«يومًا ما كانت الصحراء العربية خضراء».. سر «الحقبة الرطبة» في شبه الجزيرة

تشتهر المنطقة العربية باللون الأصفر؛ لاحتوائها على العديد من الصحاري المشهورة، التي تضم تراثًا بيولوجيًا وثقافيًا فريدًا، ولطالما كانت الصحراء القاحلة الواقعة بين أفريقيا والسعودية محلًا لاهتمام العلماء حول العالم.

في الماضي، كان يُنظر إلى تلك الصحراء  على أنها أحد أبرز الأسباب الرئيسية التي عرقلت حركة البشر الأوائل في التنقل بين أفريقيا وأوراسيا؛ بسبب الظروف الصحراوية التي تحتاج إلى ترتيبات كثيرة قبل خوضها.

وقد أشارت الأبحاث الحديثة إلى أنّ ذلك الحاجز الصحراوي بين أفريقيا وآسيا موجود منذ نحو 11 مليون عام على الأقل.

مع ذلك، ظلت هناك العديد من علامات الاستفهام حول تلك الصحراء؛ خاصة مع التغيرات البيئية المستمرة التي تحدث على سطح الأرض من حين لآخر. وهذا ما اجتمع على استكشافه مجموعة بحثية دولية، ووجدوا أنّ الصحراء في تلك المنطقة كانت خضراء خلال الثمانية ملايين  سنة الماضية. ونشروا دراستهم في دورية "نيتشر" (Nature) في 9 أبريل/نيسان 2025.

تقاطع

كانت هناك نقطة تقاطع محل جدل حول الفترة التي كانت فيها الصحراء بين أفريقيا وأوراسيا خضراء؛ فقد مرت المنطقة بالعديد من المراحل الخصبة الرطبة، وانتشر فيها اللون الأخضر، وهذا بحسب الأدلة الأحفورية من أواخر العصرين الميوسيني والبلستوسيني؛ علمًا بأنّ العصر الميوسيني قد امتد في الفترة ما بين 5.333 و2.58 مليون سنة مضت، واشتهر بارتفاع درجات الحرارة العالمية.

أما بخصوص العصر البلستوسيني؛ فقد امتد بين 2.58 مليون و11,700 سنة مضت، وقد شهد عصورًا جليدية متعددة. تلك الظروف تشير إلى إمكانية وجود حيوانات وكائنات حية في منطقة الصحراء بين أفريقيا وأوراسيا التي تعتمد على المياه، مثل التماسيح، والخيول، وأفراس النهر وغيرها من الأنواع التي تغيب عن مشهد الصحراء اليوم. لكن هذا دليل على أنّ تلك الظروف الرطبة قد سهلت انتشار الثدييات بين أفريقيا وأوراسيا.

رواسب

أرادت المجموعة البحثية إدراك تلك المراحل الرطبة في شبه الجزيرة العربية على مدار آخر 8 ملايين سنة، وفعلوا ذلك عبر فحص رواسب الكهوف المعدنية في الصواعد والهوابط.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الصواعد هي من رواسب الكهوف تتراكم عبر الزمن الطويل وترتفع من أرضية الكهف، بينما الهوابط؛ فهي رواسب متراكمة أيضًا متدلية من سقف الكهف.

من خلال تحليل ودراسة تلك الرواسب، أدرك الباحثون وجود العديد من المراحل الرطبة في مناخ شبه الجزيرة العربية خلال آخر 8 ملايين سنة، ما يرجح فرضية أنّ الصحراء القائمة اليوم بين أفريقيا وأوراسيا كانت خضراء في الماضي.