"انتفاضة الحجارة".. 32 عاما على نضال الفلسطينيين
انتفاضة الحجارة عززت ثقة الفلسطينيين بقدرتهم على الفعل وتحقيق إنجازات حقيقية على صعيد الحرية ومقاومة المحتل.
بعد 32 عامًا على انطلاقها، لا تزال انتفاضة الحجارة حاضرة في وجدان الفلسطينيين، كفعل نضالي، ملهم، ومحطة مهمة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
ويؤكد خالد منصور، القيادي في حزب الشعب الفلسطيني، أن انتفاضة الحجارة عززت ثقة الشعب الفلسطيني بقدرته على الفعل وتحقيق إنجازات حقيقية على صعيد الحرية ومقاومة المحتل.
فلسطين على أجندة العالم
وأشار منصور في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن الانتفاضة وضعت القضية الفلسطينية على أجندة الرأي العام الدولي ما دفع العالم لممارسة ضغوط على إسرائيل للشروع في مفاوضات لإنهاء الاحتلال؛ حتى وصلت بالفلسطينيين إلى اتفاقية أوسلو التي قادت لتشكيل السلطة الفلسطينية.
واندلعت شرارة انتفاضة الحجارة في 8 ديسمبر 1987، بعد تشييع الفلسطينيين 4 عمال من بلدة جباليا شمال غزة، قضوا في حادث سير "متعمد" وقع بين سيارتهم ومقطورة إسرائيلية خلال عودتهم من العمل داخل إسرائيل.
ويومها عمّت المظاهرات بلدة جباليا ومخيمها، الأكثر اكتظاظا في قطاع غزة؛ تخلل ذلك رشق الآلاف من الشبان جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة، وإشعال إطارات السيارات، قبل أن تمتد المظاهرات لكل المدن والمخيمات الفلسطينية.
ومع مرور الأعوام تطورت أدوات الانتفاضة، ووصلت إلى تنفيذ بعض العمليات المسلحة مطلع التسعينيات، لتنطلق معها المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية التي سرعان ما توجت عام 1993 بتوقيع اتفاقية أوسلو التي شكلت بموجبها السلطة الفلسطينية.
ويرى منصور أن إسرائيل أثبتت بالدليل الملموس أنها لا تريد السلام، وإنما تراهن على إطالة أمد المفاوضات لتحقيق أهدافها على حساب الهدف الوطني الفلسطيني وذلك بدعم أمريكي واضح.
الانتفاضة في 1987 تؤكد -بحسب منصور- أن أساليبها النضالية ذات جدوى وفعالية تؤذي الاحتلال وتشكل قوة تأييد عالمية مع الشعب الفلسطيني أكبر من المفاوضات التي تراهن عليها إسرائيل لتحقيق أهدافها التدميرية.
ووفق معطيات فلسطينية؛ فإن عدد الشهداء الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال أثناء انتفاضة الحجارة بلغ 1162 شهيدًا، منهم نحو 241 طفلًا، بالإضافة إلى 90 ألف جريح، وتدمير ونسف 1228 منزلًا، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية.
واعتقلت قوات الاحتلال حينها ما يقارب من 60 ألف فلسطيني من القدس والضفة والقطاع وفلسطينيي الداخل، وفق إحصائية لمركز الأسرى للدراسات.
إحياء الهوية الوطنية
وقال الكاتب ثائر أبو عطيوي، إن الانتفاضة أعادت إحياء الهوية الوطنية الفلسطينية، وشكلت حالة تعبئة وطنية للشارع الفلسطيني الذي باتت مقاومته جماهيرية عامة بعكس ما قبل انطلاقتها حيث كانت المقاومة تتسم بالفردية.
وقال عطيوي لـ"العين الإخبارية": إن الانتفاضة كسرت هيبة الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح وهزمت الجيش بحجارة الأطفال ومقاليعهم.
تحقيق 4 معالم
ويذهب ثائر أبو عطيوي إلى أن الانتفاضة حققت 4 معالم سياسية مهمة، أولها إنجاز إعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988 الذي جاء ثمرة لتلك الانتفاضة.
وأضاف أن الإنجاز الثاني هو توقيع اتفاق أوسلو، حيث أجبرت الانتفاضة زعماء العالم للإذعان لمطالب الشعب الفلسطيني ودفعتهم لتبني ضرورة حل القضية الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية، وهو ما توج في اتفاق أوسلو.
أما الإنجاز الثالث بحسب عطيوي؛ أن الانتفاضة نقلت الرواية الفلسطينية للعالم من شوارع الضفة والقدس وغزة مباشرة ودون أجندة سياسية أو تجميل إلى العالم بأسره.
كما أنها وحدت الموقف الفلسطيني؛ إذ وضعت كل الأطر الفلسطينية في بوتقة واحدة ضمن إطار وطني واحد وتحت راية واحدة وهدف واحد.
هل يمكن تجديدها؟
ومن جانبه أشار الكاتب نبيل دياب إلى أن الانتفاضة الشعبية التي استمرت 6 سنوات متواصلة، تجلى خلالها الوجه الحقيقي للإنسان الفلسطيني التواق للحرية الرافض للذل والهوان فمضت وحققت العديد من الإنجازات العظيمة.
وأوضح أن انتفاضة الحجارة استطاعت إعادة تفعيل القضية الفلسطينية في المحافل الدولية وتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني من عنصرية وفاشية الاحتلال، إضافة إلى أنها بددت وهم الاحتلال بأن هذا الشعب قبل التدجين والاحتواء.
وأكد أهمية الثقافة التي أنتجتها الانتفاضة والاستفادة منها بتعميمها في الجامعات والمدارس وفي كل تجمع من التجمعات الفلسطينية لاسيما الشبابية.
وقال إن الذكرى تأتي في أوج المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية العادلة بمحاولة شطبها وخلق الحلول المجتزأة والمنقوصة، داعيا إلى استقاء الدروس من تجربة الانتفاضة التي لم تحقق خلاصا كاملا من الاحتلال بل أماطت اللثام عن وجهه العدواني الإجرامي.
وأضاف "علينا استقاء التجارب في العديد من المستويات، أولها كيفية التلاحم والقدرة على تعزيز الصمود الوطني كي نستطيع استنهاض طاقات الجماهير لتأخذ زمام المبادرة من جديد لمواجهة تلك المخاطر".
وتساءل عن إمكانية تجديد تلك التجربة النضالية كإحدى أبرز وسائل المقاومة الشعبية والجماهيرية مع الأخذ بالاعتبار التحولات والتغيرات على الأصعدة كافة.
aXA6IDMuMTQ3Ljc2LjE4MyA=
جزيرة ام اند امز