اتفاقية باريس.. محاولة لإنقاذ الأرض من الانتحار
هل يكفي الحفاظ على انبعاثات الكربون داخل محيطك الإقليمي لتجنب شر التغيرات المناخية التي تلقي تبعاتها على الاقتصاد والصحة والسياسة أيضا؟
الإجابة بالنفي على هذا التساؤل دفعت العالم إلى التفكير في اتفاقية دولية لمواجهة هذه المشكلة، لإدراك الدول أنها حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية، بما يتطلب التنسيق الدولي لمساعدة الدول على التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وتولدت فكرة وجود اتفاقية دولية ملزمة من أجل التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون، أثناء مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي في باريس، في ديسمبر من عام 2015، حيث أدركت الوفود المشاركة بالمؤتمر أن الانبعاثات الكربونية ستؤدي بنهاية هذا القرن إلى زيادة درجات الحرارة العالمية بما يتراوح بين درجة واحدة ودرجتين، أي حوالي 1.5 – 2.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي.
وجاء لذك ليؤجج المخاوف من زيادة ذوبان الجليد في القطبين، وكانت الملاحظات التي أبداها المشاركون في المؤتمر أن الكم الأكبر من الانبعاثات العالمية يكون مصدره البلدان المتقدمة مقارنة بالبلدان النامية.
وأخذت الاتفاقية اسم المدينة التي تستضيف المؤتمر، وهي العاصمة الفرنسية باريس، وتم إقرارها في 12 ديسمبر 2015 من قبل كل الوفود الحاضرة.
وجاء التوقيع الرسمي عليها بعد نحو 4 أشهر من إقرارها خلال الاحتفال العالمي بيوم الأرض في 22 أبريل 2016، والذي استضافه مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ووقع 175 من رؤساء دول العالم على الاتفاقية تحت مسمي "اتفاقية باريس للتغير المناخي"، ودخلت حيز التنفيذ رسمياً بعد نحو 7 أشهر من التوقيع، وتحديدا في 4 نوفمبر 2016.
وواصلت دول أخرى الانضمام إلى الاتفاق ليصل عدد الدول إلى 195 دولة من بين 197 دولة أعضاء في مجموعة الأمم المتحدة للتغير المناخي، بغياب سوريا ونيكاراجوا.
وتنص الاتفاقية على التزام جميع الدول بمحاربة التغير المناخي، وتقليل مستوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى مستويات يمكن للأشجار والتربة والمحيطات امتصاصها بشكل طبيعي، وتضمنت 3 بنود رئيسية لتحقيق هذا الهدف وهي :
أولا: احتواء الاحترار العالمي لأقل من 2 درجة مئوية، مع السعي للوصول إلى 1.5 درجة.
ثانيا: مراجعة مساهمة الدول في خفض الانبعاثات كل 5 سنوات
ثالثا: مساعدة الدول الفقيرة من خلال توفير التمويل المناخي للتكيف مع تغير المناخ والتحول إلى الطاقة المتجددة، وتم وضع 100 مليار دولار أمريكي كحد أدنى للمساعدات المناخية للدول النامية سنويا، على أن يتم إعادة النظر في حجم هذا التمويل عام 2025 على أقصى تقدير.
وتلقت هذه الاتفاقية ضربة قاسمة مع اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية في الرابع من نوفمبر 2019 خطوات الانسحاب منها، وهو الأمر الذي وعد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حملته الانتخابية قبل أن يدخل البيت الأبيض، وانتظر حتى سمحت له بنود الاتفاقية ببدء الانسحاب.
ووفقا للمادة 28 من الاتفاقية يجوز لأي طرف الانسحاب منها بعد 3 سنوات من تاريخ بدء دخولها حيز التنفيذ، وهي الخطوة التي أتخذها ترامب، ورأى خبراء أنها ستعقد الجهود العالمية نحو تحقيق الأهداف المرجوة، والتي تتلخص في تجنيب ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين.
وبحسب التقديرات فإن الولايات المتحدة مسؤولة عن 15% من مجموع الانبعاثات الكربونية عالميا، كما أنها في الوقت ذاته المصدر الرئيسي للتمويل والتكنولوجيا التي تعتمد عليها الدول النامية في محاربة ارتفاع درجات الحرارة.
ورغم هذه الحالة من التشاؤم بسبب الموقف الأمريكي السلبي، عادت رياح الأمل لتداعب كل المشاركين في الاتفاقية مع إعلان فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، والذي أعلن أن العودة إلى الاتفاقية ستكون من أول القرارات التي سيتخذها فور دخول البيت الأبيض لتسلم مهام منصبه رسميا، والمقرر في 20 يناير 2021.
aXA6IDMuMTQ0LjEwOS4xNTkg
جزيرة ام اند امز