لبنان 2017.. تفاهمات سياسية ناشدت استقرارا أجهضه حزب الله
2017 كان عام إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان لكنه مر مخلفا أزمات سياسية كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي نتيجة توغل حزب الله
يمكن اعتبار عام 2017 عام إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان؛ فبعد أكثر من سنتين على شغور الموقع الأول في الدولة، توصل الفرقاء إلى تسوية سياسية كبيرة جاءت بميشال عون، رئيساً للجمهورية، وبخصمه وحليفه الجديد سعد الحريري رئيساً للحكومة.
وسار لبنان في تناقضات كبيرة طوال أشهر السنة، إذ بدأ عون عهده باستعداد لإصلاح العلاقة مع دول العربية، بعد أن تردت بفعل سياسات مليشيا حزب الله الإرهابي وتدخله في شؤونها.
وقرر أن تكون أولى زياراته إلى المملكة العربية السعودية، حيث التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأعلن أن لبنان سيعمل على إزالة كل رواسب الفترة السابقة.
لكن الإيجابية لم تدم، فخلال زيارته إلى مصر أعلن عون تمسكه بسلاح مليشيا حزب الله وأهميته، وهذا ما اعتبر انقلاباً على موقفه في المملكة، ومثّل رسالة سلبية.
وعلى إيقاع هذا التناقض، سارت سياسة لبنان الخارجية التي تأرجحت بشكل إيجابي تارة، وبطريقة سلبية أطواراً أخرى.
وكاد العام أن يسدل ستارته على أزمة سياسية كبرى، لو لم يتراجع رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته التي أعلنها في نوفمبر/تشرين الثاني احتجاجا على تدخلات إيران عبر بوابة مليشيا حزب الله في لبنان.
إنجازات رغم الأزمات
وما بين تشكيل حكومة الحريري أوائل سنة 2017، واستقالته في نهايتها، حقق لبنان إنجازات متعددة، تجلّت أولاً بإقرار قانون انتخابي جديد، وقام مجلس النواب بتمديد ولايته لمدة 11 شهراً إلى حين إتمام الإجراءات اللوجستية لإجراء الانتخابات.
ووصف الداخل اللبناني القانون بأنه نقلة نوعية وعصرية على صعيد قوانين الانتخاب، لأنه وللمرة الأولى منذ الاستقلال يقر قانوناً انتخابياً على أساس النسبية، وقسّم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، مع تسجيل إصلاحات متعددة أبرزها السماح للمواطنين اللبنانيين المغتربين بالإدلاء بأصواتهم.
لكن مقابل هذه الإيجابية، لا تزال البنود الإصلاحية حول قانون الانتخاب غير متفق عليها بين الفرقاء السياسيين، فيما هناك من يصف القانون الجديد بأنه معقد وهجين وغير مفهوم، هناك من يعتبره يعزز النزعة الطائفية.
ما أبرز عرّابيه وهم تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ، فهما يهمسان بأنهما يريدان إدخال بعض التعديلات عليه، بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي بأن النتائج لن تكون لصالحهما كما يتمنيان، لكن هناك معارضة كبرى لأي تعديل، والانتخابات ستحصل في مايو/ أيار عام 2018، على أساس القانون كما هو.
أما على الصعيد الأمني فخاض الجيش اللبناني معارك شرسة ضد مسلحي تنظيم داعش الارهابي، لتحرير ما تبقى من الجرود الحدودية مع سوريا.
كما أن القضاء اللبناني كان على موعد مع عدة استحقاقات منها اصدار المحكمة العسكرية الحكم بعقوبة الإعدام على الموقوف أحمد الأسير، المتهم بقتل عدد من عناصر الجيش اللبنانية، فيما صدرت أحكاماً بإعدام 8 أشخاص آخرين إضافة إلى حكم غيابي بحق الفنان المعتزل فضل شاكر بالسجن 15 سنة وتجريده من حقوقه المدنية.
كذلك أصدر المجلس العدلي حكماً بالإعدام بحق حبيب الشرتوني، ونبيل العلم، في قضية اغتيال الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل، بعد 35 عاماً على تنفيذ عملية الاغتيال.
أزمات مستمرة
إنجاز جديد حققه اللبنانيون في عام 2017، وهو إقرار مرسوم "التلزيمات النفطية"( تراخيص التنقيب) وتلزيم 3 شركات فرنسية وإيطالية وروسية لبدء العمل بالتنقيب عن النفط، فيما أعلن رئيس الحكومة العمل على إقرار خطة جديدة للكهرباء والاتصالات ولكن لم تتمكن الحكومة من إقرارها في هذه السنة.
لكن استمرت أزمات الاتصالات والكهرباء والنفايات استمرت دون إيجاد أية حلول ملائمة لهما، وبدون أفق واضح لإيجاد هذا الحل في سنة 2018.
أما الإنجاز الأهم في تسوية الـ2017، فكان إقرار موازنة مالية عامة للبلاد بعد 12 سنة على إقرار آخر موازنة، فقد تم هذا التوافق بفعل تسوية سياسية كبرى، أدت إلى تنظيم الإنفاق، وتأجيل إنجاز قطع الحساب لسنة، مع اقتراح حل لسلسلة الرواتب والرتب (الدرجات الوظيفية) ما أدى إلى رفع رواتب العاملين في القطاع العام، ولكن من دون إدخال الحل في صلب هذه الموازنة، بل عبر توفير موارد مالية خارجة عنها من خلال فرض ضرائب.
السياسة الداخلية والخارجية
وعلى الصعيد السياسي المحلي والتحالفات السياسية تمهيداً للانتخابات، بعض المعطيات تشير إلى أن تيار المستقبل سيتحالف مع التيار الوطني الحر في الانتخابات المقبلة، فيما يستمر الخلاف بين المستقبل وحليفه الأساسي القوات اللبنانية، مع ترك المجال أمام المساعي لإعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فدخل لبنان عام 2017، في أزمة سياسية مع دول عربية، بسبب غطاء شرعي يتدثر به الحزب الإرهابي؛ كونه مشارك في الحكومة وتحالفه مع الرئاسة اللبنانية.
غير أن سنة 2017 تطوي أوراقها على مرحلة لبنانية فاصلة إذ ستكون السنة الجديدة 2018، سنة مفصلية في محطات متعددة، لا سيما في مشاريع إنمائية سيطرحها الحريري وهي بقيمة حوالي 16 مليار دولار لإنماء مختلف المناطق، وسياسياً ستكون مفصلية بسبب انطلاق الانتخابات النيابية ومن ثم تشكيل البرلمان الجديد الذي ستفرزه نتائج هذه الانتخاب وما ستكون عليه التوجهات السياسية المقبلة.