باكستان.. وضع اقتصادي حرج وصندوق النقد الخيار الوحيد
باكستان حاليا على شفير أزمة في ميزان مدفوعاتها، تهدد استقرار عملتها وقدرتها على تسديد ديونها ودفع ثمن وارداتها.
يرث رئيس الوزراء الباكستاني المقبل، الذي يرجح أن يكون بطل الكريكيت السابق عمران خان، وضعا اقتصاديا حرجا لن يترك له برأي المحللين سوى خيار واحد هو طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
وباتت باكستان حاليا على شفير أزمة في ميزان مدفوعاتها، تهدد استقرار عملتها وقدرتها على تسديد ديونها ودفع ثمن وارداتها.
وسجل العجز في الموازنة ارتفاعا متواصلا خلال السنوات الخمس الأخيرة فازداد من 4 إلى 10% من إجمالي الناتج الداخلي، بسبب زيادة الواردات مقابل ارتفاع طفيف في الصادرات.
نتيجة لذلك، تراجعت احتياطات هذا البلد من العملات الأجنبية إلى 9 مليارات دولار، ما يغطي أقل من شهرين من الواردات.
وتم تخفيض قيمة العملة الوطنية أربع مرّات منذ كانون الأول/ديسمبر، ما يزيد من حدّة التضخّم.
وقال وزير المالية السابق حفيظ باشا: "خلال السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة، اقترضنا بوتيرة جنونية. والآن، حان وقت التسديد. لكننا لم نعد نملك احتياطات"، مضيفا: "لقد بلغنا القعر".
لجأت باكستان 12 مرة إلى صندوق النقد الدولي منذ نهاية الثمانينيات. ويعود آخر قرض حصلت عليه من المؤسسة الدولية إلى عام 2016 وكان قدره 6.6 مليار دولار لتسوية أزمة مشابهة.
وقال مدير مكتب "إينسايت سيكيوريتيز" للدراسات زيشان أفضل إن باكستان اليوم "بحاجة إلى 12 مليار دولار".
غير أن إسلام آباد لم تنته بعد من تسديد قرضها السابق، ما قد يحد من هامش المناورة المتاح لها حاليا مع صندوق النقد الدولي.
واعتبر دبلوماسي أن "إسلام آباد تراهن على 6.5 مليار دولار حدا أقصى، على أمل أن ينعكس ذلك إيجابا على ثقة الأسواق".
وتواجه باكستان مشكلة أخرى، هي التوتر الذي يسيطر حاليا على علاقاتها مع الولايات المتحدة، المساهم الأكبر في صندوق النقد الدولي.
وحذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الإثنين: "سندقق فيما يقوم به صندوق النقد الدولي"، ملمحا إلى أن إسلام آباد تسعى للحصول على أموال لسداد مستحقات للصين التي تنفذ برنامج استثمارات مكثفا في هذا البلد.
وقال أسد عمر، الذي يرجح أن يعين وزيرا للاقتصاد في الحكومة المقبلة، الخميس لصحيفة "فايننشال تايمز": "ستكون لدينا أسابيع وليس أشهر للتحرك حيال هذه المشكلة".
وتابع: "في الوقت الحاضر، إننا ننظر في جميع الخيارات" في حين لم يتوصل عمران خان حتى الآن لتشكيل ائتلافه المقبل بعد أسبوع على الانتخابات".
ولفت إلى احتمال خصخصة جميع الشركات العامة وبينها شركة الخطوط الجوية الوطنية التي تعاني من عجز هائل، وهو ما سيثير حتما استياء اجتماعيا.
وتخشى إسلام آباد من أن تكون الشروط المرفقة بأي قرض جديد والتي تمليها واشنطن، أكثر صرامة بكثير من عام 2013، في ظل تدهور العلاقات بين البلدين.
وإزاء العجز في الميزان التجاري، قد يسعى عمران خان للحد من الواردات. لكن مثل هذه التدابير التي سبق أن جربتها باكستان لم تأت بنتيجة في بلد لا يضبط حدوده بشكل جيد وتنشط فيه العديد من شبكات التهريب.
غير أن البنك الدولي صنف باكستان العام الماضي في المرتبة 147 من حيث بيئة الأعمال فيها، من أصل قائمة تضم 190 بلدا.
وقد تدرس إسلام آباد إمكانية خفض قيمة عملتها مرة جديدة، ما سيزيد أسعار الواردات ويحفز الصادرات، لكن حفيظ باشا حذر من أن ذلك "سيشرد المواطنين" متوقعا "ستكون هذه نهاية عمران خان".