غزيون في مصر يرفضون التهجير: الأرض أولوية رغم الدمار
رغم مرور أكثر من أسبوعين على بدء الهدنة في قطاع غزة، فإن آلاف الغزيين الذين سافروا إلى مصر في بداية الحرب ما زال مصيرهم غامضا.
ويجهل هؤلاء الغزيون موعد عودتهم إلى منازلهم التي دمرتها الحرب، ورغم ذلك فإنهم يتفقون على رفض مقترح النزوح الجماعي الذي اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتقول شروق التي تعمل في بيع الأطعمة الفلسطينية في القاهرة تحت اسم (البنت الغزاوية) "كثير في (يوجد) ناس مشتتة.. أنا واحدة منهم الصراحة.. هل بتختاري ترجعي بلدك تجلسي على الركام؟ أقعد في مكان لسه بدو يتعمر (ما زال بحاجة لإعمار)؟ ولا مثلا أضلني وأرجع لما (عندما) يتعمر؟".
وسواء تمكنت شروق من العودة إلى منزلها قريبا أم لا، فإنها لا تريد أن يُنقل فلسطينيون مثلها للعيش خارج أراضيهم.
وأضافت: "إحنا (نحن) شعب غزة منقدرش نعيش غير فيها".
واقترح ترامب إجلاء معظم سكان غزة ونقلهم بصورة جماعية إلى مصر والأردن، لكن هذا المقترح لقي رفضا واسعا من العالم العربي باعتباره شكلا من أشكال التطهير العرقي.
وقال ترامب: "نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص، ونقوم بتطهير المنطقة (التي عصفت بها الحرب) برمتها". وعند سؤاله عما إذا كان ذلك حلا مؤقتا أم طويل الأمد، قال "يمكن أن يكون هذا أو ذاك".
وتقول مصر إنها لن تشارك أبدا في النزوح الجماعي للفلسطينيين، الذي وصفه الرئيس عبدالفتاح السيسي بأنه "ظُلم".
ولكن يوجد بالفعل نحو 100 ألف فلسطيني في مصر يقولون إنهم لا يعلمون كيف ومتى سيتمكنون من العودة لمنازلهم.
وخلال الحرب في غزة، كانت حدود القطاع مغلقة في معظم الأوقات مما جعل الغالبية العظمى من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى واضطروا للعيش في أماكن إيواء مؤقتة داخل القطاع.
لكن كانت هناك أوقات سُمح فيها لبعض الأفراد بالمغادرة، ومنهم فلسطينيون مزدوجو الجنسية وأقاربهم والمرضى المصابون بأمراض خطيرة الذين جرى إجلاؤهم لأسباب إنسانية.
ولا يملك أغلب الفلسطينيين في مصر تصريحا يسمح لهم بالبقاء لفترة طويلة ويعتبرون إقامتهم مؤقتة ويعتمدون على أعمال تجارية بسيطة أو مدخرات للبقاء، لكن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في يناير/كانون الثاني الماضي لم يحسم مصيرهم بعد.
ويقول البعض إنهم سيعودون إلى قطاع غزة بمجرد أن تتاح لهم الفرصة.
ويقول حسين فرحات، وهو أب لطفلين "مفيش زي (لا يوجد مثل) بلاد الواحد وأرضه".
لكن آخرين يقولون إن القرار أكثر تعقيدا في ظل عدم وجود منزل يعودون إليه.
وقالت عبير كمال، التي تعيش في القاهرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وتبيع حقائب مصنوعة يدويا مع شقيقاتها "حتى لو وقفت الحرب، إحنا لحد الآن مش عارفين مصيرنا. ماحدش جاب سيرة (لا أحد ذكر) العالقين في القاهرة. هنرجع ولا شو هيصير فينا (ماذا سيحدث)؟ وحتى لما هنرجع، هنروح وين (نذهب إلى أين)؟ بيوتنا راحت".
وأضافت "مفيش ولا حاجة ولا بيتي ولا بيت أهلي ولا إشي (ولا شيء)".
وشنت إسرائيل حربها الشاملة على غزة بعد أن اقتحم مسلحون من حركة حماس الفلسطينية بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 مما أدى وفقا لإحصاءات إسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.
وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن الحرب الإسرائيلية قتلت منذ ذلك الحين أكثر من 47 ألف فلسطيني ودفعت معظم سكان غزة إلى ترك منازلهم ودمرت مساحات شاسعة من القطاع.
ورغم أن أهل غزة في مصر قد تكون لديهم خطط شخصية مختلفة، فإنهم جميعا اتفقوا على رفض أي مقترح من جانب ترامب لإجلاء أعداد كبيرة من الفلسطينيين من غزة.
وقال فارس محمود وهو من سكان غزة ويقيم في القاهرة "هي أرضنا مش (ليست) أرضه.. إحنا (نحن) نطلع منها وقت ما بدنا (نريد) ونرجع إلها وقت ما بدنا. يعنى أرضنا هذه وأرض أجدادنا وآبائنا وإحنا (نحن) يعني مستحيل نتخلى عنها. يحكي إلي يحكيه (يقول ما يشاء)".
aXA6IDE4LjIxNy4xMS4xNjgg جزيرة ام اند امز