"نيران روجر".. رصاص إسرائيلي يفتك بالفلسطينيين
يدعي جيش الاحتلال أن الأعيرة النارية التي يطلق عليها الفلسطينيون "توتو" غير قاتلة، رغم التأكيدات الحقوقية بخطورة هذا النوع من الرصاص
رصاصة مباشرة في البطن أطلقها قناص إسرائيلي، كانت كافية لتقتل الطفل الفلسطيني فهد الأسطل خلال مشاركته في مظاهرة قرب السياج الأمني الفاصل المحاذي لجنوب قطاع غزة.
في الحادثة التي وقعت الجمعة الماضية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استخدم "نيران روجر" ضد المتظاهرين فقتل الطفل الأسطل وأصاب 7 آخرين منهم 5 أطفال بجروح.
يدعي جيش الاحتلال أن نيران روجر، التي تطلق أعيرة يطلق عليها الفلسطينيون "توتو"، هي نيران غير قاتلة، ولذلك يوظفها في قمع المظاهرات السلمية، رغم التأكيدات الحقوقية بخطورة هذا النوع من الرصاص.
سلاح فتاك
ويوضح كريم جبران، مدير البحث الميداني في مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم"، أن رصاص التوتو هو رصاص بعيار 2.2 ملم وقطره صغير جدا.
وقال جبران، لـ"العين الإخبارية"، إن "الجيش الإسرائيلي يزعم أن هذا النوع من الرصاص وسيلة غير مؤذية، لكن التجربة أثبتت أنه لا يقل عن الطلق الناري العادي وخطورته أنه يطلق من قبل قناصة، ما يعني وجود تعمد في الاستهداف".
وأضاف "الجيش الاسرائيلي يعتبر نيران روجر أو التوتو وسيلة سلمية مثل المطاط والصوت، لكن عمليا ثبتت أن ذلك غير صحيح وهناك قتلى وإصابات بالغة جراء استخدام هذا النوع من السلاح".
واعتبر أن "إعلان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن استخدام رصاص توتو محاولة لإظهار استخدام رصاص خفيف ضد المتظاهرين، لأنه طال الأطفال للتخفيف من حجم الانتقادات حول استهداف الأطفال العزل"، مؤكدا أن "كل الوسائل التي يستخدمها الجيش والشرطة تلحق الأذى".
ووفق تقارير إسرائيلية يُطلق رصاص "التوتو" من بندقية تسمى "روجر"، تتوفر لدى فئة القناصين في الجيش الإسرائيلي، ما يعني أن الرصاص يتم توجهيه لمناطق حساسة وقاتلة، وفق جبران.
تخفيف القيود على إطلاق النار
وأكد أنه اتضح من تحقيقات بتسيلم، أن هناك تدريجيا للقيود المفروضة على إطلاق النار، مما يؤدي إلى التوسع المتواصل في استخدام هذا السلاح، الذي يقدم بشكل زائف كسلاح غير فتاك يصلح للاستخدام كوسيلة لمجابهة خروقات النظام.
وأشار إلى أنهم وثقوا استخدام قناصة الاحتلال بانتظام رصاص "توتو"على الفلسطينيين في العديد من أنحاء الضفة الغربية، خاصة في الظروف التي لا تشكّل خطرا على الحياة والحالات البعيدة جدا عن تلك التي يسمح القانون فيها باستخدام الذخيرة الحية.
وقال "الحقائق التي لا لبس فيها هي أن الحديث يدور حول سلاح فتّاك، تقدّمه السلطات بشكل زائف كوسيلة محتملة لمجابهة المظاهرات".
تشخيص طبي
ووفق أطباء فلسطينيين، شخصوا حالات إصابات برصاص التوتو، فإن مدخل الرصاصة ومخرجها يكون صغير الحجم مقارنة بغيره، من أنواع الرصاص، ويتسبب بحروق بمكان الإصابة.
وعند إصابة رصاصة "التوتو"، أي جسم صلب تتشظى إلى أجزاء صغيرة، وتنتشر في المكان المصاب، ومن ثم تزيد خطورتها.
ويوضح الدكتور سامي أبوسنيمة، رئيس قسم الأوعية الدموية في مستشفى غزة الأوروبي، لـ"العين الإخبارية"، أنه تعامل في الجمعة الماضية مع إصابة محيط قطر الرصاص نص سنتيمتر فقط وكانت خطيرة، في إشارة لحالة الأسطل الذي وصل إلى المشفى بحالة حرجة قبل أن يعلن وفاته متأثرا بالإصابة.
وأكد أن "كل أنواع الرصاص المستخدم من جيش الاحتلال قاتلة.. ولا يوجد رصاصة لم تصب عضوا حساسا من جسم الإنسان لا تؤدي لقتله خصوصا في الشريان الأورطي والرئة"، مدللا على ذلك بأن بعض الشهداء سقطوا نتيجة إصابتهم بقنابل غاز مباشرة.
مدخل صغير وأثر كبير
وأشار أبوسنيمة إلى أنه منذ بدأ التعامل مع الإصابات الناجمة عن الاستهداف الإسرائيلي في عام 2001 (إبان انتفاضة الأقصى) كان مدخل الرصاصة يؤدي إلى فتحة قطرها نص سنتيمتر فقط، أما في السنوات الأخيرة فأصبح قطرها من 7 إلى 10 سنتيمترات قبل أن يعود إلى ورود حالات من القطر الصغير.
ويبين مسعف تعامل مع الإصابات الأخيرة وفضل عدم ذكر اسمه لـ"العين الإخبارية" " أن "مدخل الرصاصة لا يزيد عن حجم حبة نصف سنتميتر أقل من حجم الحمص، وتظهر ما يشبه الحروق على المدخل، ويكون أثره كبيرا داخل الجسم المصاب، حيث يصاحبه نزيف كبير للدماء".
وأشار إلى أن هذا النوع يطلق من قناصة ويكاد لا يكون هناك صوت للرصاصة عند إطلاقها بما يشبه استخدام كاتم الصوت.
أسلحة قاتلة
ويؤكد سعيد البطة، المستشار القانوني لوزارة الصحة الفلسطينية، أن "تقارير الطب الشرعي تفيد بأن استشهاد الفلسطينيين كان بمختلف أنواع الرصاص ومختلف أحجامه لا فرق بينها، كلها تؤدي للقتل خصوصا إذا أصابت أعضاء حساسة".
واعتبر البطة، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "الاحتلال يروج لاستخدام ذخائر معينة بادعاء أنها غير قاتلة وغير مؤذية، في محاولة للإفلات من أي ملاحقة قضائية للجنود والضباط القتلة وللمسؤولين عن إصدار أوامر إطلاق النار القاتلة.
وشدد على أن "ذلك محاولة إسرائيلية لتضليل العدالة الدولية"، مشيرا إلى أن "كثيرا من الفلسطينيين استشهدوا بسبب إصابتهم بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المغلف بالمطاط، الذي يزعم جيش الاحتلال أنهما لا يؤديان لإصابات بليغة وقتل".
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMTM0IA== جزيرة ام اند امز