خلاف "باسيل-بري" يقود لأزمة جديدة في لبنان
الخلاف بدد لحظة الوحدة الوطنية النادرة التي أنقذت بيروت من الصراع خلال الأزمة الناجمة عن استقالة الحريري التي تراجع عنها لاحقا.
أثار عداء قديم بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري أزمة سياسية تهدد بإصابة الحكومة بشلل وإشعال التوتر الطائفي، في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية في مايو/آيار المقبل.
ويعكس النزاع بين عون (مسيحي) وبري (الشيعة) عداء شخصيا تعود جذوره إلى الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، كما أنه يمس توازن القوى بين الطوائف في النظام السياسي اللبناني.
وقد وصل التوتر إلى نقطة الغليان، الاثنين، عندما وصف وزير الخارجية جبران باسيل، وهو صهر عون، بري بأنه "بلطجي" في شريط فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين عشية وضحاها.
ورد أنصار بري الغاضبون قائلين إن باسيل تجاوز كل "الخطوط الحمراء"، واحتج مؤيدو حركة أمل بإشعال إطارات سيارات في بيروت.
وتفاقمت الأزمة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما وقع عون مرسوما يقضي بترقية العشرات من ضباط الجيش الموالين له دون توقيع وزير المالية الشيعي علي حسن خليل، وهو عضو في حركة أمل التي يتزعمها بري ومن أقرب معاونيه. وقال بري إن عون تجاوز سلطاته على حساب الطوائف الأخرى بقيامه بترقية ضباط موالين له.
وأدى هذا الخلاف إلى تبديد لحظة الوحدة الوطنية النادرة التي أنقذت لبنان من الصراع خلال الأزمة التي نجمت عن استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري المفاجئة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي تراجع عنها لاحقا.
وأعرب باسيل عن أسفه في تصريحات نقلتها جريدة "الأخبار اليوم" الاثنين، لكن هذا الاعتذار لم يؤدِّ لنزع فتيل التوتر الذي هز أيضا تحالف عون مع مليشيا "حزب الله" الشيعي المدعوم من إيران الذي تربطه ببري علاقات أعمق.
وقال مصدر سياسي قريب من بري إن الخلافات مع عون "مفتوحة على كل الاحتمالات إلى حد شل البلد"، لكنه لم ير أي خطر على السلم في البلاد. وقال المصدر "لن نسمح بإعادة الفوضى".
وكان عون وبري وكلاهما في الثمانينيات من عمره على طرفي نقيض إبان الحرب الأهلية، وقد انتهت الحرب في عام 1990 عندما أجبر الجيش السوري عون، الذي كان يترأس إحدى الحكومتين المتنافستين، على مغادرة القصر الرئاسي إلى المنفى.
وخرج بري من الحرب الأهلية كأحد أقوى الشخصيات في لبنان، وعاد عون إلى البلاد في عام 2005 عقب انتهاء فترة الهيمنة السورية بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بأصابع حزب الله الإرهابي، والذي أدى إلى ضغط دولي على دمشق لسحب قواتها من لبنان.
وبدعم من تحالفه مع "حزب الله" حقق عون أخيرا طموحه منذ فترة طويلة بأن يصبح رئيسا للبلاد في عام 2016، في صفقة أدت إلى تولي سعد الحريري منصب رئيس الوزراء، وكان بري ونواب حركة أمل من بين قلة لم تؤيد ترشيح عون.
وأكد الحريري، من كبار الساسة اللبنانيين السنة، أنه يعمل على "مبادرة" لإنهاء المواجهة، وقال في ختام لقاء مع عون في قصر الرئاسة إن "الأمور تتجه إلى التهدئة والإيجابية، فالبلد ليس في حاجة إلى تصعيد ولا إلى تأزيم".
إلا أن محللين أكدوا أن الخلاف بين عون بري قد يستمر حتى الانتخابات البرلمانية أو بعدها، لسببين: الأول المباشر أننا نحن عشية الانتخابات النيابية والجميع يهدف إلى الحشد، الثاني أن هناك خلافا على السلطة والمسؤوليات بين الطوائف المختلفة".
ومن المتوقع أن تجري الانتخابات البرلمانية وهي أول انتخابات تشريعية في لبنان منذ عام 2009 في كل الأحوال، وقد أرجأت الحكومة مرارا الانتخابات بسبب الخلافات السياسية حول قانون الانتخاب.
ويهدف باسيل، (47 عاما) رئيس التيار الوطني الحر الذي أسسه عون، إلى الحصول على مقعد في البرلمان في الانتخابات، بعد ما فاز التيار بأكبر عدد من المقاعد المسيحية في انتخابات عام 2009.
aXA6IDMuMTM4LjEzNS4yMDEg جزيرة ام اند امز