط الدبلوماسيون المعتمدون في الأراضي الفلسطينية بالمشاركة في موسم حصاد الزيتون، في محاولة للحد من اعتداءات المستوطنين بوجودهم في الميدان.
وقال سكوت براوفود ممثل كندا لدى السلطة الفلسطينية، إنه شارك، أمس الأربعاء، في حصاد الزيتون في قرية المزرعة الشرقية في شمالي الضفة.
وبالمثل قال جيمس داونر نائب القنصل البريطاني العام في القدس: "نحن ندعم نحو 600 مزارع في كل أنحاء الضفة الغربية في 43 تجمعا محليا، ونساعدهم على الوصول إلى أراضيهم".
وبعد إقامة الحكومة الإسرائيلية جدار الفصل العنصري على أراضي الضفة؛ فإن الكثير من المزارعين يواجهون صعوبات في الوصول إلى أراضيهم خلف الجدار، ويحتاجون للحصول على تصاريح أو تنسيق مسبق.
وتشير البيانات التي جمعها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن أشجار الزيتون في المنطقة الواقعة بين الجدار والخط الأخضر انخفض إنتاجها بنسبة 60% تقريبا، مقارنة مع الأشجار المماثلة لها على الجانب الفلسطيني من الجدار.
وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أمس الأربعاء، لدى مشاركته في موسم الزيتون في بلدة تقوع ببيت لحم جنوبي الضفة الغربية: "نحتفل معا بموسم آخر لقطف الزيتون، وبالآلاف من قصص الصمود والتحدي التي يسطرها أبناء شعبنا وهم يحمون أرضهم ويصرون على البقاء والثبات رغم الاحتلال الإسرائيلي الذي يطوق بلادنا بالجدار والاستيطان، ويعزل ويصادر أراضينا ويسيطر على مواردنا المائية، ورغم اعتداءات المستوطنين التي تستهدف الأرض والزيتون بالحرق والقلع والتدمير".
واستنادا لوزارة الزراعة، تشكل صناعة زيت الزيتون 25% من الدخل الزراعي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وتسهم في سبل العيش لما يقرب من 100 ألف أسرة.
واستنادا إلى الجهاز المركزي للإحصاء؛ فقد بلغت كمية الزيتون في العام الماضي في فلسطين 84 ألف طن، فيما بلغت كمية الزيت 20 ألف طن.
وينتج قطاع غزة كميات أقل بكثير من الضفة الغربية من الزيت والزيتون، ولكن السكان هناك لا يواجهون عقبات الجيش الإسرائيلي واعتداءات المستوطنين.
aXA6IDUyLjE0LjI1Mi4xNiA= جزيرة ام اند امز