تحول إلى المعارضة ومظاهرات مرتقبة.. حكومة العراق في مهب الريح
مشكلات كبيرة تفشل الحكومة العراقية في معالجتها ما جعل التوجه نحو المعارضة هو سبيل القوى السياسية للنأي بنفسها قبل احتجاجات شعبية مرتقبة
بات التوجه نحو معارضة الحكومة منفذ الأطراف السياسية العراقية للنأي بنفسها عن حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، التي لم تتمكن حتى الآن من تنفيذ برنامجها وحل المشاكل التي يواجهها العراق في كافة المجالات.
ويشهد الشارع العراقي موجة غضب صيفية تلوح باندلاع مظاهرات واسعة تنطلق خلال الأيام المقبلة من محافظة البصرة جنوبا قد تصل إلى بغداد والمحافظات الأخرى، بسبب النقص الحاد في الخدمات الرئيسية وسيطرة المليشيات التابعة لإيران على مفاصل الدولة، وارتفاع نسبة البطالة والفقر، إلى جانب إخفاقات الحكومة والأطراف السياسية المشاركة بالعملية السياسية في التوصل إلى اتفاقات لشغل الوزارات الشاغرة التي تأتي وزارتا الداخلية والدفاع في مقدمتهما.
ودعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم تحالف سائرون، الإثنين الماضي، الكتل السياسية إلى تفويض رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي لاستكمال كابينته الوزارية خلال ١٠ أيام.
وقال الصدر في رسالة أصدرها مكتبه: "أوجه كلامي للكتل السياسية أجمع، بأن تفوض رئيس مجلس الوزراء بإتمام تشكيل الحكومة خلال عشرة أيام فقط"، مضيفا: "وإلا سيكون لنا وقفة أخرى، وأنتم أعلم بمواقفنا".
ويقود الصدر تحالف سائرون النيابي الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية التي شهدها العراق في مايو/أيار من العام الماضي، ونجح الصدر خلال السنوات الماضية من تحريك الشارع العراقي عدة مرات احتجاجا على نقص الخدمات والمشاكل الأخرى التي يشهدها العراق بسبب التدخلات الإيرانية فيه.
وقال نائب عن كتلة سائرون النيابية، لـ"العين الإخبارية" إن كتلته منحت الكثير من الوقت لرئيس الوزراء ليستكمل حكومته، وأضاف: "لذلك أعتقد أن سائرون ستلجأ إلى إقالة الحكومة فيما إذا أخفق رئيس الوزراء مجددا في ملء الوزارات الشاغرة".
وأعلن تيار الحكمة الذي يتزعمه رجل الدين عمار الحكيم في ١٦يونيو/حزيران الجاري، الذهاب لخيار المعارضة السياسية، وسبقه في ذلك ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق، والجانبان متحالفان مع سائرون في إطار تحالف الإصلاح والإعمار النيابي الذي شكلت الحكومة الحالية بموجب توافق سياسي بينه وبين تحالف البناء الذي يتكون من مليشيات الحشد الشعبي وكتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي وكتل أخرى تابعة لإيران.
وقال المحلل السياسي العراقي، عماد الخزاعي، لـ"العين الإخبارية": إن مقتدى الصدر "سيكون له دور كبير في المرحلة المقبلة خصوصا أن هناك ضغطا حقيقيا من قبل الشارع على تحالف سائرون الذي تبنى فكرة الإصلاح وتغيير الواقع الذي يعيشه العراق"، ووصف خطوات عمار الحكيم وحيدر العبادي بالتوجه نحو المعارضة بمحاولات لنأي بالنفس عن مواجهة ضغط الشارع.
وتابع الخزاعي أن "الصدر سيقود الاحتجاجات الشعبية حتى لو لم يشارك فيها إلا أنه سيكون الأب الروحي لها، وسيكون الضاغط الرئيسي تحت قبة البرلمان من خلال تحالف سائرون".
وأشار الخزاعي إلى تحركات سائرون وتوجه الحكمة والنصر إلى خيار المعارضة تتزامن مع محاولات الأطراف السنية لتوحيد صفوفها داخل مجلس النواب وتشكيل كتلة برلمانية موحدة لتشكيل حكومة جديدة فيما إذا نجح الصدر والاحتجاجات الشعبية في إجبار الحكومة على الاستقالة أو الإقالة، مشيرا إلى أن "المتغيرات الدولية المتمثلة الصراع الأمريكي الإيراني وصفقة القرن لها تأثير مباشر على مستقبل السياسة العراقية والنظام السياسي العراقي".
ولعل من أبرز أسباب الغضب الشعبي على الحكومة والأحزاب السياسية هي تلكؤها في محاربة الفساد، فرغم إعلان رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، عن تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن المجلس وبحسب المراقبين العراقيين لم يخطوا خطوات فعلية باتجاه محاربة الفساد المستشري في مفاصل الدولة وإلقاء القبض على الفاسدين.
واعتبر الخبير السياسي العراقي، خطاب عمران الضامن، لجوء كتلتي الحكمة والنصر إلى المعارضة محاولة منها للضغط على عادل عبدالمهدي للحصول على مكاسب سياسية.
وأوضح الضامن لـ"العين الإخبارية" أن "ثقافة المعارضة السياسية غائبة تماما عن العملية السياسية في العراق، والسبب يكمن في أن الكتلة التي تختار المعارضة لن تحصل على حقائب وزارية ومناصب عليا، وهذا يعني حرمانها من المصادر المالية التي تتمتع بها الكتل المشاركة في الحكومة".
وأضاف الضامن أن الأطراف التي أعلنت حاليا عن معارضتها غير قادرة على الإطاحة بحكومة عبدالمهدي، مشددا على أن "قرار الإطاحة بأي حكومة عراقية في المرحلة الراهنة هو قرار إقليمي ودولي قبل أن يكون قرارا عراقيا".
وتسعى إيران ومليشيات الحشد الشعبي التابعة لها التي تمكن جناحها السياسي المتمثل بتحالف الفتح من دخول مجلس النواب العراقي خلال الانتخابات البرلمانية الماضية بدعم من الحرس الثوري الإيراني، إلى السيطرة على العملية السياسية بشكل عام وعلى وزارتي الداخلية والدفاع، للحفاظ على بقاء العراق في الصف الإيراني ورفض العقوبات التي تفرضها واشنطن على النظام الإيراني لإنهاء دورها الإرهابي في المنطقة.
aXA6IDMuMTQ3LjYwLjYyIA== جزيرة ام اند امز