«أنصار ترامب».. معضلة معاهد استطلاعات الرأي الأمريكية
تشير استطلاعات الرأي الأمريكية في الوقت الحاضر إلى اشتداد المنافسة بين المرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
لكن تلك المعاهد نفسها كانت أخفقت في توقع فوز ترامب بالرئاسة عام 2016، وبالغت في تقدير هامش فوز جو بايدن في 2020، فهل تعلمت من أخطائها بما يجعل تكهناتها أكثر دقة في الانتخابات الرئاسية الحالية؟
فإن كانت تلك المعاهد تسيء مرة أخرى تقدير حجم التصويت لصالح الرئيس السابق، فقد يكون هو الفائز في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، حسب "فرانس برس".
المشكلة الأساسية التي تواجهها هذه المعاهد منذ دخول ترامب الصاخب المعترك السياسي تكمن في أن شريحة من قاعدته الانتخابية ترفض المشاركة في استطلاعات الرأي.
وقالت كورتني كينيدي مسؤولة المنهجية في مركز "بيو للأبحاث": "لم نجد صيغة سحرية لمعالجة هذه الصعوبة، وفي هذه الأثناء يتخذ كل معهدَ استطلاع الخطواتِ التي يراها مناسبة لتصحيح هذا الخطأ، من غير أن تكون هناك منهجية عامة".
من جهته، قال دون ليفي مدير معهد الأبحاث في جامعة سيينا، الذي ينشر مع صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقات تلقى متابعة واسعة، إن الكثير من الناخبين الذين كان يتم الاتصال بهم عام 2020 للمشاركة في استطلاع للرأي "كانوا يصيحون لنا: (ترامب).. ويغلقون الهاتف"، ولم يكن يتم الأخذ بإجابتهم.
وسعيا للأخذ بالاعتبار بصورة أفضل هؤلاء الناخبين المحافظين الذين يبدون ريبة حيال المعاهد، بات "معهد جامعة سيينا" يُدرج هذه الفئة من المستطلعين في نتائج استطلاعاته، حتى لو أنهم لم يجيبوا على الأسئلة الأخرى.
وكذلك، يعمد المعهد إلى معاودة الاتصال مرارا بالأشخاص الذين لا يجيبون على الاتصال الأول، بدل الانتقال إلى رقم هاتف آخر، وذلك من أجل الوصول إلى "المزيد من ناخبي ترامب المحتملين"، وفق ما قال دون ليفي.
أما "معهد بيو" فيعرض على المستطلعين أن يجيبوا إما عبر الإنترنت وإما عبر الهاتف، من أجل الوصول بصورة أفضل إلى الشباب بالنسبة للإنترنت، وإلى الأكبر سنا والمحافظين بالنسبة للهاتف.
التعويض عن الثغرات
وبعد جمع الأجوبة يمكن للمستطلِعين استخدام تقنية تعرف بالتقويم، فإن كانت شريحة معينة من السكان غير ممثلة بصورة كافية ضمن مجموعة المستطلعين، على غرار جمهوريي المناطق الريفية على سبيل المثال، يمكن تقويم هذه المجموعة من خلال إعطائها وزنا أكبر في النتائج النهائية للتعويض عن الثغرات في تركيبة العينة وصفتها التمثيلية.
وأوضح دون ليفي أن الاستطلاع الذي أجراه "معهد جامعة سيينا ونيويورك تايمز" جرى تقويمه بهذه الطريقة مع اعتماد نقطة مرجعية هي تصوّرهم لما ستكون عليه تركيبة الناخبين في 2024، استنادا إلى الانتخابات السابقة، إضافة إلى عدد من العوامل الأخرى.
من جهته، حذر جوشوا كلينتون أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاندربيلت والخبير في استطلاعات الرأي، من أن تلك الفكرة لن تكون مجدية لأن هذا يفترض أن ناخبي 2024 شبيهون بناخبي 2020، وهو أمر غير صحيح.
والواقع أن معهد سيينا يبني استطلاعاته على متغيرات كثيرة، منها الأصل الإثني والعمر واحتمال التصويت، ويصور هذا التباين الخلافات في وجهات النظر بين معاهد الاستطلاعات حول النهج الواجب اتباعه.
ناخب "متكتم"
وقال جوشوا كلينتون "إذا نظرنا إلى 2016 و2020 نميل إلى الاستخلاص بأن استطلاعات الرأي تقلل دائما من تقديرها للجمهوريين، لكن هذا غير صحيح".
من جانبه، أشار دون ليفي كذلك إلى عامل آخر محتمل، وهو "ناخبون متحفظون لصالح هاريس"، ما يعني بذلك ناخبين محاطين بجمهوريين لا يريدون أن يفصحوا لأقربائهم وللمستطلِعين بأنهم يعتزمون التصويت للمرشحة الديمقراطية.
غير أن كورتني كينيدي لا تؤمن كثيرا بأن هناك سوء تقدير لحجم التصويت الديمقراطي، وقالت "رأيت ما يكفي من المعطيات للاستخلاص بأنه من الصعب جدا لاستطلاعات الرأي أن تصل إلى عدد كاف من مؤيدي ترامب للقيام بتقديرات دقيقة وصائبة".
وفي مطلق الأحوال لفت جوشوا كلينتون إلى أنه في ظل التقارب الكبير بين المرشحين الذي يبقى ضمن هامش الخطأ، من المستحيل استخدام استطلاع للرأي للفصل بينهما.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA==
جزيرة ام اند امز