متحف الحضارة بالقاهرة.. صرح يخلد ملوك مصر القديمة
يستعد المتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة لاستقبال 22 مومياء ملكية فرعونية، في واحدة من أهم الأحداث الأثرية بالقرن الـ21.
المومياوات المقرر نقلها إلى متحف الحضارة ترجع إلى عصر الأسر 17، و18، و19، و20، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، في ثاني حدث بعد نقل 17 تابوتاً ملكياً إليه خلال شهر يوليو/تموز 2020.
موكب المومياوات الملكية يشق طريقه من المتحف المصري في التحرير إلي المتحف القومي للحضارة المصرية يوم 3 أبريل/نيسان 2021، ويبدأ في تمام الساعة 5 عصراً بتوقيت القاهرة ويستمر حتى 9 مساء.
ويتزامن مع موكب المومياوات الملكي افتتاح القاعة الرئيسية وقاعة المومياوات بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بهدف الحفاظ على سلامة المومياوات.
"العين الإخبارية" تلقي نظرة على المتحف القومي للحضارة المصرية ومحتوياته وسبب اختيار مكانه وكل ما يتعلق بتأسيسه، وفقاً لما دونته وزارة الآثار المصرية عبر موقعها الرسمي.
موقع الفسطاط
يقع المتحف القومي للحضارة المصرية (NMEC) بمنطقة الفسطاط بالقاهرة، العاصمة المصرية الأولى بعد الفتح العربي الإسلامي.
اختيار الفسطاط لموقع المتحف يعتبر منطقياً، إذ تقع المنطقة على مفترق طرق التاريخ المصري، فتضم العديد من الكنائس والأديرة القبطية، والمتحف القبطي، ومعبد بن عزرا، وأول مسجد في مصر، مسجد عمرو بن العاص.
كما يمكن رؤية قلعة صلاح الدين من مساحات المتحف الخارجية المصممة للتأكيد على الموقع الفريد المطل على بحيرة عين الصيرة، آخر بحيرة طبيعية في القاهرة.
ويمتد المتحف القومي للحضارة على مساحة 33.5 فدان، منها 130 ألف متر مربع مبان، وجرى افتتاحه بشكل جزئي في عام 2017، وحالياً يضم 1600 قطعة من مختلف العصور تحكي عن حضارات مصر المختلفة.
يستوعب المبنى الضخم نحو 50 ألف قطعة أثرية تعكس الحضارة المصرية منذ عصور مصر القديمة ما قبل التاريخ وحتى التاريخ المعاصر ووقتنا الحاضر، ويضم مجموعة من المخازن لحفظ الآثار مجهزة بأحدث التقنيات.
متحف الحضارة يتضمن منطقتين منفصلتين، الأولى قاعة مركزية مرتبة زمنياً ويعرض بها نماذج من الحضارات التي مرّت على مصر، وتشمل الحضارة الفرعونية، اليونانية الرومانية، القبطية، العصور الوسطى، الحضارة الإسلامية، والحضارة الحديثة والمعاصرة.
أما المنطقة الأخرى المرتبة موضوعياً فتضم: الحضارة، والنيل، والكتابة، والدولة والمجتمع، والثقافة، والمعتقدات والأفكار، ومعرض المومياوات الملكية.
المبنى الاستشاري للمتحف صممه المعماري الدكتور الغزالي قصيبة، أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، أما قاعات العرض الداخلي فصممها المهندس المعماري الياباني أراتا إيسوزاكي.
شُيد المتحف بتمويل مصري كامل موزع بين صندوق إنقاذ آثار النوبة بنسبة 45%، والمجلس الأعلى للآثار بنسبة 55%.
بينما قدمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للجهات المصرية الدعم الفني في مجال التدريب، والاستشارات حول كيفية تنفيذ المتحف بطرق علمية حديثة.
افتتاح المتحف
أعلنت وزارة الآثار المصرية أنه من المقرر فتح المتحف القومي للحضارة المصرية أبوابه للجمهور يوم 4 أبريل/نيسان، لكن لن يتسنى للجمهور مشاهدة المومياوات حتى 18 من الشهر ذاته، الذي يوافق "يوم التراث العالمي".
السبب في تأخير الوزارة المصرية عرض المومياوات أمام الجمهور خضوعها لعملية فنية يتم خلالها تحضيرها أمام المشاهدات الحية.
وتشمل هذه العملية الفنية نقل المومياوات من "الكبسولة" التي نُقلت داخلها من المتحف المصري إلى التابوت المخصص لهؤلاء الملوك بمكانهم الجديد بـ"فاترينة العرض".
لم تغادر المومياوات المقرر نقلها المتحف المصري، الواقع في ميدان التحرير بوسط القاهرة، منذ بداية القرن الـ20، ومنذ خمسينيات القرن الماضي، كانت تُعرض بجانب بعضها البعض في غرفة صغيرة، من دون شرح أو توضيح تاريخي.
وأثناء نقلها، السبت، ستوضع المومياوات في أغلفة تحوي مادة النيتروجين، في ظروف شبيهة بتلك الموجودة في صناديق العرض، وستزود العربات التي تحملها بآليات لامتصاص الصدمات.
وبعد نقلها إلى موقعها الجديد بمتحف الحضارة، ستعرض المومياوات في صناديق أكثر حداثة، بهدف تحكّم أفضل في درجة الحرارة والرطوبة مقارنة بالمتحف القديم.
وستُقدم المومياوات بشكل فردي بجانب التوابيت الخاصة بها، في صورة تحاكي مقابر الملوك الفرعونية تحت الأرض، مع سيرة ذاتية لكل مومياء وصور الأشعة لبعض منها.
ووفقاً لما قاله عالم المصريات المصري، زاهي حواس، فإن "المومياوات ستقدم لأول مرة بطريقة جميلة، لأغراض تعليمية وليس من أجل الإثارة"، معتبراً "هيئتها المخيفة كانت سبباً في الماضي للزيارات القليلة".