انقطاع الإنترنت بباكستان.. حيلة عمران خان تنقلب ضده
في محاولة لتجاوز حملة «القمع» ضده حتى عبر الإنترنت، أعاد حزب «حركة إنصاف» بزعامة رئيس الوزراء السابق عمران خان تعريف الحملة الانتخابية في باكستان بتنظيمه تجمعات انتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامه الذكاء الاصطناعي.
وتنظّم الدولة الواقعة في جنوب آسيا والتي يتخطى عدد سكانها 240 مليون نسمة انتخابات عامة في الثامن من فبراير/شباط، لكن منظمات حقوقية تشكك في مصداقيتها على خلفية الحملة ضد حزب خان.
ومُنع الحزب من تنظيم مسيرات، وقُيدت وسائل الإعلام الخاضعة لرقابة شديدة في تغطيتها للمعارضة، ما دفع حملة الحزب الانتخابية بأكملها إلى الإنترنت تقريبا، إلا أنه قوبل بـ«انقطاع الإنترنت وحجب المواقع» في أسلوب لطالما جنح إليه عمران خان عندما كان في السلطة.
وفي سوق إلكترونيات مزدحمة في مدينة روالبندي، قال عمران عزيز (18 عاما) الذي سينتخب للمرة الأولى في تصريح لـ«فرانس برس»: «يمكنهم حظر ما يريدون، يمكنهم حظر يوتيوب وتيك توك، أي شيء يريدونه، لكن صوتنا لعمران خان».
وسجلت منظمة «بايتس فور أول» الباكستانية التي تراقب حرية الإنترنت عمليات إغلاق لوسائل التواصل الاجتماعي الشهر الماضي- وانقطاع الوصول إلى كل من تيك توك وفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب خلال بث مباشر لحزب «حركة إنصاف». ونسبت الحكومة الأمر إلى «مشاكل تقنية».
كما تم حجب الموقع الإلكتروني الرئيسي التابع للحزب الشهر الماضي. وبعدها بساعات ظهر موقع مشابه تقريبا، لكنه كان يحتوي على معلومات مضللة تهدف إلى إرباك الناخبين.
وهذه الأساليب ليست جديدة، واستخدمها خان أيضا عندما كان في السلطة. لكن النشطاء يقولون إن حجم الحملة «غير مسبوق».
حجب مواقع إلكترونية
ويؤكد خان من جهته أن الجيش متواطئ منذ سنوات مع الأسر التي حكمت باكستان لـ«سحق حركته الشعبية ومنعه من الترشّح للانتخابات المزمع إجراؤها في فبراير/شباط».
ويلقى عمران خان الذي وصل إلى السلطة عام 2018 وأطيح بموجب مذكرة حجب ثقة في أبريل/نيسان 2022، دعما شعبيا واسعا في باكستان.
وخان، نجم الكريكت السابق، ملاحق في إطار أكثر من 200 قضية منذ إطاحته، ويعتبر أن هذه الملاحقات مدفوعة باعتبارات سياسية، وتم حجب المواقع الإلكترونية التابعة لـ«حركة إنصاف» بما في ذلك البوابة الرسمية التي تدرج مرشحي الحزب في جميع أنحاء البلاد.
وظهر موقع مشابه بعنوان إلكتروني مختلف قليلا على الشبكة بعدها بساعات، ويحتوي على معلومات مضللة عن المرشحين، ويوجه الناخبين للإدلاء بأصواتهم لممثلي الأحزاب الأخرى.
وأكد نشطاء حزب «حركة إنصاف» لـ«فرانس برس» أنهم تمكنوا من تعطيل الموقع المزيف لكن صفحة مرشحهم على الإنترنت لا تزال محظورة.
وتضرر الحزب بالفعل وتعرض لعرقلة انتخابية مع خسارته الشهر الماضي معركة أساسية في المحكمة العليا في البلاد للاحتفاظ برمزه الانتخابي وهو مضرب الكريكت، في انتخابات الشهر المقبل.
ولطالما استخدم حزب «حركة إنصاف» المنتمي إليه نجم الكريكت الدولي السابق مضرب الكريكت رمزا انتخابيا لتمكين الناخبين من الاقتراع له، في بلد يبلغ فيه معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين 58% فقط، وفق بيانات البنك الدولي.
وعلى الرغم من ذلك، يبقى الحزب متقدما على منافسيه عندما يتعلق الأمر بالتواصل عبر الإنترنت مع الشباب الباكستاني ويستمع عشرات الملايين إلى بثه المباشر. كما أصبح الحزب أيضا أول من يستخدم تقنية استنساخ الصوت بالذكاء الاصطناعي، حيث أطلقوا خطابا جديدا لخان المسجون.
وترى رامشا جاهانقير، صحفية في مجال التكنولوجيا، أن الحزب «لديه تطبيقات وخطابات عبر الإنترنت ونظم جلسة على تيك توك وهذا أمر غير مسبوق، على الأقل في باكستان».
هل يتمكن من الوصول للناخبين؟
وأضافت أن الحزب «قادر على الابتكار»، موضحة أن جهود الرقابة التي تنفذها الحكومة ليس لها تأثير يذكر على شعبية الحزب، كونه يتمتع بالذكاء الكافي للوصول إلى ناخبيه.
ويوافقها الرأي مدير منظمة «بايتس فور أول» شهزاد أحمد، مشيرا إلى أنه في بلد يضم أكثر من 70 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي ومتوسط عمر أقل من 21 عاما، فإن «عمليات الإغلاق هذه تؤدي إلى نتائج عكسية».
وبحسب أحمد فإن الشبان «يسارعون إلى تبني تقنيات جديدة للتحايل على قطع الإنترنت»، مشيرا إلى استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية.
ويعتمد المرشحون المستقلون والمحدودو الموارد على وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض دعائية، وتضرروا أيضا من انقطاع الإنترنت.
وقام المحامي جبران ناصر، المرشح في كراتشي بمقاضاة الحكومة لإغلاق وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا إنه يشكل «سابقة خطيرة» للمستقبل وينتهك الحقوق الدستورية للناس، مضيفا أنه «هجوم مباشر على حرية التعبير لجميع الباكستانيين بغض النظر عن الطيف السياسي الذي ينتمون إليه».
وأوضح ناصر أنه يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي «لأنه في ظل التضخم، من المستحيل إدارة حملة كاملة ضمن حدود الميزانية». وتحدثت وكالة «فرانس برس» مع مستقلَّين آخرَين أكدا تضررهما من انقطاع الإنترنت.
تقييد حريات؟
وبالإضافة إلى تقييد الحريات السياسية، أثر ذلك أيضا على أعمال مؤسسات تجارية عبر الإنترنت في بلد يعاني من أزمة اقتصادية.
وشكت ربيعة فرحان التي تدير عبر صفحتها على «إنستغرام» عملا لصنع المخبوزات من منزلها في إسلام أباد من أن انقطاع الإنترنت جعلها غير قادرة على التواصل مع البائعين في وقت يعاني فيه ملايين الباكستانيين بسبب التضخم وانخفاض قيمة العملة، مؤكدة «تم إيقاف كل شيء مؤقتا على الإنترنت».
بينما قالت صبا مشتاق من شركة بيكيا لخدمات نقل الركاب والتوصيل، إن الشركة شهدت «اضطرابات تشغيلية كبيرة» أثرت على 100 ألف مسافر و25 ألف سائق.
وأوضحت جمعية «باشا» لتجارة تكنولوجيا المعلومات أنها تحاول إقناع الحكومة بوجوب ألا يؤدي إغلاق الإنترنت إلى تدمير قطاع التكنولوجيا عبر حماية مواقع معينة.
ويصر أنصار حزب عمران خان على أن هذه المحاولات لن تؤدي إلا إلى زيادة عزيمتهم. وبالنسبة لمالك نعمان (28 عاما) المناصر لحركة إنصاف فأكد «أنهم يفرضون هذه القيود، لكنهم لا يستطيعون إخراج (خان) من قلوبنا».
aXA6IDMuMTQyLjU0LjEzNiA= جزيرة ام اند امز