عمر أبوسمور.. شهيد الأرض ولقمة العيش الفلسطيني
أبوسمور (27 عاما) استهدفته قوات الاحتلال بقذيفة دبابة، بينما كان يقطف البقدونس، على بُعد مئات الأمتار من السياج الحدودي بخان يونس.
في حضن والدتهما استكانت الطفلتان سيما وراوية تفتشان في الوجوه المتوافدة لمنزلهما على غير العادة عن والدهما عمر أبوسمور الذي غيّبته قذيفة إسرائيلية شهيدًا وهو يبحث عن لقمة العيش في يوم الأرض.
في منزل العائلة ببني سهيلا شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، توافدت النساء لمواساة دنيا زوجة الشهيد التي باتت في دنيا غير الدنيا بعدما فقدت الزوج والحبيب، والسند.
تضم طفلتيها سيما التي لم تكمل عامها الثالث وراوية ابنة الأشهر الستة، وتتسلل دموعها لتكشف حجم الألم والقهر الذي تشعر به وتسأل: "لماذا قتلوه؟ كان بعيدا عنهم، ولا يشكل خطرا عليهم، أم هل بات البقدونس سلاحا؟ حسبنا الله ونعم الوكيل".
واستشهد عمر وحيد أبوسمور (27 عاما) فجر أمس الجمعة، بعدما استهدفته قوات الاحتلال بقذيفة دبابة بينما كان يقطف البقدونس، على بُعد مئات الأمتار من السياج الحدودي شرق بلدة القرارة بخان يونس.
تقول زوجة الشهيد المكلومة، لـ"العين الإخبارية": كان يعمل على قوت أطفاله يسرح للعمل قبل الفجر، يعمل في قطف البقدونس وبيعه، ليعود سعيدًا بالمبلغ المالي القليل الذي يحصله لنعيش بعيدا عن ذل السؤال والحاجة.
أحمد الشامي (23 عاما) رفيق الشهيد في العمل، يغالب أوجاع إصابته في القصف الذي خطف رفيقه، ويكاد حتى الآن لا يصدق أنه نجا من الموت.
وقال الشامي لـ"العين الإخبارية": "حتى الآن لا أصدق أنني نجوت، أطلقت قوات الاحتلال تجاهنا قذيفتين انفجرتا؛ إحداهما أصابت عمر بشكل مباشر، وكنت أبعد عنه أقل من متر واحد، والقذيفة الثانية انفجرت في المكان، وأصابتني بشظايا في رجلي ويدي وظهري".
ويوضح أنه ورفيقه يعملان في قطف الخضراوات منذ 3 سنوات، ويتوجهان بشكل شبه يومي للمنطقة ما بين الساعة الثانية والثالثة فجرا، كي يجمعا ويقطفا البقدونس ليجري تسويقه في الأسواق المحلية.
الشامي الذي يتلقى العلاج في مشفى خان يونس، يشير إلى أنهما كانا يوجدان على بُعد 1000 متر من السياج الحدودي في لحظات هدوء، "من الواضح أن الاحتلال أراد قتلنا ليخيف التظاهرات التي كانت ستخرج في ساعات الظهيرة؛ إذ لا يوجد أي سبب لاستهدافنا".
أما قريب الشهيد نصر الله سمور، فيؤكد إنه لم يجد أي مبرر للقصف الإسرائيلي، إذ إن المنطقة بعيدة ما لا يقل عن كيلومتر عن الحدود.
وروى سمور لـ"العين الإخبارية" تفاصيل تدخله لإنقاذ الجريح الشامي ونقل جثمان الشهيد، مشيرًا إلى أنه كان برفقة الاثنين في العمل، ثم أخذ شحنة بقدونس لينقلها لمنطقة سكناه، وخلال ذلك تلقى اتصالا من الجريح الشامي بحدوث عملية القصف، فسارع للعودة للمكان، ليجد أن جثمان قريبه عمر تحول إلى أشلاء فيما كان الآخر يعاني من جروح.
رحل عمر، وبقيت الأحزان تسكن منزله مع الذكريات الجميلة، فـ"سيما" لن تجد بابا الذي يأخذها بالأحضان. رحل الشهيد وبقيت دماؤه ممتزجة بأوراق البقدونس التي قطفها، وجبلت في تراب الأرض التي عشقها ليرحل في يوم الأرض، ويستحق لقب شهيد الأرض ولقمة العيش.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yNSA=
جزيرة ام اند امز