تتجلى في اللقاءات التشاورية والزيارات المتبادلة والاتصالات الحثيثة بين زعماء كل من السعودية والإمارات ومصر والأردن خاصةً.
استراتيجيات تعزيز المحور العربي وإعادة ترتيب البيت العربي في مواجهة التدخلات الإقليمية التي أحدثت خللا في موازين القوى طوال العقد الماضي، منذ العام 2011 عام الخريف العربي بامتياز.
وقد جاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الأردن، واستقبال سموه لدى وصوله مطار "ماركا" من قبل صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، جاءت هذه الزيارة لتعكس عمق وقوة العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين البلدين، مع ما تمثله من تشابك مصالح جيوسياسية مصيرية مع جميع كيانات الأمة العربية الواحدة في السراء والضراء، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية كأكبر كيانين عربيين بهما تقوى شوكتنا ويتعزز تلاحمنا.
ومن أصدق ما يمكن أن نقرأه في ذلك، ما قاله الملك عبدالله الثاني في تغريدته على تويتر: "سررت بزيارة الشيخ محمد بن زايد إلى عمان"، مضيفاً "في كل لقاء يجمعني مع أخي العزيز أبي خالد، يكون العنوان الأبرز خدمة بلدينا وشعبينا الشقيقين، وقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية".
فعلا فإنّ مثل هذا التواصل ما هو أداة استراتيجية لتعزيز القوة العربية الواحدة، ولتقوية أواصر العلاقات المشتركة بين الأشقاء، وصولاً إلى اقتدار عربي نستطيع تلمّس سماته وملامحه في الكثير من المستجدات التي أبرزها التأثير المصري الواضح في قضايا عربية ملحة، كان الفعل العربي غائباً عنها طوال العقد المنصرم ببركات ربيعهم العربي المزعوم، الذي استهدف الجهد العربي في الصميم، فسرق منا عواصم عربية فاعلة كدمشق وبغداد، واستلب منا عواصم عربية عزيزة كصنعاء وبيروت، وتَرَكنا أسرى مقولة "أُكلتُ يوم أُكلَ الثور الأبيض" نصارعُ أهواء قوى إقليمية، ونحن نعلم يقيناً أن قوّتنا في وحدتنا، ومنعتنا في تطهير صفوفنا من أتباع الإخوان وأصحاب الأجندات الإقليمية المشبوهة، وهما الطامعان بثرواتنا ومواردنا ومقدراتنا.
فلا يخفى على أحد أنّ مصر عادت أم الدنيا وعاصمة القرار العربي المؤثر حرباً وسلماً، وأن السودان اليوم ليس كما كان عليه في الأمس القريب، فها هو يستعيد وحدة أرضه بالسلم والتصالح، ويقوي مؤسسات دولته ويعزز اقتصاده بتعاون الأشقاء الحلفاء والأصدقاء، وها هي ليبيا على طريق استعادة وحدتها وطرد المرتزقة عن ترابها الوطني، وسوريا على طريق استعادة دورها ومكانها ومكانتها، وها هو العراق يصرُّ على ديمقراطية انتخاباته سبيلا وحيداً لاستعادة قراره وسيادته ومنع التدخل الخارجي في قراره.
كل هذه الملامح البهية ما هي إلا انعكاس حرفي لوحدتنا وقوتنا واستقلالية قرارنا العربي السيادي، بل وصوابية رؤيتنا العربية المشتركة تجاه قضايا الأمة، وفي مقدمها قضية فلسطين التي لن تحل بالمزايدات والمتاجرة، بل بالعمل الدبلوماسي الضاغط في سبيل حل الدولتين بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة