قراءة في خفض «أوبك+» الطوعي.. «هندسة نفطية» يقودها التحالف
رغم الاضطرابات الجيوسياسية والتحديات الراهنة التي يشهدها العالم وتلقي بظلالها على أسواق النفط، رأى تحالف «أوبك+» أن مد الخفض الطوعي للإنتاج هو القرار الأنسب والأصلح لتجنب حدوث فائض بالمعروض ولدعم الأسعار أيضاً.
تمديد التخفيضات الطوعية حتى نهاية يونيو 2024
وبهدف دعم جهود التحالف الساعية لاستقرار أسواق النفط وتوازنها، قرر التحالف النفطي الأحد 3 مارس/آذار 2024، تمديد تخفيضات إمدادات النفط حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري (بنهاية يونيو/حزيران 2024).
ووفق البيانات الصادرة الأحد 3 مارس/آذار 2024، قررت السعودية تمديد خفض طوعي يبلغ مليون برميل يومياً من إنتاجها من النفط -بدأ تطبيقه في شهر يوليو/تموز 2023- للربع الثاني من العام الحالي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن مصدر مسؤول بوزارة الطاقة.
وبذلك سيكون إنتاج المملكة ما يقارب 9 ملايين برميل يوميا، حتى نهاية شهر يونيو/حزيران من عام 2024. وبعدها، ستتم إعادة كميات الخفض الإضافية هذه تدريجياً وفقاً لظروف السوق بهدف دعم استقرار السوق.
وتُطبق السعودية خفض طوعي آخر، يبلغ 500 ألف برميل يومياً، سبق أن أعلنت عنه المملكة في شهر أبريل/نيسان من عام 2023، ويمتد حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024.
وبدورها، أعلنت دولة الإمارات تمديد خفض طوعي لإنتاجها من النفط، يبلغ 163 ألف برميل يوميا حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل، وفق وكالة الأنباء الإماراتية (وام).
وكانت دولة الإمارات أعلنت عن هذا الخفض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على أن يبدأ من 1 يناير/كانون الثاني 2024 حتى نهاية مارس/آذار 2024، ومع تمديده سيظل إنتاج دولة الإمارات عند مستوى مليونين و912 ألف برميل يومياً حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل.
وتُطبق دولة الإمارات خفضا طوعيا آخر يبلغ 144 ألف برميل يومياً، سبق أن أعلنت عنه في أبريل/نيسان 2023 ويستمر حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
- «إعلان أبوظبي».. وثيقة تاريخية ترسم مستقبل التجارة العالمية
- دراسة لـ«الفيدرالي» الأمريكي: بيانات «أوبك» تسهم في استقرار سوق النفط
كما قررت الكويت تمديد خفض طوعي لإنتاجها من النفط يبلغ 135 ألف برميل يومياً حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي، وفق ما قاله عماد العتيقي وزير النفط الكويتي.
وكانت الكويت أعلنت نهاية العام الماضي عن بدء تنفيذ خفض طوعي لإنتاجها من النفط بمقدار 135 ألف برميل يوميا اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2024 وحتى نهاية مارس/آذار من العام نفسه.
وأضاف العتيقي، في بيان للوزارة أوردته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، أن قرار التمديد يأتي بالتنسيق مع تحالف أوبك+، لتعزيز الجهود التي تبذلها دول التحالف لدعم استقرار أسواق النفط وتوازنها.
وإلى جانب هذا الخفض، تطبق الكويت خفضاً طوعياً آخر بمقدار 128 ألف برميل يومياً من النفط أعلنت عنه في أبريل/نيسان من العام الماضي وسيستمر حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
ومع تمديد الخفض، سيستمر إنتاج الكويت من النفط عند 2.413 مليون برميل يومياً حتى نهاية يونيو/حزيران 2024.
ومن جانبها، أعلنت الجزائر تمديدها لخفض طوعي يبلغ 51 ألف برميل يومياً لإنتاجها من النفط - بدأته مطلع يناير/كانون الثاني 2024- حتى الربع الثاني من العام الحالي بدلاً من انتهائه في مارس/آذار الجاري كما كانت أعلنت سابقاً.
وتطبق الجزائر أيضاً خفضاً طوعياً آخر بمقدار 48 ألف برميل يومياً أعلنت عنه في أبريل/نيسان 2023 ويستمر حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
وأشارت وزارة الطاقة الجزائرية إلى أنه بذلك يكون إنتاج الجزائر 908 آلاف برميل يومياً حتى نهاية يونيو/حزيران 2024، وأنه ستتم إعادة كميات الخفض الإضافي هذه تدريجيا حسب أوضاع السوق.
وأعلنت سلطنة عُمان أيضاً، تمديد خفض طوعي بمقدار 42 ألف برميل يوميا لإنتاجها من النفط الخام حتى الربع الثاني من العام الجاري حتى نهاية يونيو/حزيران 2024، وفق وكالة الأنباء العُمانية الرسمية.
كذلك، أعلن العراق، تمديد خفض طوعي يبلغ 220 ألف برميل يومياً، للربع الثاني من العام الحالي، ليكون إنتاجه عند 4 ملايين برميل يومياً، حتى نهاية يونيو/حزيران 2024، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع) عن وزارة النفط.
وهذا الخفض الطوعي، هو بالإضافة إلى خفض طوعي آخر يبلغ 211 ألف برميل يومياً، سبق أن أعلن عنه العراق في أبريل/نيسان 2023، ويستمر حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
فيما كشفت موسكو، في بيان، أن روسيا ستقوم بخفض طوعي "إضافي" لإنتاجها قدره 350 ألف برميل في اليوم في أبريل/نيسان و400 ألف في مايو/آيار و471 ألفاً في يونيو/حزيران في إطار اتفاق لخفض الإنتاج مع الدول الأخرى المنتجة في تحالف أوبك+.
كما قررت كازاخستان تمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط بواقع 82 ألف برميل يومياً خلال الربع الثاني من 2024 بما يتماشى مع قرارات تحالف أوبك+.
دعم الأسعار وسط ضبابية اقتصادية عالمياً
قرارات تمديد الخفض الطوعي للإنتاج النفطي في تكتل «أوبك+»، تُضاف إلى تخفيضات سابقة في كلّ من إنتاج النفط وصادراته؛ حيث يسعى بعض أكبر منتجي الطاقة في العالم إلى رفع أسعار السوق في ظل عدم اليقين الاقتصادي.
وكان تحالف «أوبك+» -منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها- وافق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على خفض طوعي لإنتاج النفط بلغ نحو 2.2 مليون برميل يومياً إجمالاً خلال الربع الأول من 2024.
وتطبق دول تحالف «أوبك+» سياسة خفض سقف إنتاج النفط التي أقرتها دول التحالف -الذي تقوده الرياض وموسكو- منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إلى نهاية عام 2024.
إضافة إلى ذلك، تطبق دول بالتحالف منذ العام الماضي خفض طوعي لإنتاجها من النفط سعياً لاستقرار أسعار النفط التي تشهد تقلبات في ظل الأحداث العالمية.
وتتأثر أسعار النفط العالمية حالياً بمجموعة من العوامل المتقابلة، فقد دعم التوتر الجيوسياسي جراء استهداف ميليشيات الحوثي للسفن التجارية في البحر الأحمر أسعار النفط، لكن على الجانب الآخر تسود مخاوف إزاء النمو الاقتصادي.
وتقترب أسعار خام "برنت" من القيمة العادلة البالغة نحو 85 دولاراً للبرميل حسب المعطيات والمتغيرات الحالية، حيث أشارت وكالة «بلومبرغ إنتلجنس» إلى أن توقعاتها للقيمة العادلة لسعر النفط تستند إلى مجموعة من المتغيرات تشمل –على سبيل المثال لا الحصر– المخاطر الجيوسياسية وتوقعات التضخم، وهامش التكرير والمخزون والمعنويات.
في حين قد يدفع أي تصعيد للصراع في الشرق الأوسط السعر إلى ما فوق 100 دولار، وفق تقديرات حديثة صادرة عن الوكالة الأمريكية التي قدرت في السابق أن يبلغ متوسط السعر هذا العام 80 دولاراً.
ويعد هذا الرفع هو الأحدث، إذ رفعت بنوك استثمار عدة توقعاتها للسعر هذا العام، كان أبرزها «غولدمان ساكس» الذي يقدر ذروة الأسعار عند 87 دولاراً للبرميل في فصل الصيف، بما يزيد بمقدار دولارين على تقديراته السابقة.
وفي مطلع العام الحالي، رفعت وكالة «فيتش» توقعاتها لسعر خام برنت إلى 80 دولاراً للبرميل من 75 دولاراً في توقعاتها السابقة، وبالمقارنة مع متوسط متوقع عند 82 دولاراً في 2023. وتتداول أسعار النفط في نطاق ضيق بالقرب من 80 دولاراً للبرميل منذ بداية 2024.
تجنب الفائض.. وتعزيز آفاق نمو الطلب
بموجب الاتفاق الحالي، من المقرر أن يبلغ إجمالي تخفيضات الإنتاج 3.66 مليون برميل يومياً اعتبارا من بداية أبريل/نيسان (ما يعادل 3.7% من الطلب العالمي).
بحسب وكالة "بلومبرغ" للأنباء، كان المتداولون والمحللون يتوقعون التمديد على نطاق واسع، معتبرين أنه ضروري لتعويض التراجع الموسمي في استهلاك الوقود العالمي، وارتفاع الإنتاج من العديد من منافسي "أوبك+"، وأبرزهم شركات النفط الصخري الأمريكية، فيما تزيد التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة في الصين من ضرورة توخي الحذر.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، قد أبقت في تقريرها الشهري الذي صدر في 13 فبراير/شباط 2024، على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال عام 2024 دون تغيير عند مقدار 2.2 مليون برميل يومياً.
في حين تتوقع المنظمة استمرار زخم الطلب على النفط في 2025 لينمو بمعدل 1.8 مليون برميل يومياً. وانطلاقاً من تلك الركيزة، ربما تسمح قوة الطلب لتحالف أوبك+، بتخفيف القيود الإنتاجية وإضافة المزيد من البراميل في وقت لاحق من العام.
بحسب بول هورسنيل، رئيس أبحاث السلع في بنك "ستاندرد تشارترد"، كان هناك "تحسن في أساسيات السوق بشكل عام". مضيفاً: "يمكن لأوبك زيادة الإنتاج" من دون تكدس المخزونات العالمية.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjIzMyA=
جزيرة ام اند امز